محافظ الإسكندرية يُدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 ويدعو للمشاركة الإيجابية    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 10-11-2025    جامعة كفر الشيخ تستقبل طلاب ريادة الأعمال الجدد وتكرم المتميزين    الدفاع المدني بغزة: نواجه كارثة حقيقية حال عدم إدخال مستلزمات الإيواء    محكمة بباريس تعلن أن ساركوزي سيُفرَج عنه تحت المراقبة القضائية    ترامب لفاراج عن أزمة BBC: هل هذه الطريقة التي تعاملون بها أفضل حلفائكم؟    إلغاء المئات من الرحلات الجوية في أمريكا في ظل الإغلاق الحكومي    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    أحمد الكاس يعلن تشكيل منتخب مصر أمام إنجلترا في كأس العالم للناشئين    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    تحديد موعد مباريات قبل نهائي دوري مرتبط السلة للرجال    توافد الناخبين بعد انتهاء ساعة الراحة فى لجان إمبابة    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    الداخلية تكشف حقيقة سكب سيدة مادة كاوية على أخرى فى الشرقية    بعد تصريحاته في الجزائر.. شاهد اعتذار ياسر جلال للمصريين: كنت غلطان    فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    «درس أرنولد ومعانقة الذهب».. قصة ظهور زيزو الأول ضد الزمالك    فيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    «السياحة»: المتحف المصري الكبير يستقبل 12 ألف زائر منذ صباح اليوم حتى الآن    بدور القاسمي تشهد إطلاق كتاب الشارقة: عاصمة الثقافة    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    سفير مصر بالمغرب يحتفل بتكريم ليلى علوي في مهرجان الرباط الدولي    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع فى الأقصر وأسوان    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    العرجاوي: إعفاء الصادرات المصرية من الجمارك الصينية خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة بين القاهرة وبكين    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    سحب 837 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    من المتحف الكبير لمعرض فى روما.. كنوز الفراعنة تهيمن على العالم    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    سعر الذهب اليوم فى مصر يسجل 5420 جنيها للجرام عيار 21    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخريطة السلفية في مصر(الحلقة الاولى)

هم رجال الظلال لأنهم ابتعدوا عمدا عن الإعلام و‏'‏بحر السياسة العميق‏'‏ وآثروا أن يكسبوا‏'‏ معركة الأرواح‏'‏ بعيدا عن الأضواء في هدوء مقصود‏,‏ حصدوا انتماء مئات الآلاف عبر القري والنجوع والمدن الصغيرة والكبيرة . وتركوا نخبة من الدعاة علي' وجه القفص' يساعدون عبر الفضائيات في إيصال منهجهم للملايين كسبوا المعركة في هدوء وصاروا أكبر حزب واقعي في البلاد.. أكبر من الإخوان والوطني والأحزاب والمجتمع المدني بكافة أطيافه.. إلا أنهم قادة' الدعوة السلفية' ظلوا عبر4 عقود تقريبا منذ سبعينات القرن الماضي بلا تنظيم بلا مؤسسة واحدة تعرف لها رأسا أو قياديا, تري جسدهم الكبير ولا تعرف من أين' يمسك أو يؤكل' فصاروا كائنا خرافيا مجهولا يحار فيه الباحثون والإعلاميون.. وهو ما دفع الأهرام لتنفيذ هذا التحقيق الموسع.. لا نسعي لتقييمهم سلبا أو إيجابا.. لا نسعي لمجابهة فكرية أو فقهية أو سياسية بل نسعي لرسم خريطة تقترب منهم ولو بقدر من الحقيقة, وتمد المواطن العادي والباحثين وأجهزة الإعلام بقدر معقول من الضوء يقينا ويقي مصر شر القفز في الظلام وشر عداوة غير مبررة أو تقدير غير مستحق.
ظهر يوم1 فبراير وفي وسط حشود أول مليونية تشهدها الثورة كان الرمز السلفي الشيخ محمد عبد المقصود عبد المقصود جالسا علي كرسيه المتحرك بينما التف حوله شيوخ الأزهر وشباب السلفيين منتظرين الفتوي السلفية الأولي التي تبيح النزول للمظاهرات والخروج علي الحاكم.
أمسك شيخ أزهري بالميكرفون مطالبا الجميع بالصمت معلنا باسم علماء الأزهر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ترحيبه بالعالم الفقيه الدكتور محمد عبد المقصود طالبا منهم الاستماع إلي الشيخ الكبير.
وجاءت فتوي مفتي السلفية وفقيهها لتكون بمثابة إزاحة صخرة ضخمة عن كهف كبير أخرج من داخله في الأيام التالية حشودا من الشباب والشيوخ مميزين بلحاهم الطويلة وإصرارهم الشديد وانطلقت الحشود السلفية من التحرير لتعلن بداية عهد جديد لنجوم السلفية وآراء السلفية, ومظاهرات السلفية, واعتصامات السلفية, ومطالبات السلفية, وحتي أحزاب السلفية, بفتوي من رجل واحد فتح القمقم السلفي, وما بين الرفض والقبول والاستحسان والاعتراض أصبحت السلفية والسلفيون ملفا حاضرا وحالة خاصة كانت ومازالت جملة تحمل دائما في نهايتها علامة استفهام تبحث عن اجابات
بداية ما هي السلفية؟
هي تيار إسلامي سني يدعو إلي العودة إلي' نهج السلف الصالح' والتمسك بالقرآن والأحاديث الصحيحة والابتعاد عن البدع خاصة' الغربية' منها ويهدف إلي إصلاح أحوال المجتمع والناس في ضوء تعاليم الإسلام وتنهج منهج' الهدي الظاهر' أي اتباع سنة النبي محمد صلي الله عليه وسلم في شكل الحياة اليومية مثل الملابس والحجاب واللحية وغيرها, والسلف الصالح من منظورهم هم الرسول والخلفاء الراشدون والصحابة وأتباعهم إلي زمن يقدرونه ب3 قرون منذ شروق شمس الإسلام..
السلفية بهذا التعريف المبسط عباءة واسعة نسج خيوطها الأولي الإمام أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري حتي جاء القرن الثاني عشر الهجري ليظهر بأرض نجد ب( السعودية حاليا) الإمام محمد عبد الوهاب ليحييها ويؤسس ما يسمي بالحركة الوهابية( يرفض علماء السلفية في مصر والسعودية مصطلح المذهب الوهابي) لتمتد مدرسته إلي العصر الحديث عبر نخبة من العلماء أبرزهم عبد العزيز بن باز ومحمد ناصر الألباني ومحمد بن صالح بن عثيمين وهم الثلاثي الذي كان له تأثير كبير علي نشأة وفكر ما يسمي الآن في مصر ب' الدعوة السلفية'.
بالعودة إلي مصر تمتد نشأة الدعوة السلفية إلي روافد مصرية خالصة( فضلا عن الرافد السعودي) يمتد إلي الإمام محمد عبده وأكثر إلي الشيخ محمد رشيد رضا في مطلع القرن الماضي والأخير يعد إلي الآن الأب المصري لمنهج السلفية الحالي إلا أن الإمام ناصر الألباني كما يري الكثير من علماء السلفية والسلفيين ممن التقتهم الأهرام هو المعلم الأكبر لهم والألباني وهو الأب الشرعي للحركة السلفية المصرية الحديثة التي نشأت في السبعينات في مصر ونري ونحيا بين ظلالها في جميع ربوع مصر الآن.
يحتاج الشيخ الألباني إلي وقفة خاصة فهو الحاضر الغائب في الكثير من المظاهر السلفية التي تعيشها الآن, هو سوري الأصل ألباني الجذور ومن العلماء المبرزين في الحديث النبوي وهو كما يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المصرية عبد المنعم منيب صاحب أبرز استراتيجية للدعوة السلفية وتتلخص في أن ما لحق بالمسلمين من تدهور حضاري يعود إلي الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات فضلا عن' الآراء الفقهية التي تخالف صحيح الدين', ووضع الألباني استراتيجية من محورين لإحداث التغيير المطلوب تقوم علي مبدأين وهما:' التصفية والتربية'
التصفيه: وتعني تنقية الكتب الشرعية من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والآراء الفقهية الخاطئة.
التربية: تربية المسلمين علي الكتب المصفاة من الأخطاء
السلفية العلمية
أصحاب هذا الفصيل هم التيار الأكبر للسلفيين في مصر ظهروا في السبعينات ضمن موجة المد الديني التي أعقبت نكسة1967 وانفتاح الرئيس السادات, وتعاظم الاحتكاك بالسعودية مع طوفان العمل بالخليج بعد طفرة البترول وحصلوا علي لقب' السلفية العلمية' لاهتمامهم بالدرس وتحصيل العلوم الإسلامية فضلا عن خلفياتهم العلمية من كليات كالطب والعلوم والهندسة وغيرها.. نشأت بذرتهم الأولي في كليات جامعة الإسكندرية وكونوا بالعاصمة الثانية أكبر تجمع للسلفيين حتي الآن, تتلمذوا علي يد الشيخ الألباني ومن بعده الشيخ اسحق الحويني حتي صاروا مدرسة كبيرة مستقلة وقادها من الإسكندرية إلي جميع ربوع المحروسة الشيوخ محمد إسماعيل المقدم وسعيد عبد العظيم وأحمد فريد وغيرهم.
ويحظي الشيخ المقدم بمكانة سامية يعرفها المنتمون للتيار, وكما قال أحد رموزهم للأهرام فإن علماء السعودية يقولون للمصريين:( كيف تسألوننا الفتوي ولديكم الشيخ المقدم؟).
نأوا بأنفسهم عن السياسة ونأت السياسة عنهم, حصلوا علي قدر كبير من حرية الحركة, لم يحاربهم النظام البائد ولم يحاربوه.. هو رأي فيهم تيارا شعبيا لا يتحدث عن الفساد وتزوير الانتخابات والقمع والقهر, ولا يدلي بدلوه في القضايا القومية الكبري مثل القضية الفلسطينية وغيرها, وهم رأوا أن هدفهم الأول هو' التصفية والتربية' فانتشروا كالنار في هشيم مصر وصار لهم وجود ظاهر في المدن والقري وتحولت المئات من المساجد إلي مقرات لهم ينشرون فيها دعوتهم للعودة للأصول وتغيير شكل المجتمع الإسلامي فصاروا أكبر حزب في مصر يتبعهم مئات الآلاف.. صاروا أكبر من الأحزاب التقليدية والحزب الوطني الحاكم بل وأكبر من الإخوان المسلمين أنفسهم.. بشكل عام تركهم النظام ينعمون بالسلام اللهم بعض الاعتقالات والمضايقات عندما يخرجون عن الاتفاق غير المكتوب بالبعد عن السياسة إلا أن العاصمة القاهرة كان لها رأي آخر..
السلفية الحركية
في القاهرة العاصمة حيث المؤثرات السياسية أكبر والضغوط الاجتماعية والاقتصادية أشد نشأ رافد جديد ل' السلفية العلمية' هو ما جري الاصطلاح علي تسميته ب' السلفية الحركية' ويتفق هذا التيار مع مجمل منهج السلفية إلا أنه يتميز بنقطتين هامتين الأولي: التوسع في مفهوم التكفير وخاصة تكفير الحاكم الذي لا يطبق الشريعة.
والثانية: مد قدميه إلي عالم السياسة وخاصة القضية الفلسطينية وكان من أبرز رموزه الشيخ نشأت إبراهيم والدكتور فوزي السعيد وأخيرا الفقيه والعالم الإسلامي السلفي محمد عبد المقصود الذي يحظي بمكانة رفيعة ويطلق عليه لقب' مفتي القاهرة' وتقديرا لعلمه سماه البعض' أمير الفقهاء' وهو صاحب الفتوي الشهيرة التي أباحت المظاهرات وأخرجت آلاف السلفيين إلي ميدان التحرير بالقاهرة ومدن مصر المختلفة أثناء ثورة يناير وهو ما كان مفاجأة كبيرة للنظام البائد بل ولعلماء السلفية أنفسهم.
تعرض هذا التيار كما يقول الباحث عبد المنعم منيب لحصار أمني شديد منذ عام2001 م بسبب قيام عدد من رموزه بالإفتاء لعدد من الشباب بجواز جمع التبرعات وتهريبها إلي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, وجواز الانتقال لهذه الأراضي للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك, وعلي إثر ذلك قام هؤلاء الشباب بجمع عدة ملايين من الجنيهات كتبرعات وهربوها لغزة كما حاولوا التدرب علي السلاح بهدف الانتقال لغزة عبر سيناء للمشاركة في أعمال المقاومة المسلحة, وقد تم اعتقالهم جميعا كما اعتقل معهم اثنان من أبرز رموز هذا التيار وهما الشيخ نشأت إبراهيم والشيخ فوزي السعيد, وتم تقديمهم جميعا إلي محاكمة عسكرية بالقاهرة, وصدرت ضدهم أحكام متفاوتة لكن المحكمة برأت ساحة كل من الشيخين نشأت إبراهيم وفوزي السعيد, وتم الإفراج عنهما بعد عدة سنوات من الاعتقال.
وكان من أسباب التشدد الأمني مع هذا التيار هو المجاهرة بمعارضة الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة في خطابهم الدعوي وتصريحهم بكفره, هذا رغم موقفهم الواضح برفض العمل المسلح أو إنشاء منظمات إسلامية سرية.
الانتشار لماذا؟
السلفية العلمية والسلفية الحركية هما الرافدان الرئيسيان لما يسمي بالدعوة السلفية الآن ويظل فهمهما وفهم أفكارهما مفتاح رئيسي لفهم صحيح للتحركات السلفية لمصر ما بعد الثورة فبخروجهما من الظل إلي النور صار التعرف الصحيح إلي أسباب انتشارهما بحقيقة منهجهما خطوة لازمة بل وواجبة..
الإسلامي المستقل الآن والجهادي السابق والباحث كمال حبيب يفسر انتشار الدعوة السلفية بأنها منهج بسيط يؤكد هوية الإنسان وينقله إلي هوية جديدة ل' يتحقق' من خلالها ويشعر بفرديته وتمايزه ربما في يوم واحد فقط وبمجهود بسيط وينتهج دعاتها منطقا بسيطا واضحا يلقي هوي المواطن المصري المتدين بطبيعته وهو منطق تخليص الدين من الشوائب والعودة للإسلام الصحيح, كما أن منهجهم كان في مرحلة ما قبل الثورة ينأي بهم عن السياسة فهم لا يؤمنون بالثورة علي الحكم ومنطقهم' حاكم غشوم ولا فتنة تدوم'.. المنطق البسيط وسهولة الانضمام والإحساس بالأمان النسبي كانا سببا كبيرا في انتشار دعوتهم التي خاطبت مواطنين متدينين بطبعهم وربما سلفيين أصلا.
وقال حبيب أن السلفية أصلا دعوة تستجيب للشعور بالتهديد من الثقافة الغربية وتمنح مريدها شعورا بالكرامة والقوة إزاء هذا التهديد مما سهل انتشارها ولعل هذا ما يفسر استجابة طبقات وفئات اقتصادية مختلفة منها الفقير والريفي ومنها الغني وابن المدينة فهي دعوة لا تتمسك بالأسباب الاقتصادية بل تخاطب هوي عاما لدي كل الطبقات..
خريطة جديدة تتشكل
تفاجأنا خلال هذا التحقيق بفقيه سلفي يقول لنا في لقاء تم ترتيبه بعد صعوبات بأن هذا الواقع يتغير وقال في بساطة لا تتناسب مع أهمية الخبر إن الإسكندرية تشهد ميلاد أول مؤسسة أو' وعاء' هرمي لجمع السلفيين وتحفظ بشدة علي إرجاع هذه المعلومة إليه.. طاردنا طرف الخيط لنفاجأ أن قادة' الدعوة السلفية' بالإسكندرية( أكبر قيادة سلفية في مصر) قد شكلوا ما يمكن أن نسميه أول' مؤسسة للدعوة السلفية المستحدثة' في مصر تحت اسم' الدعوة السلفية' وشكلوا مجلس إدارة مؤقتا له وأصدروا بيانا قالوا فيه:' فنظرا لما تمر به مصر في الوقت الحاضر من ظروف ومتغيرات يعلمها الجميع, ولما كانت الدعوة السلفية جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري الذي تحرص هذه الدعوة علي رعاية مصلحته العامة جنبا إلي جنب, مع حرصها علي تحقيق أهدافها المعلنة; والتي علي رأسها:' نشر هذا الدين العظيم بمفهوم سلفنا الصالح'.
لذا فقد تقرر تشكيل مجلس مؤقت لإدارة الدعوة وتعمد الأهرام إلي نشر أسماء مجلس الإدارة لما سيكون لهم من دور مهم في المحطة القادمة ولكونهم جزءا هاما من الخريطة السلفية ما بعد الثورة وهم:
أولا: مجلس رئاسي يتكون من كل من:
الشيخ/ محمد إسماعيل المقدم.
الشيخ/ محمد عبد الفتاح' أبو إدريس'.
الشيخ/ ياسر برهامي.
وذلك حتي يتم اختيار رئيس للدعوة السلفية بعد انعقاد الجمعية العمومية للدعوة السلفية في وقت لاحق.
حركات وأحزاب جديدة
فيما بعد ثورة يناير وفي ظل الحرية السياسية التي حدثت علي الأرض خرج السلفيون إلي معترك السياسة وجاءت المقدمات من خلال بيان لم تهتم به النخبة السياسية وأجهزة الإعلام ومروا عليه مرور الكرام ولكن كان له ما وراءه فقد أصدرت الدعوة السلفية بالإسكندرية بيانا مقتضبا بعد الثورة جاء فيه:' تعلن الدعوة السلفية أنها بعد التشاور والمحاورة في ضوء المتغيرات الجديدة قد قررت المشاركة الإيجابية في العملية السياسية, وأنها بصدد تحديد الخيار المناسب لصورة هذه المشاركة'.
الخيار المناسب الذي لم يحدده البيان المقتضب اتضحت خيوطه فيما بعد ففضلا عن المشاركة الواسعة والدعوة للتصويت بنعم للتعديلات الدستورية بدأت حركات سلفية الاشتغال بالسياسة والشروع في الإعلان عن تأسيس حزبين سلفيين هم حزبا' النور' و'الفضيلة' فضلا عن تأسيس حركات عديدة بطابع سلفي واضح لا شك فيه..
ففي توقيت متزامن تقريبا تواتر الإعلان عن تأسيس4 أحزاب علي خلفية إسلامية يهمنا منها حزبان لمرجعيتهما ووجوههما السلفية الصريحة وارتباطهما بقيادات سلفية مؤكدة; الأول هو حزب' النور السلفي' والثاني هو حزب' الفضيلة'.. حزب النور هو الأكثر بروزا حتي الآن فيما يتواري حزب الفضيلة في الظل مؤقتا.
حزب النور تصدي لتأسيسه شباب ينتمون للدعوة السلفية بالإسكندرية الفصيل السلفي الأبرز والأكبر وقد نجح مؤسسوه في جمع التوكيلات المطلوبة لتأسيس الحزب والبالغ عددها5 آلاف من عدة محافظات لا تقل عن عشر ويعكف القائمون علي الحزب علي وضع برنامجه بعد الانتهاء من' الدراسات الشرعية اللازمة' للتأكد من خلو البرنامج من أي' موانع شرعية' إلا أن هذا لم يمنع المتصدين لتأسيس الحزب من الإعلان عن كونه حزبا سياسيا ذا مرجعية دينية والهدف من الحزب هو تطبيق الشريعة الإسلامية بطريقة سلمية علمية خاضعة لأحكام الشرع والدين والتي اتفق عليها أهل العلم المخلصون.
وأكدوا التزامهم بالنظام العام والآداب العامة للدولة واحترام الشرعية وعدم الخروج علي مبادئها.
وضع القائمون علي الحزب خطة مدروسة لتأهيل عشرات الأعضاء في مجالات الإعلام والسياسة والقانون والاقتصاد للانسجام مع دورهم السياسي المستجد وفيما يخص حزب الفضيلة فيقوده مساعد وزير الداخلية السابق اللواء عادل عبد المقصود وقال عنه مؤسسوه أنه' حزب سياسي يسعي لنشر العدالة والمساواة بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية', ويضم المكتب السياسي للحزب الدكتور محمد عبده إمام أستاذ القانون الدستوري بجامعة الأزهر, والدكتور حسام أبو البخاري الناشط السياسي السلفي وممدوح إمام المحامي بالنقض, والشيخ فرحات رمضان من أكبر رموز الدعوة السلفية في كفر الشيخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.