الدبلوماسي السابق ومؤسس جبهة «الضمير» «مرسي» شكّل مجموعة عمل لحل أزمة سد النهضة وكانت ستبدأ فى 6 يوليو حقل الغاز «شروق» ليس جديدًا وما يروجه الإعلام عنه مبالغة ساذجة زيارة السيسى إلى سنغافورة «كوميدية» لأن الحفاظ على النيل أولى من تحلية البحر قدمت للسيسى حلولاً ناجزة لأزمة سد النهضة لكنه فاجأنى بكارثة «أديس أبابا» مصر تتبع سياسة «العناد» فى علاقاتها الخارجية وتستخدم «الكراهية» كسلاح سياسي فساد 45 سنة بقطاع البترول.. والمسئولون عنه يعتبرونه أسمى من الدولة والجيش طالبت «البلتاجى» بخلع عباءة الإخوان قبل الانضمام لجبهة الضمير «الضمير» كانت جبهة وطنية تعبر عن الوطن ولكن أعضاءها تركونى وحيدًا طالبت «بديع» بعدم المنافسة على أغلبية البرلمان أو تقديم مرشح للرئاسة اتفاقية مصر وقبرص بشأن ترسيم الحدود البحرية باطلة وتهدر حقوقنا
"مصر هتعجن عجين الفلاحة".. قالها السفير إبراهيم يسري، خلال حوارنا المطول معه عن أزمة سد النهضة الإثيوبى وطرق وسيناريوهات معالجتها التى تقدم بها إلى ثلاثة أنظمة حكمت مصر دون اهتمام أو إجابة، وكان آخرها نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وقع منذ وقت قصير اتفاقية "أديس أبابا" والتى أكد يسرى أن إثيوبيا تستطيع من خلالها التحكم فى مياه وكهرباء القاهرة، وأنها قد تطلب من مصر أن "تعجن عجين الفلاحة" للحصول عليهما. السفير إبراهيم يسري، قامة دبلوماسية كبيرة مثلت مصر فى العديد من المحافل الدولية المختلفة، تولى مسئولية إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية بوزارة الخارجية، وكان له دور بارز ورئيس فى توقيع مصر على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وكذلك فى كشف الفاسدين بقطاع البترول وفضح ممارسات المسئولين المخالفة للتشريعات الداخلية والقوانين والمعاهدات الدولية التى تستبيح حقوق المصريين وتنهب ثرواتهم.. أجرت "المصريون" معه حوارًا طويلاً كشف فيه حقيقة اكتشاف حقل الغاز "شروق"، ويروى لأول مرة تفاصيل جديدة عن "جبهة الضمير" وفرصة "مرسي" الضائعة لحل أزمة السد وغيرها من الأمور الشائكة. كيف استقبلت الإعلان عن اكتشاف أكبر حقل غاز فى المياه الإقليمية المصرية "شروق"؟ هو ليس جديدًا.. فنحن لدينا 3 حقول مصرية منهوبة أحدها ضخم جدًا كذلك اكتشفته شركة "B.P" البريطانية العاملة فى مجال البترول لكنها أبرمت عقدًا غريبًا ولم أسمع به مطلقًا فى دنيا البترول مع الحكومة المصرية ينص على أن تستهلك بريطانيا الغاز كله مع استعدادها لإعطائنا ما نحتاجه منه بسعر مخفض، رغم أنه ملكنا وتم اكتشافه فى مياهنا الإقليمية، وما يروجه الإعلام وصحافة النظام بخصوص ذلك الحقل مبالغة ساذجة مراد منها إيهام الشعب بأن هناك إنجازات واكتشافات غير مسبوقة. من خلال متابعاتك للفساد فى قطاع البترول.. إلى أين يصل الآن؟ وماذا تم بخصوص قضيتك لوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل؟
قطاع البترول غارق فى الفساد منذ 40 أو 45 سنة، وهو أسمى من الدولة والمؤسسة العسكرية، فالمسئولون فيه يفعلون ما يريدون والأرباح فيه بالمليارات وليست ملايين، وقد تم حفظ بلاغى ضد مسئولى البترول ورفضت المحكمة إصدار الحكم رغم تقديم خرائط قمر صناعى وخرائط شركات بترولية، بالإضافة إلى الخرائط الإسرائيلية الحقيقية التى تم بناء عليها نهب الغاز من قبل إسرائيل وقبرص، كذلك قدمنا أقراص DVD ولكن المحكمة اعتبرت أن الأمر ليس من اختصاصها رغم أنه من اختصاصها بلا شك ولكنها ربما رأت أن الوقت ليس مناسبًا. وماذا عن تعديل الاتفاقية الموقعة بين مصر وقبرص بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين؟ نحن نطالب ببطلان التقسيم وليس التعديل، وهذه الاتفاقية باطلة من الأساس ولا يمكن تعديلها، فهى مخالفة للمادة 74 من اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار، وفى حالتنا مع قبرص نصت اتفاقية الأممالمتحدة على أنه لا يجوز عقد اتفاقيات ترسيم حدود بحرية فى المنطقة الاقتصادية الخالصة إلا بالتنسيق بين الدول، ونحن لدينا 13 دولة تبدأ من تركيا وحتى ليبيا، والاتفاقية المبرمة مع قبرص تشير إلى المادة وتنص على أنها اتفاقية مؤقتة وقابلة للتعديل ورغم ذلك ومع كل الظلم الواقع علينا إلا أن مصر أبرمت اتفاقية أخرى مع قبرص منذ أشهر قليلة تنص على أنه من حق قبرص دخول المنطقة المصرية من أجل المكثفات الكربونية ولكن ليس من حق مصر الدخول المنطقة القبرصية المسروقة منا فى الأساس. كيف ترى السياسة الخارجية لمصر والتحركات الدبلوماسية الحالية؟ نحن فى مصر نفكر بعقلية بدوية وشخصية، فليس هناك ما يسمى ب"المصالحة" وإنما هناك "تسوية"، كذلك نحن نستخدم الكراهية كسلاح سياسى وفى السياسة لا يوجد كراهية أو حب، وهناك سياسة غريبة يمارسها النظام الحالى وهى سياسة "العند" مثل الحلف الذى تم مع اليونان بعد إفلاسها وقبرص الذى كان مجرد عناد مع تركيا، فهذا الأسلوب لا يمت للسياسة أو الدبلوماسية بصلة وإنما يليق بجلسات "المصاطب"، على ناحية أخرى، مصر فى أزمة والعالم كله يعلم بما يدور داخلها، فهى بدون مجلس تشريعى وتبدو وكأنها ملك لشخص واحد يصدر قوانين بعدد قياسى لم نره من قبل، والدول تعرف أن ما حدث هو "انقلاب" ولكن السياسة لها متطلبات أخرى، ووجود النظام الحالى يحقق مصالح لأمريكا وإسرائيل وهم لا يعنيهم القتل والحبس والحرق وغيرها من الانتهاكات، لكنهم محرجون أمام شعوبهم ويصدرون تصريحات غير حقيقية لإرضاء شعوبهم وحفظ ماء وجههم أمامها فقط. كيف ترى تحركات الرئيس السيسى الخارجية والتى كان آخرها زيارته إلى سنغافورةوالصين؟ زيارة الرئيس إلى سنغافورة "كوميدية" جدًا ولا أجد مبررًا أو دافعًا حقيقيًا لها سوى الاستراحة خلال رحلة السفر إلى الصين الطويلة، فهى كدولة تعيش على التجميع والتركيب من الصين وماليزيا، ولا تتميز بشيء ما خاص بالصناعة أو العلوم ولكن كل ما يمكن التحدث عنه فيها هو السياحة، وأنا لا أفهم الهدف من الزيارة، فبدلاً من التعرف على الطرق الحديثة لتحلية مياه البحر كان الأولى الحفاظ على النيل وعدم التفريط فى حقوقنا المائية بهذا الموقف المخزى أمام دولة كإثيوبيا. كيف ترى المشهد الحالى بين مصر وإثيوبيا بخصوص سد النهضة؟ كما قلت هو موقف مخزٍ ويبرز مدى الحقد الدفين الذى تحمله إثيوبيا لمصر، فهى أصبحت تملك الآن التحكم فينا عن طريق المياه والكهرباء، وخصوصًا بعد توقيع الرئيس السيسى اتفاقية أديس أبابا التى أهدر وفرط من خلالها فى حقوقنا المائية التاريخية وأصبح واردًا جدًا أن تطالب إثيوبيا مصر بأن "تعجن عجين الفلاحة" من أجل الحصول على احتياجاتها من المياه والكهرباء، وهنا لا أدرى أين تهديدات عبد الناصر والسادات؟ وأين رابع أقوى جيوش العالم؟ أليس من الأولى أن يتولى الجيش المصرى مسئولية تأمين نيل مصر بدلاً من الاهتمام بالسياسة؟ هل تطالب بتدخل عسكرى فى إثيوبيا لمنع استكمال بناء السد؟ لا بالطبع، وإن كنت أعلم يقينًا أنه لو لم تتخذ مصر موقفًا حازمًا وحاسمًا بشأن ذلك فسيأتى اليوم الذى يحمل فيه كل مصرى روحه على كفه ويدافع عن حياته وحياة أسرته بدمه. وماذا ترى لحل الأزمة دون الاضطرار إلى تدخل عسكري؟ أرى أنه علينا فى البداية أن نعد وبسرعة هجومًا دبلوماسيًا شرسًا، إن صح التعبير، وأن ندرك أن خيار استخدام القوة أصبح ضروريًا ولا يمكن استبعاده، ولا تعنى القوة هنا الاشتباك العسكرى المباشر إلا إذا وصل الأمر إلى أن نكون أو لا نكون، وقد تقدمت فى هذا السياق بمقترحات إلى أصحاب القرار والمسئولين عن الملف قبل ثورة 25 يناير، وأعدت تقديمها إلى رئيس الوزراء عصام شرف فى 10 يونيو من العام 2013 وأخيرًا إلى وزير الدفاع بعد 3 يوليو 2013، ولكنى فوجئت منذ شهور قليلة بتوقيع اتفاقية أديس أبابا وتأكدت حينها من أن رسالتى إلى الرئيس السيسى لم تصله أو أنها وصلته ولم يهتم بها. وما تقييمك لجهود النظام الحالى والأنظمة السابقة بشأن بناء السد الإثيوبي؟ طبعًا عبد الناصر والسادات لم يكن لديهما استعداد للتفاهم بشأن حقوق المصريين التاريخية والمصيرية ولم يكن هناك شبهة تهاون بشأن ذلك، كذلك فإن مبارك كان يدرس بالفعل اللجوء للخيار العسكرى فى 2010 بالتعاون مع السودان ضد إثيوبيا حين هددت ببناء السد، وكما أكدت تسريبات موقع "ويكيليكس" أنه فى رسالة إلكترونية تعود إلى الأول من يونيو لعام 2010 منسوبة إلى مصدر أمنى رفيع المستوى كان على اتصال مباشر بمبارك وعمر سليمان تتحدث عن إرسال طائرة ببساطة لقصف السد والعودة فى نفس اليوم أو إرسال قوات خاصة لتخريبه، ولكن بالنسبة للنظام الحالى فهو لا يبذل أى جهد من وجهة نظري، بل على العكس هو يهدر حقوقنا ويفرط فيها دون سبب مفهوم ويكفى أن وزير الرى صرح منذ أسبوع واحد بأن هناك شحًا مائيًا فى مصر وأن القضية فنية وليست سياسية. وماذا عن فترة تولى الرئيس الأسبق محمد مرسى لرئاسة الجمهورية؟ كيف ترى إدارته للأزمة؟ عقد الرئيس مرسى خلال ولايته اجتماعًا مع جبهة الضمير، وكان لقاءً متلفزًا جلست فيه إلى جواره قدمت خلالها ورقة عمل مفصلة بخصوص القضية وهو لم يكن ملمًا بها بشكل كافٍ، وطالبته بمحاكمة 9 وزراء رى مسئولين عن استمرار الأزمة وكان ضمنهم رئيس الوزراء وقتها هشام قنديل، كما طالبت بتشكيل مجموعة عمل بعيدة عن مجلس الوزراء تتكون من شباب مثقف ومتخصص يدرسون الموضوع ويقدمون اقتراحات وحلول، وبالفعل اتصلت بى الرئاسة وأبلغتنى بتشكيل المجموعة وكان من المقرر أن نلتقى ونبدأ العمل فى يوم 6 يوليو لكن ما حدث قبلها فى 30 يونيو و3 يوليو أطاح بكل ما كنا ننوى القيام به، ومع ذلك لم أكف عن محاولة توصيل رأيى للقيادة الجديدة لحل الأزمة وأرسلت للرئيس الفعلى للبلاد عبدالفتاح السيسى بحثًا كاملاً عنها تتضمن مقترحات وسيناريوهات هامة وموجعة لإثيوبيا بشأن الحفاظ على حصتنا المائية لكن كما قلت يبدو أنه لم يصل إليه فعلاً أو أنه لم يهتم. وما رأيك فى الموقف الدبلوماسى المصرى تجاه قطر الآن؟ هناك قاعدة أو نظرية دبلوماسية قديمة ترى أنه فى حال حدوث مشاكل وخلافات مع بلد ما يجب إرسال أفضل طاقم دبلوماسى إليها وليس قطع العلاقات أو تهميشها، وهو ما لم تفعله مصر مع قطر التى رغم صغر حجمها إلا أنها تلعب دورًا كبيرًا فى المنطقة وتنشغل بقضايا كبرى تهملها مصر أو لا توليها اهتمامًا يليق بحجمها كأكبر دولة عربية، فمثلا كانت مصر هى الأولى بأزمة إقليم كردفان وكذلك أزمة لبنان بخصوص الرئيس لكنها لم تفعل شيئًا، بينما قطر تعقد مؤتمرات دبلوماسية ضخمة بشأن ذلك. حدثنا عن جبهة "الضمير" التى تم تأسيسها قبل عزل الرئيس محمد مرسي.. عن ذكرياتك معها وماذا تبقى منها الآن؟ جبهة الضمير تم تشكيلها من قوى سياسية متنوعة من بينها جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب أخرى منها حزبا الوسط والعمل وشخصيات سياسية، وكانت اجتماعاتنا تنعقد هنا فى منزلى وقد حرصت حين عُرضت على رئاسة الجبهة على مطالبة الأعضاء بخلع عباءة فصائلهم السياسية والعمل كضمير للأمة وليس لجماعة أو حزب وهو ما شددت عليه فى حديثى مع "البلتاجي" الذى طالبته بخلع "عباءة الإخوان" قبل الانضمام للجبهة، وقد استجاب بصدر رحب وقتها وأكد ضرورة ذلك، وكنت أمنع خلال الاجتماعات فلتات البعض حين يغلبهم انتماؤهم السياسى وأجدهم يخالفون ذلك، أما الآن.. فللأسف لم يتبق من الجبهة شيء فكل أعضائها غير موجودين الآن، أكثرهم غادر البلاد وسافر إلى الخارج خوفًا من بطش النظام الحالى أمثال حاتم عزام والدكتور محسوب والمستشار وليد شرابى وعمرو عبد الهادى ومحمد شرف وإيهاب شيحة، والآخرين الموجودين حاليًا فى مصر تركونى وحيدًا تمامًا. موقفك الحالى من النظام وحديثك عن شرعية الرئيس السيسى يضعك فى إطار واحد مع جماعة الإخوان المسلمين.. ما تعليقك؟ لست عضوًا فى جماعة الإخوان المسلمين، ورغم أن لدى تحفظات وانتقادات ضد بعض ممارساتها منذ ما قبل ثورة يناير إلا أننى أعتبرها فصيلاً سياسيًا مصريًا أصيلاً ونبيلاً، وقد تحدثت مع قياداتها ومع المرشد محمد بديع عن تحفظاتى كذلك، ولكنى أتفق معهم ومع كثيرين الآن بخصوص ما حدث فى 3 يوليو والطريقة التى تم بها "الانقلاب" على شرعية أول رئيس مدنى منتخب وما تبع ذلك من إجراءات وجرائم قتل وحبس. ما هذه التحفظات؟ من خلال تجربتى مع الإسلاميين فى الجزائر مثلاً حين كنت سفيرًا لمصر، رأيت أن دورهم هو الحفاظ على هوية الجزائر ولا يطالبون بتغييرها وإنما فى مصر الأمر مختلف، وقد أوضحت ذلك لمرشد الإخوان ونصحته بعدم المنافسة على أغلبية البرلمان لعدم وجود كوادر سياسية مجهزة للعمل السياسي، كذلك طالبته بعدم خوض الجماعة لانتخابات الرئاسة بعد ثورة 25 يناير والاكتفاء بنسبة 25% فى البرلمان مع دعم شخصية مدنية متوافق عليها لخوض الانتخابات الرئاسية، وهو ما استجاب له عدد كبير من القيادات الإخوانية، ولكن فوجئت بعدها بتغلب العقلية التنظيمية وأخذهم القرار بالمشاركة والمنافسة على الرئاسة، كما لم أكف عن تقديم النصيحة بضرورة دعم البعد السياسى لدى أعضاء الجماعة وكوادرها إلى جانب البعد الديني.