يهبط الطفل محمود حيدر بسلامٍ على الأرض، بعد أن يقفز برشاقة في الهواء، متجاوزا ثلاثة من رفاقه استلقوا على ظهورهم في صالة "الألعاب القتالية" داخل نادي المشتل الرياضي في مدينة غزة. ولم يثنٍ فقد البصر صاحب ال"11 عاما"، من أن يؤدي بمهارة الحركات الأرضية، الخاصة ب"الجمباز"، ضمن تمارين وتدريبات رياضة "الكاراتيه". ويشارك حيدر في التدريبات سبعة أطفال آخرين مكفوفين، ضمن أول فوج يقوم "نادي المشتل" بتخريجه في لعبة الكاراتيه للمكفوفين. هذا الفوج هو الأول من نوعه في فلسطين، بل في الوطن العربي، بحسب مدرب الفريق حسن الراعي، الذي يشرف على تدريب الأطفال. ويقول الراعي لوكالة الأناضول، إن الأطفال وبعد شهرين من التدريب تخرجوا من المرحلة الأولى المتمثلة ب"الحزام الأبيض". ويضيف:" أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، لهم الحق في ممارسة الرياضة، وما يفعله الأصحاء، في النادي قمنا باختيار هؤلاء الأطفال من أحد المراكز المختصة برعاية المكفوفين، وقمنا بتدريبهم جيدا". وينصت الأطفال الثمانية (أصغرهم 6 أعوام، وأكبرهم 14 عاما)، جيدا لما يقوله المدرب، الذي يشعر بالرضا لإتقانهم الحركات بسرعة يصفها بأنها "مثيرة للدهشة والإعجاب". ويرتدي المكفوفون زي "الكاراتيه" الأبيض محاطا ب " الحزام الأصفر"، استعدادا للوصول إلى درجات متقدمة في فنون "الكاراتيه" الرياضية. ويختلف ترتيب الأحزمة من بلد إلى آخر، فالحزام هو للدلالة على مستوى المهارة القتالية التي وصل إليها صاحبها، والتي تتراوح بين المستويين المبتدئ "كيو"، والمتقدم "دان". وفي الصالة الرياضية، يقول الراعي، إن تدريب الأطفال المكفوفين يعتمد على الإدراك الحسي، مضيفا:" لأكثر من ساعتين بشكل يومي، يتم تدريب الأطفال وفق برنامج دقيق، يعتمد على اختيار الألفاظ والحركات التي تتناسب مع إعاقتهم". ويبدو الطفل مؤمن البيطار، 14 عاما مدركا تماما لما يقوله المدرب، وهو يعلمه كيفية تفادي ضربة زميله الموجهة إليه. ويقول البيطار، إنّه أدرك ذلك بعد عدة تمارين تعتمد على الحس الإدراكي لديه، وحفظ الاتجاهات وتحديد مصدر الصوت. ويتابع:" أنا أشعر بالسعادة، الكاراتيه بالنسبة إلينا وسيلة للدفاع، والتفريغ النفسي". ويطمح محمد مهاني (10 أعوام) أن يشكل برفقة زملائه فريقا للمكفوفين يمثل فلسطين في المحافل الدولية، ويحصل على البطولات والألقاب في رياضة الكاراتيه. ويبدو المدرب الراعي متفائلا، بما يقدمه الأطفال من مرونة واستيعاب، مؤكدا أنهم يتفوقون على أقرانهم من الأصحاء، مشيرا إلى أن النادي يطمح في الأيام المقبلة لزيادة عدد المنضمين إلى النادي من المكفوفين. وبحسب إحصائية ل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد الأفراد الذين يعانون من إعاقة بصرية، في قطاع غزة يبلغ 6905 أفراد.