عندما كانت أوروبا فى أوج تعاونها مع أمريكا لمكافحة الإرهاب الذى انطلق منذ أحداث 11 سبتمبر ، قامت الدنيا فى بلدان أوروبا ولم تقعد قبل 4 أعوام ، مع فضح خفايا «البرنامج السرى» للسى إى أيه " المخابرات الأمريكية " والذى سمح لها بالتجسس على معلومات الاتحاد المصرفى المتمركز فى بروكسل ، والذى يتم خلاله تحويلات مالية لأكثر من 7600 مؤسسة مصرفية فى العالم ، مما اعتبر معه تجسسًا هائلا وتعديًا على الخصوصية والمعلومات الشخصية ، وتعللت أمريكا فى ذلك بكل تبجح بأن هذا البرنامج من أجل أمنها وأمن أوروبا و العالم أجمع ، لتتبع التمويلات الإرهابية ، ولم تنته هذه الضجة حتى ثارت أخرى ضد أمريكا برفض الاتحاد الأوروبى وبرلمانه الموافقة على إجراءات من شأنها الكشف عن معلومات شركات الاتصالات حول المكالمات الهاتفية للمواطنيين المشتبه فى صلتهم بالإرهاب ، أو معلومات شخصية حول المسافرين لأوروبا ، وكان هذا الرفض حتى لا تستغل أمريكا تلك المعلومات بصورة أو بأخرى ، ولا تمنحها لأى جهة تسىء استخدامها، وذلك رغم التعاون القوى والمصالح بين الجانبين فى كل المجالات ، والتى توجها " التعاون لمكافحة الإرهاب". لزم ذكر ذلك ، لطرح المقارنة حول ما يدور الآن من أقاويل وتفسيرات حول الاتهامات بوجود علاقة بين شبكات موبينيل لمالكها نجيب ساويرس وبين إسرائيل " مع الفارق بأن أمريكا وأوروبا أصدقاء حتى النخاع ، أما مصر وإسرئيل على النقيض حتى النخاع أيضًا رغم كل محاولات التطبيع والتلوين " ، ووفقًا لما قاله بشار أبو زيد المتهم الأردنى بالتجسس لحساب إسرائيل ، فقد اتهم ساويرس وشركته بتمرير المكالمات لإسرائيل ، من خلال أبراج التقوية التابعة للشركة فى منطقة العوجة القريبة من الحدود الإسرائيلية ، وهى الشبكات التى أكد تقرير الجهاز القومى للاتصالات أنها تخدم عمقًا لا يقل عن 10 كيلو مترات داخل حدود إسرائيل ، كما يمكن من خلال مكبرات الإشارة الكهرومغناطيسية استقبال إشارات موبينيل بعمق لا يقل عن 25 كيلو مترًا ، ونقلها فيما بعد إلى عمق أكبر فى الأراضى الإسرائيلية ، ومقابل هذا يعانى عملاء موبينيل من ضعف مستوى الصوت والتشويش خاصة فى منطقة العوجة . ومعلوم أن رخصة بناء ومد شبكات شركات المحمول تمر بالعديد من الوزارات والهيئات الحكومية قبل الموافقة عليها ، فى مقدمتها الجيش الذى يجب أن يوافق على التراخيص حول المدى المسموح لشبكات الاتصالات ، حتى لا يتعارض مع شبكة الاتصالات الخاصة بالقوات المسلحة من جهة ولا يهدد الأمن القومى من جهة أخرى ، ثم رخصة وزارة الاتصالات وموافقات من هيئات حكومية كالطرق والكبارى والصرف الصحى وغيرها ، و موافقة القوات المسلحة أمر أساسى ، وبدونه لا يمكن للشركات مد شبكات الفايبر الخاصة بها وكل هذا يثير تساؤلاً وحيدًا ، هل كانت هذه الجهات كلها تعلم بإمكانية وصول تغطية خدمات شبكات موبينيل إلى عمق الأراضى الإسرائيلية ..؟ إن ما ورد فى أقوال الجاسوس الأردنى ضد ساويرس يتطلب وقفة هائلة وجاده ، ويتطلب توضيحات وردود رسمية من كل الجهات المعنية التى منحت تصريح إقامة شبكات الاتصالات لموبينيل ، ومن ساويرس نفسه فلا يمكن ترك تلك المعلومات الخطيرة لتمر مرور الكرام ، أو نستهلكها كمادة إعلامية محصورة فى خبر أو تحقيق صحفى فكرية أحمد [email protected]