المناحة التى يقيمها العلمانيون بعد اكتساح الإسلاميين للانتخابات مناحة متكلِّفة ومصطنعة، كأن القوم كانوا فى غيبوبة وفجأة استيقظوا على الفوز الساحق للإسلاميين فى المرحلة الأولى، وكأن قوتهم تبدّدت وخارت فجأة.. مع أنهم يعرفون تمامًا أن فى أى مواجهة انتخابيَّة ضدّ الإسلاميين سيكونون من الخاسرين حتى وإن كانت مجالس آباء فى المدارس.. وكان أجمل تعليق على تلك المناحة للزميل بلال فضل وهو يقول: إن الذى يشكّك فى قدرة التيار الإسلامى على الفوز بالانتخابات كالذى يشكّك فى فوز برشلونة على أسمنت أسيوط. فشتان بين الفريقين.. لكن العلمانيين فى بلادنا أصابهم العمى فما عادوا يرون الحقيقة المرة التى يعيشونها.. والأغرب من ذلك أن بعض الليبراليين واليساريين الذين ينوحون الآن على خسارتهم ذاقوا هذه الخسارة أيضًا فى الجامعة منذ أكثر من 25 عامًا، وكانوا زملاء لى، كنا نهزمهم بجدارة فى انتخابات الاتحادات الطلابيَّة، حتى إن أحدهم وهو شخصيَّة مشهورة الآن حصل على صوت واحد أمام منافسه الإسلامى.. مما يمكن أن نطلق عليه "فضيحة بجلاجل" والآن يصورون للدنيا أنهم مظلومون أمام التيار الإسلامى الذى يجيد خداع الجماهير.. كأن الجماهير المصريَّة بلهاء.. معاذ الله فإن هذا الشعب أوعى وأعقل من هؤلاء الذين يحاولون طمس هويته وتغريبه عن دينه وعقيدته.. وهؤلاء الثكلى من العلمانيين يكفرون الآن بالديمقراطيَّة التى آمنوا بها سنوات، ودعوا وبشروا بها البلاد والعباد.. كان أجمل ما قرأت فى مجلة التايم الأمريكيَّة وهى تتصدر عنوانًا كبيرًا "الإسلاميون أثبتوا أنهم يفهمون الديمقراطيَّة أفضل من الليبراليين" ففوز الإسلاميين فى انتخابات المرحلة الأولى يرجع إلى صدقهم فى فهم الديمقراطيَّة بشكلٍ أفضل، بدليل تحقيق السلفيين لمكاسب مفاجئة على الرغم من أنهم حديثو عهد بالسياسة، وليس لقدرتهم التنظيميَّة فقط، بل لالتصاقهم بالشارع وصدق نواياهم، بالإضافة لخبرة الإخوان فى إدارة بعض المرافق المجتمعيَّة، فهذا كفيل بتحقيق نوع من الإنجازات فى مصر. ورغم حملة التخويف والترويع التى تطلقها الأبواق العلمانيَّة سواء على الفضائيات أو الصحف بعد اكتساح التيار الإسلامى للانتخابات كمواجهة إسرائيل أو الدخول فى معركة اضطهاد للأقباط، وكلها خيالات مريضة الغرض منها التشويش على نجاحات التيار الإسلامى الذى بلغ قدرة كبيرة من الفهم والخبرة والدراية بسياسة البلاد، رغم هذه الحملات فإن هذا التيار أرسل الكثير من رسالات التطمين للداخل والخارج حول كل القضايا بما فيها إسرائيل، وأنه بصدد إصلاح وبناء وتنمية وليس داعيًا إلى خراب أو فساد فى الأرض. ونعتقد أن كل الحوادث الطائفيَّة كانت وليدة احتقان سياسى فى المقام الأول وإفرازًا طبيعيًّا لمناخ الديكتاتوريَّة والاستبداد الذى كان المصريون يعيشون فيه فى ظلّ نظام مبارك، بل إن الكثير منها كان من صنيعة أمن الدولة. والحمد لله أطلقنا منذ أيام صيحةً للوحدة والاعتصام بحبل الله والإخاء ونبذ الخلاف والفرقة بين جميع الفصائل الإسلاميَّة من خلال مؤتمر للمنتدى العالمى للوسطيَّة وكانت ردود القادة والمفكرين والدعاة من كل الأطياف الإسلاميَّة إيجابيَّة للغاية، فالكل يسعى للإصلاح والخير للبلاد وليس لمصلحة شخصيَّة واتجاه بعينه، وهو ما يبشّر بتحقيق الفوز الكاسح فى المراحل الانتخابيَّة الباقية بإذن الله، فشكر النعمة يكون بالوحدة وتعميق رابطة الأخوَّة وإصلاح ذات البين، وهذا ما دعا إليه القرآن فى خطابه للصحابة عقب انتصار "بدر" بقوله فى سورة الأنفال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ). فيجب على العاملين فى الحقل الإسلامى أن يرسوا أدب الخلاف والمنافسة خلال معركتهم الانتخابيَّة وإعلاء القيم الإسلاميَّة الأصيلة وهم يسعون لبناء مصر الجديدة وليعملوا للإسلام بالإسلام، ولا يعملوا للإسلام بما يخالف الإسلام.. فأعداؤنا يتربصون بنا الدوائر وأقصى أمانيهم أن يتنازع التيار الإسلامى فيما بينه، وهذا بفضل الله محال.. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. [email protected]