تبنى الكاتب الصحفي حمدي رزق، نداء الدكتور كمال حبيب نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين سابقًا، والذي دعا فيه حزب النور إلى ترك السياسة والاشتغال بالدعوة فقط، مؤكدًا أن تلك الدعوة تصب في صالح النور وليس العكس. وكان نص مقال "رزق" في صحيفة "المصرى اليوم"، بعنوان "نداء كمال حبيب!!": دعوة الدكتور كمال حبيب لحزب النور للانسحاب من الانتخابات البرلمانية والمشهد السياسى برمته والعودة إلى العمل الدعوى تستاهل التوقف والتبين قبل الرفض الذى هو عادة أسبق فى سياقات جماعات الإسلام السياسى وأحزابه.
التوقف أولاً، حول مطلقها وبواعثه، هى دعوة صادرة من رجل منسوب إلى الحركة الإسلامية، ويُعد من كبار باحثيها والعاملين عليها، خَبِرَ الحركة الإسلامية وشارك فى مراجعات فصائلها، وشاهد صعودها دعوياً وسقوطها سياسياً، رجل يفرق جيدا بخبرته فى حركات الإسلام السياسى فى مصر وتركيا بين الدعوى والسياسى، هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج، ولسان حاله (كما فهمت) دعوته إلى مشايخ الدعوة السلفية: أتستبدلون الذى هو أدنى (السياسى) بالذى هو خير (الدعوى)؟! وتبين مقصدها، مع الاعتبار أنها خارجة من قلب محسوب على ذات التيار ليس من دعاة «لا.. للأحزاب الدينية» وليس من غلاة حلها قسراً، بل يدعو إلى حلها طواعية لخير الدعوة التى تأثرت بشدة من جراء ممارسات مثل هذه الأحزاب التى اتشحت ب«الدعوى» وهى تمارس السياسى، ف«كرف» السياسى بكذبه على الدعوى بصدقه، فصار الداعية سياسياً كاذباً، وارتكب من الموبقات السياسية ما شوه صورة الداعية، وأنزله منازل السياسيين، وحق عليه الحساب السياسى، فإن لاذ ب«الدعوى» من حرور السياسة، جر على الدعوى خطايا السياسى، فصار الداعية مذموماً. التوقف أمام دعوة الدكتور حبيب مهم، ولتراجع الدعوة السلفية حساباتها، ماذا كسبت الدعوة السلفية من العمل السياسى؟.. هل كسبت موقعاً متقدماً فى المجتمع، هل أضافت إلى البناء، هل قدمت نموذجا؟.. بالعكس سقطت الدعوة السلفية من حالق فى وحل السياسة، غرزت حتى الأذقان، وطفق منتسبوها يهرتلون سياسياً ما جلب عليهم سخطاً مجتمعياً ورفضاً شعبياً، صاروا مرفوضين فى الشوارع، مذمومين فى الحارات، يسخرون من ذقونهم فى الطرقات، وينالون من وقارهم فى الفضائيات، ويتربصون بهم الدوائر، وسقط شيوخهم فى هنات حزبية، وصدرت عنهم خزعبلات سياسية، وسقطت منهم أحكام شرعية، وحاولوا فاشلين تطويع «الدعوى» لصالح السياسى، فسقط الدعوى فى جُب السياسى.
فعلاً أحسن الدكتور كمال حبيب التشبيه، قال: «الدعوة السلفية وجميع السلفيين الذين شاركوا فى العملية السياسية لديهم مأزق وهم أشبه بالتاجر الذى يتاجر فى شىء لا يحسن معرفته به»، فعلا ما علاقة السلفى بالسياسة، يتاجر فى الخسارة، يخسر حتماً.
السياسة فن الكذب، والدعوى لا يكذب، والدعوة متوضئة، وبالتجربة فشل الإخوان، وهم أكثر اقتراباً من السياسة، والفشل حتما مصير السلفيين وهم هواة بالمقارنة بالإخوان، وحساباتهم الظنية بأنهم البديل المطروح على الساحة ليشغل مقعد الإخوان الشاغر وهم وسراب يحسبه العطشى للسلطة ماء، فالشعب الذى خلع الإخوان لن يستبدلهم أبدا بالسلفيين، ولن يقف وراءهم يقول آمين.
أتعرفون كيف ينظر المصريون العاديون لأصحاب الدقون، لو علمتم لطلقتم السياسة، ولقال كبير منكم مثل قول الحبيب، صلى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سُقت الهدى...» إلى آخره، ومن هذا نسج حسن البنا فى غابر الأيام قوله: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما دخلت الانتخابات، ولا أقحمت الجماعة فى السياسة»، وهى العبارة التى دفنتها الجماعة عمداً إلى حدود إنكارها، وأرجو ألا تدفنوا دعوة كمال حبيب وتبادروا بإنكارها.. استقيموا يرحمكم الله.