بعد انتهاء محاكمتى فى عام 1983 قابلت عددًا من ضباط الشرطة تحدثوا معى حول الأحداث وما كان فيها من مفاجآت أو أسرار .. ولكن الذى استوقفنى حوار مهم كان مع أحدهم سألنى عن تسليم السلطة إذا نجحت تحركات 1981 فلما شرعت فى شرح ما كنا نريده سألنى مقاطعًا ومن الذى كان سيتولى المسئولية آنذاك قلت له إن الأمور ستئول إلى قيادة من مجلس شورى ومتخصصين أكفاء سيديرون شئون البلاد , ولم نكن نحن كثوار من بين هؤلاء .. فأبدى لى دهشته وقال هذا على المستوى النظرى, ولكن حين تصلون فعلاً إلى الحكم كنتم ستتمسكون بكرسى الحكم لأن بريق السلطة بعد امتلاكها يجعل الشخص أسيرًا لها !! فقلت له لم يكن ذلك فى أذهاننا , بدليل أننا بالفعل رشحنا عددًا من الأسماء لهذه المهام , فقال إن الحالة النفسية بعد الوصول للسلطة ستختلف كثيراً , فقلت له كيف ؟ فقال ستحدثون أنفسكم أنكم بذلتم وأعطيتم وأن الذى سيتولى ليس بأفضل منكم!! وأنه ليس من المنطقى أن تسلم السلطة إلى أشخاص لا تدرى ماذا سيفعلون بالبلاد بل سترون وقتها أنكم الأحرص على الثورة والأوعى فى إدارة شئونها !! ضحكت لقوله هذا وأكدت له موقفنا الذى كنا نرى فيه أننا مازلنا فى مقتبل العمر وسن الشباب وأن مساعينا كانت من أجل هذه البلاد كما أن هناك من أصحاب الخبرات والكفاءات المتقدمة فى السن ما يمكنهم إدارة الدولة بجميع الطاقات المتاحة على مستوى البلاد , والنهوض بها, وانتهى الحوار على هذا النحو بينى وبينه ... واليوم يتكرر نفس المشهد حيث يسألنى العديد من المواطنين حول موقف المجلس العسكرى واحتمالات عدم تسليم الحكم أمام بريق السلطة التى يمكن أن ينسى فيها المرء وعوده التى قطعها على نفسه وأشهد الله عليها وقد يزين لنفسه من الأسباب التى تؤكد على أن بقاءه فى السلطة هو من مصلحة البلاد التى هم أحرص عليها من غيرهم!!. فأسرعت على الفور أوضح لهؤلاء المواطنين أن ذلك لن يحدث , فقالوا وما الذى يجعلك واثقاً من ذلك , قلت إننى على يقين من أن القوات المسلحة المصرية عوّدت رجالها على الوفاء بالوعد واحترام الكلمة , فضلاً عن أن ذكاء المجلس العسكرى يمنعه من أن يقع فى هذا المأزق, فلن يُدخل نفسه فى صراع مع الشعب يكون فيه هو الطرف الخاسر , ويتحول من الموقع الذى يُشار إليه فيه بالبنان إلى الموقع الذى يلصق به تهمة الغدر والخيانة , وهو أمر تأباه القوات المسلحة المصرية . إننا نريد أن نحتفل بذلك اليوم المجيد الذى سيتم فيه تسليم السلطة .. نحتفل به كيوم عيد للقوات المسلحة مثل عيد تحرير سيناء فسيكون يوم ( الوفاء ) حيث يتم الإشادة فيه كل عام بدور القوات المسلحة فى ثورة 25 يناير مثلما نتحدث خلال شهر أكتوبر عن إنجازات القوات المسلحة وبطولاتها . أيها المواطنون إن قواتكم المسلحة رجال لا تغريهم السلطة يضحون من أجل الوطن وينتظرون الأجر عند الله فاللهم لا تخيب ظنى فيهم واجعلهم طوعًا لشعبهم محترمين لإرادته , راضين بدورهم فى حماية الوطن من الأخطار الخارجية , وعلى أتم الاستعداد لحماية الجبهة الداخلية إذا طلبت ذلك منهم الشرعية المتمثلة فى الرئيس القادم أوالمجالس النيابية وفقاً لأحكام الدستور الذى ستقره الجمعية المختصة بعد تشكيل مجلسى الشعب والشورى . ثم إن الدور الإيجابى الذى قامت به القوات المسلحة فى الانتخابات هو عمل يتصف بالحيدة والنزاهة والعدالة فى حراسة الصندوق الذى يعبر فى مضمونه عن إرادة الشعب المصرى وهو ما يؤكد على بداية تنشيط للخطوات الصحيحة فى اتجاه تسليم السلطة فى موعدها المقرر 30 يونيو المقبل . والله المستعان