جامعة عين شمس تفتح باب التحويلات الإلكترونية للعام الجامعي 2025/2026    اتحاد الغرف السياحية يواصل التحقيق في حرق الأسعار    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    رئيس الوزراء البريطاني: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم توقف إسرائيل الحرب    غزل المحلة يهزم المصرية للاتصالات استعدادًا لضربة بداية الموسم الجديد    محاضرة فنية من فيريرا للاعبي الزمالك في مران اليوم    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    السجن 10 سنوات لعاطل قتل شابًا في الشرابية    عاجل.. ضبط المتهمة بالتشهير بفنانة والزعم باتجارها في الأعضاء البشرية    جدول امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة 2025 للمكفوفين.. المواعيد والتفاصيل    نهاد السيد تفوز ب"السينوغرافيا المسرحية" في جوائز الدولة التشجيعية    مراسل "إكسترا نيوز": الفوج الخامس من شاحنات المساعدات يفرغ حمولته بالجانب الفلسطيني    وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد الصناعات الدوائية بإيطاليا لبحث سبل تعزيز التعاون    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    أمين الفتوى: الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد فى هذه الحالة    أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء    مبابي ينتقل لرقم الأساطير في ريال مدريد    بريطانيا: سنعترف بدولة فلسطين في سبتمبر إذا لم تُنه إسرائيل حربها على غزة    ما حدود تدخل الأهل في اختيار شريك الحياة؟.. أمين الفتوى يجيب    التريند الحقيقي.. تحفيظ القرآن الكريم للطلاب بالمجان في كفر الشيخ (فيديو وصور)    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    "إدارة المنشآت السياحية والفندقية" برنامج دراسي جديد في جامعة الجلالة    تجديد حبس 12 متهما في مشاجرة بسبب شقة بالسلام    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    نقيب الأشراف: كلمة الرئيس بشأن غزة نداء للمجتمع الدولي لوضع حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    من عبق الحضارة إلى إبداع المستقبل| فعاليات تبهر الأطفال في «القومي للحضارة»    أحمد التهامي يكشف كواليس العمل مع عادل إمام ويشاركنا رحلته الفنية|خاص    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    الحوثيون يحتجزون 10 أفراد من طاقم سفينة أغرقوها قبالة سواحل اليمن كانت متجهة لميناء إيلات    هآرتس تهاجم نتنياهو: ماكرون أصاب الهدف وإسرائيل ستجد نفسها في عزلة دولية    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    لماذا يتصدر الليمون قائمة الفاكهة الأكثر صحة عالميا؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    حزب الجيل يختتم دعايته ل انتخابات مجلس الشيوخ بمؤتمر في المنصورة    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    موعد مرتبات شهر أغسطس.. جدول زيادة الأجور للمعلمين (توقيت صرف المتأخرات)    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخريطة السلفية في مصر(الحلقة الاولى)

هم رجال الظلال لأنهم ابتعدوا عمدا عن الإعلام و‏'‏بحر السياسة العميق‏'‏ وآثروا أن يكسبوا‏'‏ معركة الأرواح‏'‏ بعيدا عن الأضواء في هدوء مقصود‏,‏ حصدوا انتماء مئات الآلاف عبر القري والنجوع والمدن الصغيرة والكبيرة . وتركوا نخبة من الدعاة علي' وجه القفص' يساعدون عبر الفضائيات في إيصال منهجهم للملايين كسبوا المعركة في هدوء وصاروا أكبر حزب واقعي في البلاد.. أكبر من الإخوان والوطني والأحزاب والمجتمع المدني بكافة أطيافه.. إلا أنهم قادة' الدعوة السلفية' ظلوا عبر4 عقود تقريبا منذ سبعينات القرن الماضي بلا تنظيم بلا مؤسسة واحدة تعرف لها رأسا أو قياديا, تري جسدهم الكبير ولا تعرف من أين' يمسك أو يؤكل' فصاروا كائنا خرافيا مجهولا يحار فيه الباحثون والإعلاميون.. وهو ما دفع الأهرام لتنفيذ هذا التحقيق الموسع.. لا نسعي لتقييمهم سلبا أو إيجابا.. لا نسعي لمجابهة فكرية أو فقهية أو سياسية بل نسعي لرسم خريطة تقترب منهم ولو بقدر من الحقيقة, وتمد المواطن العادي والباحثين وأجهزة الإعلام بقدر معقول من الضوء يقينا ويقي مصر شر القفز في الظلام وشر عداوة غير مبررة أو تقدير غير مستحق.
ظهر يوم1 فبراير وفي وسط حشود أول مليونية تشهدها الثورة كان الرمز السلفي الشيخ محمد عبد المقصود عبد المقصود جالسا علي كرسيه المتحرك بينما التف حوله شيوخ الأزهر وشباب السلفيين منتظرين الفتوي السلفية الأولي التي تبيح النزول للمظاهرات والخروج علي الحاكم.
أمسك شيخ أزهري بالميكرفون مطالبا الجميع بالصمت معلنا باسم علماء الأزهر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ترحيبه بالعالم الفقيه الدكتور محمد عبد المقصود طالبا منهم الاستماع إلي الشيخ الكبير.
وجاءت فتوي مفتي السلفية وفقيهها لتكون بمثابة إزاحة صخرة ضخمة عن كهف كبير أخرج من داخله في الأيام التالية حشودا من الشباب والشيوخ مميزين بلحاهم الطويلة وإصرارهم الشديد وانطلقت الحشود السلفية من التحرير لتعلن بداية عهد جديد لنجوم السلفية وآراء السلفية, ومظاهرات السلفية, واعتصامات السلفية, ومطالبات السلفية, وحتي أحزاب السلفية, بفتوي من رجل واحد فتح القمقم السلفي, وما بين الرفض والقبول والاستحسان والاعتراض أصبحت السلفية والسلفيون ملفا حاضرا وحالة خاصة كانت ومازالت جملة تحمل دائما في نهايتها علامة استفهام تبحث عن اجابات
بداية ما هي السلفية؟
هي تيار إسلامي سني يدعو إلي العودة إلي' نهج السلف الصالح' والتمسك بالقرآن والأحاديث الصحيحة والابتعاد عن البدع خاصة' الغربية' منها ويهدف إلي إصلاح أحوال المجتمع والناس في ضوء تعاليم الإسلام وتنهج منهج' الهدي الظاهر' أي اتباع سنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم في شكل الحياة اليومية مثل الملابس والحجاب واللحية وغيرها, والسلف الصالح من منظورهم هم الرسول والخلفاء الراشدون والصحابة وأتباعهم إلي زمن يقدرونه ب3 قرون منذ شروق شمس الإسلام..
السلفية بهذا التعريف المبسط عباءة واسعة نسج خيوطها الأولي الإمام أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري حتي جاء القرن الثاني عشر الهجري ليظهر بأرض نجد ب( السعودية حاليا) الإمام محمد عبد الوهاب ليحييها ويؤسس ما يسمي بالحركة الوهابية( يرفض علماء السلفية في مصر والسعودية مصطلح المذهب الوهابي) لتمتد مدرسته إلي العصر الحديث عبر نخبة من العلماء أبرزهم عبد العزيز بن باز ومحمد ناصر الألباني ومحمد بن صالح بن عثيمين وهم الثلاثي الذي كان له تأثير كبير علي نشأة وفكر ما يسمي الآن في مصر ب' الدعوة السلفية'.
بالعودة إلي مصر تمتد نشأة الدعوة السلفية إلي روافد مصرية خالصة( فضلا عن الرافد السعودي) يمتد إلي الإمام محمد عبده وأكثر إلي الشيخ محمد رشيد رضا في مطلع القرن الماضي والأخير يعد إلي الآن الأب المصري لمنهج السلفية الحالي إلا أن الإمام ناصر الألباني كما يري الكثير من علماء السلفية والسلفيين ممن التقتهم الأهرام هو المعلم الأكبر لهم والألباني وهو الأب الشرعي للحركة السلفية المصرية الحديثة التي نشأت في السبعينات في مصر ونري ونحيا بين ظلالها في جميع ربوع مصر الآن.
يحتاج الشيخ الألباني إلي وقفة خاصة فهو الحاضر الغائب في الكثير من المظاهر السلفية التي تعيشها الآن, هو سوري الأصل ألباني الجذور ومن العلماء المبرزين في الحديث النبوي وهو كما يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المصرية عبد المنعم منيب صاحب أبرز استراتيجية للدعوة السلفية وتتلخص في أن ما لحق بالمسلمين من تدهور حضاري يعود إلي الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات فضلا عن' الآراء الفقهية التي تخالف صحيح الدين', ووضع الألباني استراتيجية من محورين لإحداث التغيير المطلوب تقوم علي مبدأين وهما:' التصفية والتربية'
التصفيه: وتعني تنقية الكتب الشرعية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والآراء الفقهية الخاطئة.
التربية: تربية المسلمين علي الكتب المصفاة من الأخطاء
السلفية العلمية
أصحاب هذا الفصيل هم التيار الأكبر للسلفيين في مصر ظهروا في السبعينات ضمن موجة المد الديني التي أعقبت نكسة1967 وانفتاح الرئيس السادات, وتعاظم الاحتكاك بالسعودية مع طوفان العمل بالخليج بعد طفرة البترول وحصلوا علي لقب' السلفية العلمية' لاهتمامهم بالدرس وتحصيل العلوم الإسلامية فضلا عن خلفياتهم العلمية من كليات كالطب والعلوم والهندسة وغيرها.. نشأت بذرتهم الأولي في كليات جامعة الإسكندرية وكونوا بالعاصمة الثانية أكبر تجمع للسلفيين حتي الآن, تتلمذوا علي يد الشيخ الألباني ومن بعده الشيخ اسحق الحويني حتي صاروا مدرسة كبيرة مستقلة وقادها من الإسكندرية إلي جميع ربوع المحروسة الشيوخ محمد إسماعيل المقدم وسعيد عبد العظيم وأحمد فريد وغيرهم.
ويحظي الشيخ المقدم بمكانة سامية يعرفها المنتمون للتيار, وكما قال أحد رموزهم للأهرام فإن علماء السعودية يقولون للمصريين:( كيف تسألوننا الفتوي ولديكم الشيخ المقدم؟).
نأوا بأنفسهم عن السياسة ونأت السياسة عنهم, حصلوا علي قدر كبير من حرية الحركة, لم يحاربهم النظام البائد ولم يحاربوه.. هو رأي فيهم تيارا شعبيا لا يتحدث عن الفساد وتزوير الانتخابات والقمع والقهر, ولا يدلي بدلوه في القضايا القومية الكبري مثل القضية الفلسطينية وغيرها, وهم رأوا أن هدفهم الأول هو' التصفية والتربية' فانتشروا كالنار في هشيم مصر وصار لهم وجود ظاهر في المدن والقري وتحولت المئات من المساجد إلي مقرات لهم ينشرون فيها دعوتهم للعودة للأصول وتغيير شكل المجتمع الإسلامي فصاروا أكبر حزب في مصر يتبعهم مئات الآلاف.. صاروا أكبر من الأحزاب التقليدية والحزب الوطني الحاكم بل وأكبر من الإخوان المسلمين أنفسهم.. بشكل عام تركهم النظام ينعمون بالسلام اللهم بعض الاعتقالات والمضايقات عندما يخرجون عن الاتفاق غير المكتوب بالبعد عن السياسة إلا أن العاصمة القاهرة كان لها رأي آخر..
السلفية الحركية
في القاهرة العاصمة حيث المؤثرات السياسية أكبر والضغوط الاجتماعية والاقتصادية أشد نشأ رافد جديد ل' السلفية العلمية' هو ما جري الاصطلاح علي تسميته ب' السلفية الحركية' ويتفق هذا التيار مع مجمل منهج السلفية إلا أنه يتميز بنقطتين هامتين الأولي: التوسع في مفهوم التكفير وخاصة تكفير الحاكم الذي لا يطبق الشريعة.
والثانية: مد قدميه إلي عالم السياسة وخاصة القضية الفلسطينية وكان من أبرز رموزه الشيخ نشأت إبراهيم والدكتور فوزي السعيد وأخيرا الفقيه والعالم الإسلامي السلفي محمد عبد المقصود الذي يحظي بمكانة رفيعة ويطلق عليه لقب' مفتي القاهرة' وتقديرا لعلمه سماه البعض' أمير الفقهاء' وهو صاحب الفتوي الشهيرة التي أباحت المظاهرات وأخرجت آلاف السلفيين إلي ميدان التحرير بالقاهرة ومدن مصر المختلفة أثناء ثورة يناير وهو ما كان مفاجأة كبيرة للنظام البائد بل ولعلماء السلفية أنفسهم.
تعرض هذا التيار كما يقول الباحث عبد المنعم منيب لحصار أمني شديد منذ عام2001 م بسبب قيام عدد من رموزه بالإفتاء لعدد من الشباب بجواز جمع التبرعات وتهريبها إلي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, وجواز الانتقال لهذه الأراضي للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك, وعلي إثر ذلك قام هؤلاء الشباب بجمع عدة ملايين من الجنيهات كتبرعات وهربوها لغزة كما حاولوا التدرب علي السلاح بهدف الانتقال لغزة عبر سيناء للمشاركة في أعمال المقاومة المسلحة, وقد تم اعتقالهم جميعا كما اعتقل معهم اثنان من أبرز رموز هذا التيار وهما الشيخ نشأت إبراهيم والشيخ فوزي السعيد, وتم تقديمهم جميعا إلي محاكمة عسكرية بالقاهرة, وصدرت ضدهم أحكام متفاوتة لكن المحكمة برأت ساحة كل من الشيخين نشأت إبراهيم وفوزي السعيد, وتم الإفراج عنهما بعد عدة سنوات من الاعتقال.
وكان من أسباب التشدد الأمني مع هذا التيار هو المجاهرة بمعارضة الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة في خطابهم الدعوي وتصريحهم بكفره, هذا رغم موقفهم الواضح برفض العمل المسلح أو إنشاء منظمات إسلامية سرية.
الانتشار لماذا؟
السلفية العلمية والسلفية الحركية هما الرافدان الرئيسيان لما يسمي بالدعوة السلفية الآن ويظل فهمهما وفهم أفكارهما مفتاح رئيسي لفهم صحيح للتحركات السلفية لمصر ما بعد الثورة فبخروجهما من الظل إلي النور صار التعرف الصحيح إلي أسباب انتشارهما بحقيقة منهجهما خطوة لازمة بل وواجبة..
الإسلامي المستقل الآن والجهادي السابق والباحث كمال حبيب يفسر انتشار الدعوة السلفية بأنها منهج بسيط يؤكد هوية الإنسان وينقله إلي هوية جديدة ل' يتحقق' من خلالها ويشعر بفرديته وتمايزه ربما في يوم واحد فقط وبمجهود بسيط وينتهج دعاتها منطقا بسيطا واضحا يلقي هوي المواطن المصري المتدين بطبيعته وهو منطق تخليص الدين من الشوائب والعودة للإسلام الصحيح, كما أن منهجهم كان في مرحلة ما قبل الثورة ينأي بهم عن السياسة فهم لا يؤمنون بالثورة علي الحكم ومنطقهم' حاكم غشوم ولا فتنة تدوم'.. المنطق البسيط وسهولة الانضمام والإحساس بالأمان النسبي كانا سببا كبيرا في انتشار دعوتهم التي خاطبت مواطنين متدينين بطبعهم وربما سلفيين أصلا.
وقال حبيب أن السلفية أصلا دعوة تستجيب للشعور بالتهديد من الثقافة الغربية وتمنح مريدها شعورا بالكرامة والقوة إزاء هذا التهديد مما سهل انتشارها ولعل هذا ما يفسر استجابة طبقات وفئات اقتصادية مختلفة منها الفقير والريفي ومنها الغني وابن المدينة فهي دعوة لا تتمسك بالأسباب الاقتصادية بل تخاطب هوي عاما لدي كل الطبقات..
خريطة جديدة تتشكل
تفاجأنا خلال هذا التحقيق بفقيه سلفي يقول لنا في لقاء تم ترتيبه بعد صعوبات بأن هذا الواقع يتغير وقال في بساطة لا تتناسب مع أهمية الخبر إن الإسكندرية تشهد ميلاد أول مؤسسة أو' وعاء' هرمي لجمع السلفيين وتحفظ بشدة علي إرجاع هذه المعلومة إليه.. طاردنا طرف الخيط لنفاجأ أن قادة' الدعوة السلفية' بالإسكندرية( أكبر قيادة سلفية في مصر) قد شكلوا ما يمكن أن نسميه أول' مؤسسة للدعوة السلفية المستحدثة' في مصر تحت اسم' الدعوة السلفية' وشكلوا مجلس إدارة مؤقتا له وأصدروا بيانا قالوا فيه:' فنظرا لما تمر به مصر في الوقت الحاضر من ظروف ومتغيرات يعلمها الجميع, ولما كانت الدعوة السلفية جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري الذي تحرص هذه الدعوة علي رعاية مصلحته العامة جنبا إلي جنب, مع حرصها علي تحقيق أهدافها المعلنة; والتي علي رأسها:' نشر هذا الدين العظيم بمفهوم سلفنا الصالح'.
لذا فقد تقرر تشكيل مجلس مؤقت لإدارة الدعوة وتعمد الأهرام إلي نشر أسماء مجلس الإدارة لما سيكون لهم من دور مهم في المحطة القادمة ولكونهم جزءا هاما من الخريطة السلفية ما بعد الثورة وهم:
أولا: مجلس رئاسي يتكون من كل من:
الشيخ/ محمد إسماعيل المقدم.
الشيخ/ محمد عبد الفتاح' أبو إدريس'.
الشيخ/ ياسر برهامي.
وذلك حتي يتم اختيار رئيس للدعوة السلفية بعد انعقاد الجمعية العمومية للدعوة السلفية في وقت لاحق.
حركات وأحزاب جديدة
فيما بعد ثورة يناير وفي ظل الحرية السياسية التي حدثت علي الأرض خرج السلفيون إلي معترك السياسة وجاءت المقدمات من خلال بيان لم تهتم به النخبة السياسية وأجهزة الإعلام ومروا عليه مرور الكرام ولكن كان له ما وراءه فقد أصدرت الدعوة السلفية بالإسكندرية بيانا مقتضبا بعد الثورة جاء فيه:' تعلن الدعوة السلفية أنها بعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات الجديدة قد قررت المشاركة الإيجابية في العملية السياسية, وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة'.
الخيار المناسب الذي لم يحدده البيان المقتضب اتضحت خيوطه فيما بعد ففضلا عن المشاركة الواسعة والدعوة للتصويت بنعم للتعديلات الدستورية بدأت حركات سلفية الاشتغال بالسياسة والشروع في الإعلان عن تأسيس حزبين سلفيين هم حزبا' النور' و'الفضيلة' فضلا عن تأسيس حركات عديدة بطابع سلفي واضح لا شك فيه..
ففي توقيت متزامن تقريبا تواتر الإعلان عن تأسيس4 أحزاب علي خلفية إسلامية يهمنا منها حزبان لمرجعيتهما ووجوههما السلفية الصريحة وارتباطهما بقيادات سلفية مؤكدة; الأول هو حزب' النور السلفي' والثاني هو حزب' الفضيلة'.. حزب النور هو الأكثر بروزا حتي الآن فيما يتواري حزب الفضيلة في الظل مؤقتا.
حزب النور تصدي لتأسيسه شباب ينتمون للدعوة السلفية بالإسكندرية الفصيل السلفي الأبرز والأكبر وقد نجح مؤسسوه في جمع التوكيلات المطلوبة لتأسيس الحزب والبالغ عددها5 آلاف من عدة محافظات لا تقل عن عشر ويعكف القائمون علي الحزب علي وضع برنامجه بعد الانتهاء من' الدراسات الشرعية اللازمة' للتأكد من خلو البرنامج من أي' موانع شرعية' إلا أن هذا لم يمنع المتصدين لتأسيس الحزب من الإعلان عن كونه حزبا سياسيا ذا مرجعية دينية والهدف من الحزب هو تطبيق الشريعة الإسلامية بطريقة سلمية علمية خاضعة لأحكام الشرع والدين والتي اتفق عليها أهل العلم المخلصون.
وأكدوا التزامهم بالنظام العام والآداب العامة للدولة واحترام الشرعية وعدم الخروج علي مبادئها.
وضع القائمون علي الحزب خطة مدروسة لتأهيل عشرات الأعضاء في مجالات الإعلام والسياسة والقانون والاقتصاد للانسجام مع دورهم السياسي المستجد وفيما يخص حزب الفضيلة فيقوده مساعد وزير الداخلية السابق اللواء عادل عبد المقصود وقال عنه مؤسسوه أنه' حزب سياسي يسعي لنشر العدالة والمساواة بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية', ويضم المكتب السياسي للحزب الدكتور محمد عبده إمام أستاذ القانون الدستوري بجامعة الأزهر, والدكتور حسام أبو البخاري الناشط السياسي السلفي وممدوح إمام المحامي بالنقض, والشيخ فرحات رمضان من أكبر رموز الدعوة السلفية في كفر الشيخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.