فى مقالتى اليوم أود أن أعرج على دور الخارج فى شؤون البلاد الإسلامية وكيف أن الغرب يقوم بالتحالف مع الأنظمة الاستبدادية والقمعية أو التآمر لقلب حكومة أو رئيس نال تأييد شعبي وليس من عملاء الغرب أو لا يريد السير أعمى وراء طلبات الدول الغربية لمنع بلادنا من تحقيق التنمية والبروز بالتقدم والرقي العلمي والزراعي والصناعي والاجتماعي وسط هذا العالم المهيمن عليه الغرب. .نظرية المؤامرة ليست كلام فى الهواء أو تضخيم الأمور أو القاء مسؤولية أوضاعنا المتخلفة والقهرية على الخارج للهروب من مسؤولية العمل على التخلص منها بكل السبل السلمية والثورية.نظرية المؤامرة حقيقة واضحة وضوح الشمس فى بعض الأحيان،خاصة وأن التآمر عادة ما يكون فى الغرف المغلقة والمظلمة.الدول الغربية صاحبة الفكر الاستعماري ورأسماليتها المتوحشة غير الإنسانية، لا تتوارى عن أستخدام كل المتاح لديها للسيطرة على وقهر الشعوب الإسلامية.تارة عبر الاستعمار العسكري كما حدث فى القرنين التاسع عشر والعشرين واليوم فى فلسطين والعراق وأفغانستان وتارة أخرى عبر تنصيب عملاء من الداخل لهم فى سدة الحكم لكى يقوموا نيابة عنهم فى تنفيذ مخططات التخلف والقهر والاستبداد واستنزاف الثروات الوطنية.وحين أعرج على دور عملاء الداخل فى خدمة الغرب أنقل اليوم هنا واقعة تعيشها تركيا حالياً – بدأت وقائعها عام 2008- تتمثل فى مواجهة حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة طيب أردوغان لتنظيم انقلابي دموي يسمى ب " أرجاناكون ". هذا التنظيم شبه العسكري أوضحت التحقيقات التى تقوم بها الهيئات القضائية أنه وراء محاولات لقلب حكومة العدالة والتنمية وأنه يتحرك فى الساحة التركية منذ عشرات السنين ومسؤولا عن جرائم لا حصر لها تتعلق بتنفيذ الاضطرابات العامة وتقليب الطوائف والأعراق على بعضها البعض، وإغتيال الشخصيات العامة وخطف المواطنين وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات وتحريض النقابات العمالية والاتحادات الطلابية على الاضرابات، بهدف قلب حكومة أو خلق مصاعب لها واحراجها أمام الرأى العام وكذا أمام المجتمع الدولي. فى عام 2008 نقلت وسائل الاعلام التركية خبر تورط بدر الدين ضالان ، رئيس بلدية إسطنبول الأسبق وقت حكومة حزب الوطن الأم (83-1991)، فى أعمال هذا التنظيم وأنه هرب خارج تركيا أو أنه كان فى زيارة لأمريكا وقت ورود أسمه فى لائحة الاتهام ومن ثم أمتنع عن العودة لتركيا والمثول أمام النيابة والقضاء. قبل أيام قليلة ظهر ضالان فى ألمانيا وقام بمداخلة تليفونية تلفزيونية للداخل التركي تعليقاً على الاتهام الخاص به،وبالطلب الذى تقدمت به وزارة العدل للقضاء الألماني لتسليمه لتركيا للمحاكمة ،وقال فى نهاية مداخلتة :" أنا فى حماية العدالة الألمانية ". ألمانيا رفضت تسليمه للعدالة التركية وقال مكتب التحقيقات الفدرالية الألماني :" لن نسلمه لأن العقوبة الخاصة بالتهمة الموجهة إليه هى المؤبد " أما الشرطة الدولية (انتربول ) ومقرهامدينة ليون الفرنسية فقالت :" لا يمكن القبض على أجنبي دون قرار بمستوى دولي". امتناع الشرطة الدولية والقضاء الألماني عن تسليم المتهم المذكور يشير إلى وجود قناعة لديهما بحقيقة التهمة الموجهة لضالان وهذا يترتب عليه وجود علاقة لضالان مع الغرب وأن الغرب له دور فيما يدور بتركيا من مؤامرات ويحرص على عدم تسليم المتهمين لكى لا تنكشف تورطاتة فى الشؤون الداخلية.فلو كانت العقوبة الموجهة لضالان هى الاعدام كان يمكن قبول سبب عدم التسليم، مع أن هذه العقوبة توقفت بتركيا رسمياً منذ عام 2004 فى نفس وقت هذا الحدث ذكرت وسائل الاعلام أن القضاء الفرنسي أصدر حكما بالحبس المؤبد – هو الثاني - ضد كارلوس:الفنزويلي ايليش راميريز سانشيز المعروف بكارلوس-بتهمة قتل شرطيين بباريس عام 1975 وهو المتهم الذى سلمتة حكومة السودان لفرنسا عام 1995بناءً على طلبها وطلب الشرطة الدولية.أيضاً تمتنع بريطانيا عن تسليم المتهم يوسف بطرس غالي وزير مالية نظام غير المبارك أو رفض إسبانيا تسليم اللص حسين سالم للعدالة المصرية. ومثلما قال ضالان " أنا فى حماية العدالة الألمانية" ، يقول يوسف بطرس غالي " أنا فى حماية العدالة البريطانية " وغداً ماذا سيقول حسنى الموكوس وصالح المجرم وبشار اللئيم عن من يحميهم من العدالة الشعبية؟ .هذه مواقف وأمثلة قليلة جداً تتعلق بالأنظمة الحاكمة فى العالم الغربي.لا أريد كتابة المزيد من التعليق على واقعة بدر الدين ضالان وأترك للقارىء تفسير ما يراه مناسبا لكني أتساءل هنا إذا كان هذا المجرم أو ذاك القاتل فى حماية الغرب فالشعوب والأوطان الإسلامية فى حماية من ؟