استنكر الدكتور عطية عدلان، القيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، وأحد الموقعين على ما يعرف ب "بيان الكنانة"، رد الأزهر على البيان بعد أكثر من 70يومًا على إصداره، تحت عنوان "بيان المحروسة". وأصدر الأزهر في 11 أغسطس الجاري، بيانًا منسوبًا إلى علمائه والهيئات التابعة له أطلق تحت اسم "بيان المحروسة"، ويرد فيه على بيان "نداء الكنانة" الذي أصدره أكثر من 150هيئة وشخصية إسلامية محسوبة على "الإخوان المسلمين" في أواخر مايو الماضي، وصف السلطة الحالية في مصر ب "الانقلابية" والرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي بأنه "الرئيس الشرعي للبلاد". وقال الأزهر في رده إن "حكام مصر لم ينقلبوا على نظام الحكم كما يرجف المرجفون، بل الشعب هو الذي ثار وخرج بجميع فئاته، وشاهده العالم يوم 30/6 ليطالب بعزل حُكمٍ فَشَل في إدارة مصر". وأضاف "حكام مصر الحاليين لم يقتلوا أحدًا، وإنما القتلة هم الذين غرروا بالمتظاهرين والمعتصمين من أتباعهم وأفتوهم وحللوا لهم الخروج المسلح على الجيش والشرطة والشعب من أجل حكم الناس رغم أنوفهم. ودفعوا بأبناء الفقراء والبسطاء إلى التهلكة والموت بينما كثير من كبرائهم يتمتعون برغد العيش في ظل حماية حكومات حاقدة على مصر وشعبها". وقال عدلان ل "المصريون"، إن "هذا البيان الذي صدر من أفراد لا يعبرون عن الأزهر الشريف - لكون مبارك هو من عينهم في هذه المناصب - يعتبر بيانًا سياسيًا معبرًا عن النظام لا عن الأزهر، ومنافحًا عن حكم السيسي لا عن حكم الشرع، وهو في الحقيقة لم يزد شيئًا". وأضاف، أن "هذا الأمر ليس بدعًا من القول الزور أن يقولوا عن السلطة الحالية إنها سلطة شرعية يحرم الخروج عليها، فقد قال أسلافهم من علماء السلطان ذلك عن أمثال من يحكمون الآن، بل عن الاحتلال الإنجليزيّ والفرنسيّ". وتابع: "ليس لديهم من الحياء ما يمنعهم أن يزعموا أن الشعب هو من عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وإنّها -ورب الأزهر - للفرية الكبرى والأكذوبة العظمى، وهي تنطلي على البسطاء الذين لا يعلمون أنّ أيّ "انقلاب عسكريّ" على حاكم شرعيّ في زمان ساد فيه احترام إرادة الشعوب لا بدّ له من سترة شعبية منتحلة يستر بها الوجه النازيّ المتوحش". واستدرك قائلاً: "من المستحيل عقلاً وواقعًا أن تقوم ثورة على حاكم منتخب بإرادة حرة بعد عام واحد من حكمه، وأن تكون الساعات الست الأقل كلفة كافية في خلعه وإسقاط شرعيته، وأن تكون ثورة ثانية تلك التي برز فيها قتلة ثوار الثورة الأولى، وأن يتبعها قمع وقهر وقتل وسجن وتعذيب وانتهاك لكل حقوق الإنسان". ومضي بقوله "أمّا عن زعمهم بأنّ الثوار قتلهم من أخرجهم، فليس من قبيل الكلام المفيد الذي له معنى، وإنما هو محض هذيان، يشبه هلوسة القاتل الذي أُسقط في يده فوقف على رأس الضحية يهلوس بكلام لا معنى له، من الذي قال لهم إنّ الاعتصام كان مسلحاً ؟ هل قاموا هم بزيارة الاعتصام - من باب الإصلاح - فاكتشفوا أنه مسلح ؟ أم استمدوا المعلومة - من باب التبين - من مصدر موثوق بعدالته وليس طرفا؟. وتابع عدلان أسئلته: "كيف لمن يعلم حرمة الدماء في شريعة الله أن يكون ردّ فعله عن مجزرة كتلك التي وقعت في رابعة هو التبرير والإسقاط، التبرير لجرم القاتل الذي مارس القتل، وإسقاط التهمة على من وقع عليهم العدوان ؟، إنّ المنظمات الدولية المتهمة بالتحيز ضدّ الإسلاميين لتستحي أن تمارس هذا الظلم البشع وهذا التقول الفجّ، وتكتفي بالصمت حفظاً للبقية الباقية من هيبتها ووقارها. وزاد: "من أين استمد هذا النظام شرعيته، أمن انتخابات هزلية مورست في مناخ من القهر ؟ لتنتهي نتيجتها بتنصيب المنقلب على رئيس شرعيّ تم انتخابه في حرية بلغت منتهاها بل جاوزت حدها ؟ إنّ الذي يحظى منه عقله بأدنى درجات الاحترام لينأى بقناعاته عن السقوط في جب هذا الوهم، وإنّ القاصي والداني من العقلاء في هذا العالم ليعلمون علم اليقين أنّ هذا النظام ليس له أدنى شرعية، وأنه لا يمثل سوى تلك الفئة المنتفعة التي ظلت على مدى عقود تشرب النيل كله في بطنها ثمّ تتآمر على من يلتمسون في الطين بللاً يطفيء ظمأهم أو يمسك أودهم. وقال "لن نرد عليهم في زعمهم أنّ عشرات الروابط العلمية المسجلة ومئات الشخصيات الشرعية المتبوعة لا تمثل الأمة؛ لأنّ هذا الزعم من باب: "رمتني بدائها وانسلت" فهم الذين قفزوا فوق الأزهر بتملقهم للحكام الظلمة، وهم - إذ عينهم مبارك وأقرهم شبله السيسي - لا يمثلون الأزهر ولا يعبرون عن الإسلام ولا عن المسلمين". واختتم عدلان حديثه "عليهم أن يقلبوا في صفحات التاريخ؛ ليعرفوا أنّ من وقف مواقفهم هذه هم من لفظتهم الأمة واستنكرت الأجيال المتلاحقة صنيعهم، وألقى بهم التاريخ الإنسانيّ في مزابله العتيقة العميقة". وكان الموقعون على بيان "نداء الكنانة" من علماء السعودية ومصر وتركيا وسوريا واليمن وفلسطين والهند وباكستان وماليزيا وغيرها طالبوا وجوب التصدي للسلطة الحالية في مصر، والعمل على كسرها والإجهاز عليها، وضرورة القصاص ممن ثبوت تورطهم من "الحكام والقضاة والضباط والجنود والمفتين والإعلاميين والسياسيين، وكل من يَثْبُتُ يقينًا اشتراكُهم، ولو بالتحريض على انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بغير حق". ووصف الأزهر دعوة أصحاب هذه البيانات لمقاومة المسؤولين والجيش والشرطة بأنها "دعوة ساقطة لا أساس لها من دين أو شرع أو حكم فقهي صحيح، بل يؤكد الأزهر على أن الحكم الشرعي الصحيح هو أنه يجب على جميع أفراد الشعب المصري الوقوف صفًا واحدًا خلف هؤلاء الحكام ومساندتهم ومعاونتهم في القيام بواجبهم تجاه حماية الدين، والوطن والمواطنين من كيد الكائدين وتأويلات المنحرفين والجاهلين".