رأى خبراء عسكريون وقانونيون ، أن دعوات الإعلام الأمريكي لسحب قوات "حفظ السلام" الدولية من سيناء، نظرا لتصاعد نشاط "تنظيم الدولة الإسلامية" في المنطقة، يعني ضمنيا إلغاء اتفاقية "كامب ديفيد" الموقّعة بين مصر وإسرائيل، وفق الخبراء. وقالوا "إن تلك المطالب التي رفعتها صحف امريكية أبرزها نيويورك تايمز وتردّد صداها في واشنطن، تعيد للأذهان المخاوف من إمكانية تكرار سيناريو ستينيات القرن المنصرم حينما انسحبت تلك القوات الدولية وبعدها حدث العدوان الاسرائيلي على مصر عام 1967" بحسب ما ذكرت وكالة القدس برس. وأرجع بعض الخبراء تلك الدعوات لرغبة الولاياتالمتحدة في إحراج مصر دوليا وإظهارها بمظهر الدولة غير المستقرة أمنيا، بالإضافة إلى تخوّف واشنطن على قواتها من خطر الإرهاب، مستبعدين إمكانية تكرار سيناريو ستينيات القرن الماضي بتنفيذ تلك الخطوة، لكونها تهدّد معاهدة "كامب ديفيد"، على حد تقديرهم. ونقلت صحف مصرية عن اللواء أحمد رجائي الخبير الاستراتيجي قوله "إن سحب قوات حفظ السلام من سيناء يعد خرقا لاتفاقية كامب ديفيد، باعتبار أن وجودها أحد بنود تلك الاتفاقية التي لا يمكن مخالفتها"، مشيرا إلى أن مهمة قوات "حفظ السلام" هي منع الاشتباك بين مصر وإسرائيل، وليس التدخل في الحرب على الإرهاب باعتبارها شأن داخلي لمصر، حسب رأيه. من جانبه، رأى الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم أن قيام الولاياتالمتحدة بسحب قواتها من سيناء "سيلغي اتفاقية كامب ديفيد بشكل تام، لأن وجود هذه القوات هو جزء من الاتفاقية"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الولاياتالمتحدة لا يمكنها سحب قواتها "بشكل جزافي" دون الرجوع إلى الأممالمتحدة والدول الموقعة على الاتفاقية، لأن ذلك سيجعلها مخالفة للقوانين والمعاهدات الدولية ويضعها في موقف سيء. فيما اعتبر الخبير العسكري اللواء حسام سويلم، أن سحب أمريكا قواتها سيحتّم إعادة النظر في اتفاقية السلام مع إسرائيل و"لن يلغيها بشكل كامل"، مشيرا إلى أن القاهرة وتل أبيب "غير مستعدتان للدخول في مفاوضات جديدة بشأن سيناء". وقال أستاذ القانون الدولي محمد مصطفى "لا يحق للولايات المتحدة أن تطلب سحب تلك القوات، فذلك حق أصيل لمصر وإسرائيل بموجب اتفاقية كامب ديفيد"، مشيرا إلى أنه سبق وطلبت مصر سحب قوات الطوارئ في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، واعتبرت تل أبيب آنذاك ان القاهرة تستعد للحرب ففاجأت الجيش المصري في 1967، وفق قوله. وأوضح أن التعلّل بتحسّن مستوى العلاقات الثنائية المصرية - الإسرائيلية لسحب قوات "حفظ السلام"، هو "أمر مغلوط خاصة وأن السياسية الدولية دائمًا متغيرة ومتطورة ولا يمكن التنبؤ بما ستكون عليه العلاقة بين البلدين بعد فترة". ونفى مصطفى، أن يكون سحب القوات الدولية يعني خرق اتفاقية "كامب ديفيد"، مضيفا "من الصعب أن تسحب القوات حيث إن مهمتها رصد مخالفات أي دولة للاتفاقيات المبرمة بينهما وتقديمها للأمم المتحدة وتطلب تدخل مجلس الأمن، وتهدئة الأوضاع وقد تستخدم السلاح في مواجهة الدول المعتدية". وأضاف أستاذ الاجتماع السياسي سعيد الصادق "هناك صعوبة في سحب قوات حفظ السلام من سيناء باعتباره بند ضمن اتفاقية دولية، تجمع أكثر من دولة، كما أنه لم يحدث أي هجوم عليهم مما يعني أنه لا يوجد سبب منطقي لسحبها، وعليه فإن الدعوات الأمريكية لا تعدو كونها نوع من الضغط على مصر لتصدير صورة تظهر أن البلاد غير مستقرة". وهاجمت صحف مصرية دعوات سحب القوات الأمريكية، فيما اتهمت صحف خاصة مؤيدة لنظام السيسي "نيويورك تايمز" ب "بث السموم". ونقلت صحف مصرية عن دبلوماسيين وخبراء عسكريين قولهم "إن صحيفة نيويورك تايمز على علاقة بدوائر استخبارات وحديثها عن الأخطار التي تواجهها القوات مجرد كلام، والجيش يفرض سيطرته". وقوات "حفظ السلام" في سيناء هي قوات لا تتبع للأمم المتحدة كحال قوات "يونيفيل" في جنوبلبنان، فهي تتبع للولايات المتحدةالأمريكية وتخضع لإدارتها، ويطلق عليها اسم "ذات القبعات البرتقالية" للتمييز بينها وبين قوات الأممالمتحدة "ذات القبعات الزرقاء". وقد تم توقيع بروتوكول بشأن قوات "حفظ السلام" الدولية بين مصر وإسرائيل والولاياتالمتحدة في 3 آب (أغسطس) 1981، وهذه القوة تتشكل من 11 دولة وتضطلع الولاياتالمتحدة بمسئولية القيادة المدنية الدائمة لها، كما أن لها النصيب الأكبر منها بنسبة 40 في المائة من قوام هذه القوات.