"الحرب الكونية، الجيل الخامس من الحروب".. كلمات باتت تردد في آذان المصريين بين الحين والآخر، مسببة حالة من الضحك الهستيري والكوميديا التي ما تلبث أن تتحول إلى مادة خصبة للسخرية ممن يطلق تلك الكلمات سواء كانوا على قمة السلطة الحاكمة في مصر أو أحد أذرعها السياسية أو الإعلامية. ورغم أن التعريف العلمي الأقرب ل"الأجيال الجديدة من الحروب"، قريب من "احتلال وتغيير في أيدلوجية وتفكير العقول لا احتلال أراض الدول"؛ إلا أن باحثين في الخطاب السياسي والإعلامي يرون أن النظام الحاكم بأذرعه السياسية والإعلامية يحاول دوما تخدير الشعب بنظرية المؤامرة في أقصى تطبيقاتها تطرفا لإلهائه عن رغباته في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية بأمور مثار جدل. ولا يعد حديث الإعلامي تامر أمين عن وجود "مجلس أعلى للعالم" يهدد الدول العاصية عبر إسقاطها بطرق غير تقليدية بشهب ونيازك، هو الأول من نوعه؛ فقد سبقته تصريحات رسمية سابقة للرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه، حيث قال في يوليو الماضي إن "مصر تتعرض الآن لما يسمى بحروب الجيل الخامس، والتي تستهدف هز إرادة المصريين، وزعزعة الاستقرار"، على حد قوله. وأضاف السيسي - في ذلك التوقيت - أن "هذه الحروب يُستخدم فيها وسائل الاتصال والمعلومات؛ لترويج لمعلومات مغلوطة، وتقديم صورة غير حقيقية عن مصر"، مشددا: "لن نسمح لأحد أبدا أن يهد قوة ما فعله الشعب المصري في 30 يونيو، و3 يوليو، من خلال الاعتماد على مثل هذه الممارسات الإرهابية". كما قالت مستشارة الرئيس لشؤون المرأة سكينة فؤاد، في حوار صحفي أجرته معها صحيفة "العرب" اللندنية في شهر مارس من العام الماضي، إن "مصر تواجه حربا كونية وتحتاج إلى حكومة قوية وقائد يستطيع أن يكون على قدر كبير من الثقة والاطمئنان لدى المصريين، ما يجعله قادرا على اتخاذ القرارات الصعبة". وأضافت سكينة فؤاد، في إطار الحملة الإعلامية لتنصيب السيسي رئيسا على مصر، أنه "على قدر غنا البلد بالثروات، فقد زرع في داخله كثير من عناصر التمزيق، وسقوطه هو الجائزة الكبرى في المخطط الذي يهدف لصناعة المحيط الآمن حول إسرائيل، ويتحول العرب إلى لاجئين". وعلى طريقة السيسي في تعظيم التحديات التي تواجهها مصر إقليميا وعالميا، جاء حديث الإعلامي تامر أمين، على قناة "روتانا مصرية"، عن الحرب الكونية التي تجابهها مصر في الفترة الحالية. وبحسب أمين، فان "المجلس الأعلى للعالم" يقوم باستخدام تكنولوجيا تمكنه من التحكم في الطبيعة لتدمير بعض الدول دون الحاجة لخوض حروب مباشرة، وذلك عبر أحداث تسونامي وزلازل وبراكين. وبواسطة هذه "الحرب الكونية" التي يقودها المجلس، الذي يضم أجهزة مخابرات وأجهزة أمنية عالمية، تستهدف بعض الدول ومنها مصر، يمكن أن يتم توجيه "نيازك الى بلد ما بدلا من الصواريخ" على حد تعبير تامر أمين وما نقله عن ضيوف برنامجه. وخلال برنامجه "من الآخر"، على فضائية روتانا مصرية ، قال أمين: "هذا المجلس استطاع التوصل لتكنولوجيا تمكنهم من التحكم في الطبيعية وتدمير عدد من الدول دون الدخول معها في حرب". وأثارت تصريحات تامر أمين عن "المجلس الأعلى للعالم" موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقت العنان لخيال النشطاء والمغردين على تويتر. وسخر الإعلامي باسم يوسف عبر حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى تويتر تعليقا على حديث تامر أمين عن وجود منظومة تسمى المجلس الأعلى للعالم الذى يتحكم فى إثارة البراكين وتوجيه النيازك والزلازل لتدمير دول. وقال باسم: "اعتذر عن عدم الرد على التويتات مشغول لشوشتى فى فعاليات المجلس الأعلى للعالم، تحبوه كام ريختر؟". وغرد الإعلامي سامي كمال الدين: "قريبا سأرشح نفسي لرئاسة المجلس الأعلى للعالم وستنطلق الحملة من الكرة الأرضية اللي تحت الأرض". وعلق الإعلامي عماد الدين السيد: "عشان الناس تعرف إن الجو الحر الأسبوعين اللي فاتوا دول، كان بقرار من المجلس الأعلى للعالم، ودي مجرد قرصة ودن يا مصريين والمرة الجاية نيازك وبراكين. براكين في قلب السيدة عيشة وبولاق والمنوفية وأي حد ممكن يلعب في القشرة الأرضية، ورقصني يا جدع". وشارك الباحث السياسي خليل العناني: "المجلس الأعلى للعالم يعلن عن فتح باب الترشيح لعضويته ويشترط أن يكون العضو خبير استراتيجي أو لواء سابق". وفي تعليقها على ظاهرة "الحرب الكونية" قالت الباحثة الإعلامية "مروة السيد" إن "أبسط وصف لهذا الكلام "عبث"، ومن يقوله "عابث" ومن أملاه له عابث ولا يصدقه إلا عابث". وفي تصريحات ل"المصريون"، أضافت "لو نظرنا للشكل العام للكلام ماذا تعني كلمة المجلس الأعلى للعالم وان كان هناك مثل هذا التنظيم فما فائدة "الأممالمتحدة" المنظمة ذات القطبين (الجمعية العمومية ومجلس الأمن) ولكن الإعلامي هنا يعتمد على أنه لا يوجد من يراجعه أو يبحث وراء كلامه بموضوعية". وأوضحت: "مع افتراض جدلا وجود ذلك المجلس الذي يتحدث عنه، فهل تكون مهمته هي التألي على القدرة الإلهية فإذا شاء عمل تسونامي أو نشط بركان أو عبث بمكونات القشرة الأرضية لعمل زلزال، طيب ان كان العلم البشري لديه تلك القدرة أليس من الأولى به أو يوجهها لإنقاذ البشرية من هذه المخاطر فيوقف عمل بركان نشط قبل أن يثور أو ينقذ المناطق التي تكثر بها الزلازل وتؤدي إلى كوارث من تلك الكوارث". وتابع مروة السيد: "مثلا الزلزال الذي حدث في اليابان منذ أعوام قليلة وأصاب مفاعل نووي وأدى إلى كارثة اضطرت معها الحكومة اليابانية لانتداب فرقة فدائيين للتعامل مع كارثة المفاعل بما سيجلبه لهم من موت محقق إلا أنهم قبلوا ذلك لإنقاذ بلادهم من كارثة ألم يكن من الأولى بالعلماء أن يتعاملوا مع الزلزال قبل أن يقع ويجنبوا اليابان كل ما حدث". وشددت الباحثة الإعلامية على أن "هذا الكلام لا يصدقه عقل واع وكون المذيع خرج ليقوله على الشاشة بمثل هذه الجرأة فهذا له معنى من اثنين: إما أنه يستخف بجمهوره لدرجة ازدراء عقولهم فاعتقد أنهم من البلاهة ليصدقوا ذلك، أو أنه لا يدرك معنى ما يقولك وبذلك أتى الكلام من عينة (سمك لبن تمر هندي)".