يصر الخطاب الإعلامي المصري ممثلا في رموزه البارزة الأكثر حضورا على مواصلة السقوط و الإمعان في تمزيق ما بقي من آصرة و روابط مع الأشقاء العرب !فمن إعلامية تتهم الشعب المغربي العزيز صراحة ب ( القوادة ) إلى إعلامي يفتح النار _ بلا هوادة _ على السعودية ميراثا و تاريخا و حضورا , إلى إعلامي ينعت شقيقة خليجية ب ( الدويلة ) , و أخيرا هاهي ( ريهام سعيد ) تصر أن تضيف لمساتها المسمومة في معزوفة التخريب التعس للأنسجة العربية في علاقات مصر . ظهرت مؤخرا على قناة ( النهار) و هي تتحدث باستعلاء عنصري فج من فوق شاحنة مساعدات للاجئين السوريين في ( بيروت ) , وكان الموقف _ في الظاهر _ أن ثمة مساعدات ملابس يجري ضخها للأطفال السوريين يوم عيد , بيد أن ( المن ) و ( الأذى ) قد انحرفا بالعطاء عن هدفه و حقيقته ليصبح بالمنحى الاستعلائي العنصري الواضح , شكلا رديئا من أشكال الفوقية و العجرفة و التطاوس . و لم يخل الأمر _ سواء أكان ذلك بوازع داخلي من ريهام ,أم بإيعاز من جهة سياسية _ من تضمين رسالة سياسية شديدة ( السمية ) : ( هكذا تفعل مطالبات الحرية و العدالة الاجتماعية بالشعوب . فإن لم يكن ما تريد فلترد ما يكون ! ) لم يبد في وجه ( ريهام ) أي تعاطف دافيء أو لمسات إنسانية شفيقة و لم تكن كلماتها المصاحبة للشو الإعلامي المتلبس كذبا بقناع العطاء ,عاكسا أي لون من ألوان الروح الدمث المعطاء , بل ظهرت المفردتان البغيضتان اللتان حذر منهما القرآن _ في غير موضع _ ( المن ) على الله , و ( الأذى ) للفقراء ! و أي أذى أقسى على النفوس من قولها من فوق ظهر شاحنة الحافلات : ( ..داسوا على بعض و ضربوا بعض عشان ياخدوا الهدوم ..! ) أو قولها باستعلاء الأباطرة و كأنها تصف قطعان ( إنسان الغابة ) داخل قفص : ( ...بصوا إزاي تركوا ولادهم يعيطوا و جروا ورا الهدوم ...! ) و لم نكن بإزاء مشهد ( صبايا الخير ) بل بإزاء ( زبانية عذاب ) يمنون ب ( الخير ) أو يدعونه ادعاء . و بالقطع قطعت الإعلامية المدربة جيدا في حضن فضائيات رأس المال السياسي المفاوز و الصحراوات و حطت بقافلتها التعسة التي أساءت إلى نفسها و إلى مصر ( ألم تدع أن المساعدة للسوريين باسم مصر ؟! ) أقول قطعت هذه المسافات و اندست وسط جموع اللاجئين في ( بيروت ) من أجل هذه الرسالة تحديدا : ( ..هي دي الشعوب اللي تشردت و ضيعت نفسها بالفتنة .. هو دا مصير الناس لما بلدهم تضيع ووطنهم يضيع !! ) كانت الصيحة المتظاهرة بالهلع و الشفقة جزءا شديد الوضوح من بوق الدولة المباركية العميقة التي لم تفتأ تحذر من أية مطالبات شعبية في المستقبل ب ( حريات ) أو ( عدالة اجتماعية ) .. و إلا كان مشهد اللاجئين و المن و الحافلة في الانتظار ! و أكملت اللوحة الإعلامية القميئة مفردات الرسالة المسمومة فمشهد الشاحنة و تدافع الأطفال لأخذ الملابس يجري تصويره بالتقنية البطيئة و في الخلفية موسيقى جنائزية ملتاعة تنتزع الدمع الهتون لتكتمل دراما الشعب السوري الذي ضيع مصائره ب (الفتنة ) _ كما تقول _ و لم يرد في معجمها أي ذكر لقمع بعثي / علوي أو لعصا الدكتاتور العربيد ( بشار )التي فاقت أي تصور أو تفسير لأسباب الوضعية السورية في المجمل منذ أربع سنوات , فضلا عن تحاشي ذكر مفردة ( الثورة ) من قريب أو بعيد ! و المدهش أن تصر ( ريهام ) على اعتبار ( جريمتها ) الإعلامية نجاحا , يستأهل أن تدافع عنه على صفحتها على الفيس بوك متسائلة بروح استعلائي متبلد : ( ..لماذا تشاهدونني ؟ ...) و كأنها تقول : نعم أنا أشعل عود الثقاب قريبا من ملابسكم , فلماذا تقتربون مني ؟ ! ) لن أزيد في معزوفات الهجاء التي وجهت لهذه الحصة الإعلامية غير المسئولة التي قدمتها فضائية ( النهار ) بيتا أو أبياتا , فقد كفاني كثيرون مؤونة ذلك بدءا من الزميل الإعلامي ( يسري فودة ) و عبورا بتعليقا النشطاء و الإعلاميين السوريين التي انطلقت كالدانات و أو خصوصا صفحة ( الجالية السورية في الدانمارك ) , و و خصوصا الناشطة ( نسرين محمد ) التي قالت لها : ( ..أذكرك بالعشوائيات و بيوت الدعارة لديكم ..) أو الناشطة ( حليا خليل ) التي قالت : ( ..الله يشفيك و يشفي كل حدا مريض ..! ) فضلا عن ألوف التعليقات التي انفجرت بالغضب البركاني في الحواضر و العواصم العربية و أوشكت على استنفاد آخر ما تبقى من الرصيد المصري في الوجدان العربي . أما تعليقنا الضافي على كارثة ريهام حول الفتنة و المن و الحافلة فموعدنا معه الأسبوع القادم إن قدر لنا البقاء و اللقاء .