يبدو أنى سأضطر إلى التذكير بما سمعته من قيادات إسلاميّة كبيرة أن جماعة الإخوان المسلمين تلقّت رسائل عبر "وسطاء" تفيد بأنه من المستحيل أن تُسلم "السلطة" لتيار سياسى واحد، أيا كان وزنه الجماهيرى. الرسالة كانت تعنى أنه يتعيّن على الجماعة البحث عن "حلّ" لهذه المشكلة، عبر مدّ جسور التواصل مع القوى السياسيّة الأخرى، على نحو يفضى إلى خريطة برلمانيّة "آمنة".. أى لا تعطى "الكعكة" كلها لتيار سياسى واحد. ويبدو لى أن جزءًا من الإجابة عن سؤال "نقْل السلطة" فى مصر.. يمكن استخلاصه من تلك المخاوف، والقلق من هيمنة قوة سياسيّة واحدة على المؤسّسات المنتخبة بعد الثورة.. لاسيّما أنّ القلق لم يكن "محليًّا"، وإنما عابر للحدود.. فيما تعزّز التصريحات المتعجّلة من بعض الإسلاميّين، الخاصة ب"أسلمة البرلمان" و"الدولة"، من تلك المخاوف ليس فقط داخل الفصائل التى توصف بالمدنيّة وإنما أيضًا بين قطاع ليس بالقليل من التيار الإسلامى ذاته.. فضلاً عن الخوف النمطى والمعتاد داخل أوعية وقنوات صناعة القرار الدولى فى الغرب. ويبدو أيضًا أن صدام قوائم الإسلاميّين فى عدد من الدوائرالانتخابيّة.. يأتى فى سياق "قصقصة" الوجود الإسلامى أو "هندسته" على الشكل الذى يشجع السلطات العسكريّة على نقل السلطة إلى حكومة مدنيّة يبعث تشكيلها برسائل "طمأنة" للجميع. المسألة فى مصر، ليست هيّنة، فهى شديدة التعقيد، فيما يظلّ أداء النخبة خارج دائرة السلطة، هى الأقل "وعيًا" أو نضجًا، خاصة فيما يتعلق ب"الإبداع السياسى" والتجرّد فى العمل من أجل مصر الجديدة. وهى "محنة" أخرى موروثة من عهد الرئيس السابق؛ إذ ليس "الإسلاميّون" وحدهم هم مصدر القلق على النحو الذى أشرت إليه فيما تقدّم.. وإنما أيضًا الخبرات السياسيّة للنخبة "المدنيّة"، فهى إما ضعيفة أو فاسدة أو مخترقة.. أو "بليدة" على مستوى القدرة على وضع الخطط والتصوّرات والأجندات المبهرة والجادّة أو الحلول العبقريّة لتجاوز مأزق اللحظة الانتقاليّة كما فعل التونسيّون بشكل انتزع إعجاب العالم. هذا كله لا يبعث على التفاؤل .. وإذا كان ثمّة مخاوف من "طمع" العسكريّين فى السلطة.. فإن هذا الوضع إذا استمر كثيرًا سيكون عونًا على تلك "الإغراءات".. ما يلقى مزيدًا من المسئوليّة على عاتق القوى السياسيّة المتصدّرة المشهد الآن.. ونأمل أن تتصرّف بمسئوليّة حقيقيّة إزاء هذه المخاطر.. وإلاّ فستكون "متورّطة" بشكل مباشر فى تسليم البلد تسليم مفتاح للعسكر مجدّدًا. [email protected]