494 معارضًا من الحصار ل «الجنايات».. تفاصيل عرض الجيش المرفوض.. ونجل المرشد وحفيد البنا أول الضحايا عامان بالتمام والكمال، منذ أن دخل مسجد الفتح في ميدان رمسيس بوسط القاهرة دائرة الأحداث الملتهبة، يوم الجمعة 16 أغسطس من العام قبل الماضي 2013، حين تجمعت مسيرات كانت تحتج على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وتطالب بالعودة لما قبل بيان 3 يوليو، الذي أطاح بالرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من الحكم. فمع دخول وقت حظر التجوال - الذي فرضته القوات المسلحة حينها - وجد مئات المتظاهرين بينهم نساء وأطفال أنفسهم محاصرين في المسجد الذي أقيم فيه مستشفى ميداني لضحايا الفض والمسيرات الاحتجاجية. تقول رواية المحاصرين إن إطلاق النار استمر في محيط المسجد طوال ليلة الحصار، وإن الرصاص كان ينصب على جدران المسجد من جميع الجهات. ومع ساعات الصباح الأولى أحاطت أعداد من البلطجية وقوات الأمن بالمسجد، وقال شهود عيان من داخله إن البلطجية حطموا بوابات المسجد الخارجية وحاولوا اقتحامه. وأظهرت صور بثت من داخل المسجد تحصينات أقامها المحاصرون عند الأبواب، وأظهرت بلطجية يحتشدون عند النوافذ والأبواب وهم يطلقون عبارات تهديد ووعيد للمحاصرين. كان عرض الجيش حينها يتمثل بفك الحصار عن المسجد بجانب خروج النساء في سيارات الشرطة إلى أقسام الشرطة المختلفة بحيث يفرج عن كل واحدة من القسم الذي يتبع له مقر إقامتها، وأن يؤخذ الرجال إلى معسكرات الجيش؛ إلا أن المحاصرين رفضوا وقالوا إنهم لا يثقون في أي عرض من قبل الجيش. وفجأة بدأت قوات الأمن بعد الظهر إطلاقًا كثيفًا للرصاص، وأطلقت قنابل غاز داخل المسجد بالتزامن مع إطلاق نار قالت إنها تتعرض له من مئذنة المسجد. وترافق هذا المشهد مع مغادرة عدد من المحاصرين بينهم نساء، حيث بلطجية يضربونهم وهم بصحبة أفراد من الجيش والأمن كانوا يقتادونهم إلى سيارات الأمن، حيث يحتجزون ثم ينقلون بعيدًا عن المنطقة.
اعتقال صحفيين واعتقلت قوات الأمن عددًا من الإعلاميين كانوا بين المحاصرين في مسجد الفتح، بعد اقتحامه منهم مراسل التليفزيون التركي الرسمي "متين توران", ومراسلة وكالة الأناضول "هبة زكريا"، والناشطة الإعلامية "شيماء عوض" والصحفي "شريف منصور". رسالة معتقلى المسجد وروى المعتقلون ما جرى معهم عقب اقتحام المسجد، مؤكدين أن "الاعتداء عليهم بالسحل والضرب داخل المسجد وأثناء الخروج منه وإجبارهم على ركوب سيارات ترحيلات غير آدمية، وصل عدد المحشورين داخل كل سيارة لما يقارب 74 شخصًا". وقالوا في رسالة سابقة: "أودعونا في معسكر قوات أمن طره في مكان غير آدمي، ونحن معصوبو الأعين، واعتدوا علينا واحتجزونا في أماكن ضيقة لدرجة تبادل الأدوار عند النوم". وأضافوا "حققوا معنا من قبل النيابة العامة داخل المعسكر مع مخالفة للقانون, وبعض وكلاء النيابة الذين حققوا معنا أخبرونا بأن القضية "فشنك" وليس بها ما يُدين أي شخص, ثم بعد ذلك تم ترحيلنا إلى معسكر قوات أمن السلام, وتم أيضًا احتجازنا فيه داخل أماكن ضيقة والاعتداء علينا جسديًا ثم بعد ذلك ترحيلنا إلى سجن رقم واحد بوادي النطرون". وتابعوا "وطبعًا تم عمل حفلة تعذيب كبيرة لاستقبالنا والاعتداء علينا خلال الأيام الأولى بالتعذيب الجسدي بجانب التعذيب النفسي، وقطع المياه عنا لأسابيع متتالية بجانب المضايقات في المعاملة من جانب إدارة السجن حتى أنه كان يتم الاعتداء علينا داخل الزنازين".
تأجيلات مستمرة ودخل معتقلو مسجد الفتح والذين يقدر عددهم بعد إخلاء سبيل آخرين ب494 معتقلاً، في عامهم الثاني، من التأجيلات، كان آخرها تأجيل محكمة جنايات الجيزة، في قضية "أحداث مسجد الفتح وقسم شرطة الأزبكية بوسط القاهرة" بميدان رمسيس إلى 4 أكتوبر القادم. وكان النائب العام الراحل هشام بركات أمر بإحالة 494 متهمًا إلى محكمة الجنايات في أحداث مسجد الفتح وقسم شرطة الأزبكية بميدان رمسيس، خلال شهر أغسطس 2013، ل"ارتكابهم أحداث عنف وقتل واعتداء على قوات الشرطة، وإضرام النيران بالمنشآت والممتلكات، وقعت في غضون شهر أغسطس من العام قبل الماضي بمنطقة رمسيس، ومحيط مسجد الفتح، وقسم شرطة الأزبكية، وراح ضحيتها 210 قتلى"، بحسب قرار الإحالة.
اليماني.. مازال مضربًا ومن بين المعتقلين في قضية مسجد الفتح، الطبيب المعتقل إبراهيم اليماني؛ حيث إنه يقترب من 500 يوم في إضرابه عن الطعام داخل السجن، ليكون بذلك صاحب ثاني أطول إضراب عن الطعام في السجون، بعد المعتقل السياسي السابق - المخلى سبيله - محمد سلطان. بدأ اليماني إضرابه الأول عن الطعام في 25 ديسمبر 2013 إلى 23 مارس 2014، بعد تعرضه للتعذيب الشديد، ثم عاود الإضراب عن الطعام من جديد في 17 إبريل من العام الماضي، ومازال مستمرًا حتى الآن. تعرض اليماني لانتكاسات صحية متعددة في ظل التعذيب والإهمال من إدارة السجن، وكانت حملة "الحرية للجدعان"، قد حذرت من أن حالة اليماني الصحية فى تردٍ مستمر لإصرار إدارة السجن على إساءة معاملته على المستوى الصحي والمعيشي، للضغط عليه كي يكسر إضرابه. وأشارت الحملة إلى حرمان الأمن لليماني من الرعاية الصحية بنقله لسجن طره مؤخرًا دون تزويده حتى بكرسي متحرك. وأضافت أن إدارة السجن هددت اليماني، صراحة، بتجاهل حالته الصحية ما لم يكسر إضرابه، بالرغم من تدهور حالته الصحية وفقدانه الوزن بصورة شديدة وتعرضه للتعذيب المستمر. ولفتت إحدى قريبات اليماني إلى أن إدارة السجن اقتحمت زنزانته أكثر من مرة وضربته بقسوة ومنعت الرعاية الطبية عنه تمامًا، ثم قررت حبسه انفراديًا لأكثر من 20 يومًا تعرض خلالها للصعق الكهربائي وتعليقه من قدميه ويديه، وغمر أرضية الزنزانة بالمياه الباردة، وضربه بشكل يومي، مع تعنتها الشديد في الزيارات ومصادرة الدواء والكتب. وتعددت الرسائل التي كتبها إبراهيم من داخل محبسه، يؤكد فيها صموده من أجل المطالبة بحريته وحرية وطنه، الذي قال إن ما يعيشه من قسوة السجن ظلمًا، جعلته أكثر حبًا لوطنه وإيمانًا بضرورة تحقيق الحرية والعدل له. واليماني طبيب في المستشفى الميداني أثناء ثورة 25 يناير 2011، وفي المستشفى الميداني باعتصام رابعة العدوية، الذي انتهى في 14 أغسطس 2013. وفي اليوم التالي لمذبحة رابعة شارك في توثيق ضحايا المذبحة في مسجد الإيمان بمدينة نصر بالقاهرة، ثم شارك في معالجة مصابي أحداث رمسيس يوم الجمعة 16 أغسطس 2013، والتي انتهت بحصار قوات الأمن للمتواجدين داخل مسجد الفتح برمسيس. وبعد حصار المسجد، تحت وابل من الرصاص وقنابل الغاز لم يتوقف طوال الليل رغم وجود أطفال ونساء بالمسجد، وحينما طلب أحد قادة الداخلية مندوبًا للتفاوض مع المحاصرين داخل المسجد لإخراجهم، تطوع اليماني للتنسيق مع الشرطة التي وعدت بفتح ممر آمن يخرجون منه. وحين بدأ المحاصرون بالمسجد في الخروج كان اليماني أول مَن تم اعتقاله، ثم احتجز في قسم الأزبكية حتى نقل لسجن وادي النطرون، وظل محتجزًا احتياطيًا لأكثر من 300 يوم في مخالفة أخرى للقانون. وخلال الفترة التي أعقبت أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في مصر، توافق اعتقال إبراهيم اليماني في سجن وادي النطرون، وأخيه البراء، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام في جامعة الأزهر، في سجن الزقازيق بمحافظة الشرقية، ووالدهما الذي قضى ثلاثة أشهر في سجن وادي النطرون، وأختهما تسنيم هي طالبة بالفرقة الخامسة بكلية الطب بالأزهر، التي حكم عليها بالسجن لأربع سنوات في قضية أحداث جامعة الأزهر، في حين صدر قرار بالفصل لمدة عام لأختهما الصغرى سلسبيل، من كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر.
نجل المرشد وحفيد البنا من ضحايا الحصار وفي تلك الأحداث قتل عمار محمد بديع، نجل مرشد جماعة الإخوان المسلمين، 38 عاما، أثناء تواجده بمحيط مسجد الفتح في ميدان رمسيس خلال الأحداث، كما أكد المحامي في ذلك التوقيت أحمد سيف الإسلام حسن البنا نجل مؤسس جماعة الإخوان المسلمين مقتل خالد فرناس عبد الباسط، نجل هالة حسن البنا، أثناء مشاركته في أحداث أمس في مسجد الفتح. إحالة للجنايات من جانبه، استبعد الناشط الحقوقي والمحامي محمد أبوهريرة، إخلاء سبيل معتقلي مسجد الفتح، على غرار المهندس أبوالعلا ماضي، رئيس حزب الوسط. وقال "أبوهريرة" في تصريحات ل"المصريون"، إن معتقلي "الفتح" قضيتهم أحيلت للجنايات، وبالتالي دخلت أدراج المحاكم وأمامها مشوار قضائي آخر.