يستعد طلاب المدارس والجامعات هذه الأيام لاستقبال عامهم الدراسي الجديد تزامنًا مع قدوم عيد الأضحى المبارك، وذلك بشراء الملابس، والكتب، والأدوات المدرسية.. فرغم الارتفاع الجنوني في الأسعار، فضلًا عن الضغوطات والأعباء المادية الكثيرة التي أثقلت كاهل غالبية الأسر العربية في شهر رمضان وعيد الفطر، إلا أنهم يحرصون كل الحرص على توفير ما يحتاجه أبناؤهم الطلاب، لإعانتهم على تحصيل العلم، وإدخال السرور إلى قلوبهم.. وهؤلاء الطلاب الذين ينعمون بوجود عوائل لهم - حتى وإن كانوا من محدودي الدخل - أفضل حالا من قرنائهم الذين يعانون ويلات اليتم والفقر المدقع، والذين يعمل الكثير منهم في الإجازة الصيفية أعمالا شاقة لساعات طوال لتوفير ثمن مستلزمات الدراسة، معتمدين على أنفسهم منذ الصغر، حرصًا على طلب العلم، عسى أن ينفعوا أنفسهم وأمتهم في الكبر.. وغالبا ما يكون هؤلاء الطلاب الكادحون أكثر ذكاءً وأعلى مستوى وربما أفضل خلقا من رفقائهم الميسورين، نظرا للظروف الصعبة القاسية التي نشأوا في ظلها، فهم يعلمون علم اليقين أن لا سبيل سوى النجاح والتفوق حتى تتحسن أوضاعهم المعيشية ويمتهنوا مهنًا يتكسبون منها، فيصير لهم كيان وجدوى في مجتمعهم الذي يحتقر كل فقير جاهل وينظر له بازدراء.. لذا ينبغي أن يجتهد كل قادر ماديًا في الوصول إلى هؤلاء الطلاب المحتاجين، ولا يدخر وسعًا في مساعدتهم، وتقديم يد العون لهم، وإشعارهم بأن هناك من يقدر ظروفهم ويعمل على التيسير عليهم وإدخال البهجة إلى قلوبهم، وتخفيف أعبائهم التي جعلتهم كبارا قبل أوانهم، فالتعاون، والتكافل، واجب ومطلوب.. فمن أعان طالبا فقيرا من غير أولاده فإنها بإذن الله صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وفيها كفالة يتيم، وإحسان إلى الفقير، وإعانة المحتاج، ولكل ذلك فضائل عظيمة ومنها: سعة الرزق، والبركة في الصحة والعمر والمال والعيال، ومغفرة ورحمة وأجر مضاعف في الدارين بمشيئة الله تعالى.. عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا" رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الألباني. وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "أحب الناس إلى الله، أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله، سرور تدخله على مسلم" رواه الطبراني في الأوسط. وليكن قدوتنا الإمام عبد الله بن المبارك، رحمه الله، فهو الذي فتح عليه الله من خزائن جوده وكانت له وفرة من المال فكان يكفل، وينفق على عدد من طلبة العلم الذين أصبحوا من الأئمة الأعلام وهم: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض، وإسماعيل بن علية، والكثير من طلبة العلم.