"المتظاهرون ينجحون فى القبض على جنديين من الجيش"!!.. هذا كان العنوان الرئيسى الذى نشره موقع صحيفة "شهيرة" تنفق عليها عائلة صفوت الشريف والهارب فى لندن، ممدوح إسماعيل! العنوان لا يمكن فصله عن السياق الدامى وتفاصيله التى شرع البعض فى توظيفها للشوشرة على ما يحاك من مؤامرات خلف الأبواب المغلقة. عندما تقدم صحيفة صورة للجيش الوطنى باعتباره "عدوًا" أو خارجًا عن القانون.. وللمتظاهرين حق "الضبطية القضائية" وسلطة إلقاء القبض على الجنود فى نقاط الخدمة بالشوارع.. فإنه ليس بوسع أحد أن يعتقد البراءة فيما تكتبه الجريدة بالتزامن مع إشعال الحرائق فى مؤسسات الدولة. غير أن الحدث الأخطر والأهم.. هو التعاطى الإعلامى الخاص، مع واقعة اغتيال الشيخ عماد عفت.. فالرجل هو صاحب الفتوى الشهيرة بتحريم التصويت ل"الفلول".. ولا يعتبر "عفت" مرجعية دينية "شعبوية" فهو فى منزلة علمية ورسمية أعلى بكثير ممن يطلق عليهم "شيوخ الفضائيات".. إذ يتبوأ موقعا علميا "رسميا" وتُعتبر فتواه الأكثر تأثيرا ومصداقية، ولم تكن من قبيل المزايدة على الشارع الذى لايزال رهن عواطف الثورة المتدفقة.. وبالتالى فإن فتواه الأخيرة كانت هى الأبرز والأخطر على مصالح "الفلول" وعلى ملاذاتهم الآمنة فى الكثير من مؤسسات الدولة الإعلامية والسياسية والمالية والأمنية. فاغتيال مرجعية دينية علمية كبيرة، أصّل لقاعدة شرعية للتعاطى مع "بقايا" مبارك وممن يتعرضون لمخاطر جسيمة حال استكلمت الثورة مشوارها نحو تأسيس دولة ديمقراطية تعلى القانون وتحتكم إليه وحده.. ينبغى ألا يتعامل معه باعتباره حادثا عارضا.. وتفسيره بأنه ناتج عن رصاصة "طائشة".. فالمجنى عليه ليس متظاهرًا "عابرًا" فى ميدان التحرير.. وإنما تم اختياره بعناية وجرت تصفيته كرسالة أُبرقت للجميع بأن يد الفلول "طويلة" ويمكن أن تنزع من تريد ومن على الأسرة فى حجرة نومه أو فى الشارع وإن كان فى بروج مشيدة. اللافت فى هذه الواقعة على وجه التحديد.. أن الشيخ "الشهيد" جرى المتاجرة بدمه وتوظيفه فى معاقبة الجيش من خلال الإيحاء بأنه قُتل رحمه الله برصاصة "ميرى" وفى إشارة يراد منها اتهام المؤسسة العسكرية بأنها استخدمت الرصاص الحى للحيولة دون احتلال مبنى مجلس الوزراء! أعتقد أنه فى هذه المرة ليس من مصلحة أحد بمن فيهم المجلس العسكرى، حفظ القضية وتعليقها أو إرجاء الإعلان عن نتائج التحقيق إلى ما بعد الانتخابات، وكما ألمح قيادة كبيرة فى المجلس العسكرى. وأيًا كانت الأسباب ومنطقها، والتى تؤيد الميل نحو رأى "الإرجاء" فإن ما حدث هذه المرة سيغرى حال السكوت عليه تلك "الأشباح" التى تريد "توليع" البلد على ارتكاب حماقات أكثر خطورة. [email protected]