رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجدت في رحيل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل فرصة سانحة لإحداث اختراق في هذا الملف المزمن الذي طالما أرق مضاجع واشنطن ، إلا أنه سرعان ما تلقت ضربة موجعة عندما اختبرت بيونج يانج صاروخا قصير المدى بعد ساعات من وفاة زعيمها. ولم يقف الأمر عند ما سبق، فقد أكد الباحث الأمريكى دوغ بيندو أن ثمة إمكانية ضئيلة لتفجر ثورة مطالبة بالديمقراطية في كوريا الشمالية على غرارالربيع العربى وذلك بعد وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل. وقال كبير الباحثين بمعهد كيتو للأبحاث في الولاياتالمتحدة في مقال نشرته وكالة يونهاب الكورية الجنوبية :" يأمل البعض في تفجر ثورة شعبية في كوريا الشمالية ، إلا أن إمكانية ذلك ضئيلة جدا". وأضاف بيندو"معظم السكان في كورياالشمالية يتمركزون في المناطق الريفية، وترغب الطبقة المستنيرة في الإصلاح ، لكنها لا ترغب في قيام ثورة شعبية". وتابع "لا يبدو أنه سيكون هناك إجراء مفاوضات نووية أو التوصل إلى اتفاق خلال الفترة القصيرة بسبب وفاة كيم جونج إيل بسبب الغموض هناك، الصين أيضا لن تلعب دورا كبيرا، لأنها ترغب أيضا في الحفاظ على الوضع الحالي". ونصح إدارة أوباما بالانتظار ومتابعة الأوضاع أولا، مؤكدا ضرورة إجراء الاتصال مع الصين للحفاظ على الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية مع إبداء العزم لبدء الحوار بيونج يانج. وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل في قطار كان يقله في 17 ديسمبر يعتبر بمثابة فشل ذريع بالنسبة لجهازى الاستخبارات الأمريكى والكورى الجنوبى. وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الامريكية أقرت التقارير الصحفية التى وردت بوفاة كيم بعد إعلان وسائل الإعلام الكورية الشمالية عنها بالفعل في 19 ديسمبر وذلك بعد مضي يومين على وفاته. وتابعت أن فشل الاستخبارات الأمريكية والكورية الجنوبية في التوصل إلى الاتصالات الهاتفية المذعورة بين المسئولين الحكوميين الكوريين الشماليين أو حتى الجنود المحتشدين حول قطار الرئيس الكوري الشمالي يدل على الطبيعة السرية لكوريا الشمالية المنعزلة على نحو يتحدى الجواسيس والأقمار الصناعية. وأضافت "نيويورك تايمز" لأن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يواجهون الآن انتقالا للسلطة محفوفا بالمخاطر من قبل دولة تمتلك أسلحة نووية، مشيرة إلى أن الطبيعة المغلقة لهذه الدولة سيعقد الأمور كثيرا. ولفتت إلى أن جونج اون الرئيس الشمالي الحالي ليس معروفا للعالم ، حتى أنه لم يكن أحد يعلم ما هو شكله حتى العام الماضي، مؤكدة أنه يواجه اختبارا كبيرا حول مدى قدرته على الاحتفاظ بالسلطة في واحدة من أكثر الدول غموضا وقمعية في العالم. وانتهت "نيويورك تايمز" إلى القول إن وفاة الزعيم الكوري الشمالي أثارت قلق وشكوك باقي دول آسيا وألقت بظلالها عبر المحيط الهادىء، حيث تدور الآن في أذهان الدول المعادية وحتى الصديقة لكوريا الشمالية أفكار تتعلق باحتمالات تصرف بيونج يانج بعد تولى كيم جونج اون نجل الزعيم الراحل سدة الحكم. ويبدو أن طموحات إسرائيل بتدمير التحالف الكورى الشمالى مع إيران بعد وفاة زعيمها لن تجد أيضا فرصة سانحة للتطبيق على أرض الواقع, في الغموض الذي يحيط بالمشهد السياسي والعسكري هناك. وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذكرت أن وفاة الزعيم الكورى الشمالى تثير إمكانية تدمير التحالف بين كوريا الشمالية وإيران مثلما يحدث لشريكهما الثالث "سوريا". وأشارت الصحيفة إلى أن وفاة كيم ونقل السلطة إلى نجله كيم جونج اون لايضمن ذوبان جليد في العلاقات بين الكوريتين أو أي خفض في العداء بين بيونج يانج وتل أبيب، إلا أن التغيير يثير إمكانية حدوث فتور فى التحالف بين كوريا الشمالية وإيران. والخلاصة أن إدارة أوباما التي كانت تعول على اختراق الملف الكوري الشمالي لتحقيق نجاح خارجي في عام الانتخابات الأمريكية وجدت حائط صد كبير في هذا الصدد، بل إن القلق زاد في الغرب على مستقبل شبه الجزيرة الكورية، التي تشهد حالة من التوتر بين الكوريتين، فضلا عن الأزمة المتصاعدة بين بيونج يانج وواشنطن على خلفية امتلاك الأولى لترسانة نووية ترى فيها أمريكا وحلفاؤها في آسيا تهديدا لاستقرار المنطقة.