حوار أكثر من خطير نشرته الزميلة الشروق في لقاء مع كلاوس لورسن " العضو المنتدب لشركة قناة السويس للحاويات " حول دور مجموعة " ايه بي ام ترمنلز" في السياسات العامة لقناة السويس . وقبل الخوض في هذه السياسات، أتعرض سريعا لظروف انشاء الشركة : انشأت شركة قناة السويس للحاويات ( SCCT ) ، بقرار جمهوري رقم 412 لسنة 2001 على أساس ملكيتها لموانئ بورسعيد التابعة لوزارة النقل و التي تعاقدت بدورها عام 2007، مع أحد المكاتب الاستشارية العالمية الهولندية لإعداد المخطط العام المتكامل لميناء شرق بورسعيد بمساحة 53 كيلو متراً مربعاً، والمنطقة الصناعية الملاصقة له بمساحة 92 كيلو متراً مربعاً، وانتهي هذا المخطط العام، إلي ضرورة توسعة حدود الميناء، وضم مساحة إضافية، وبما يزيد علي مساحة الميناء من 35 إلي 56 كيلو متراً مربعاً. فى 15 أكتوبر 2001 منحت هيئة موانئ بورسعيد وقطاع النقل البحري بوزارة النقل شركة قناة السويس لتداول الحاويات امتيازا كارثيا لإدارة وتشغيل المرحلة الأولى من ميناء شرق التفريعة بطول 1200 متر، واشترطت ال SCCT على الحكومة أن تقوم بزيادة الغاطس الى 37 متر وإنشاء منطقة لدوران السفن وخدمات مياه وكهرباء وطرق ورصف مناطق التخزين واتصالات. وقد مُنحت الشركة حق انتفاع مدته 35 عاما ، وإعفاء من رسوم تداول الحاويات و من الإيجار الشهري للأرض الحاصلة عليها لمدة 17 عاما، و قد حاولت الحكومة في 2007 تغيير شروط التعاقد المجحفة إلا انها لم تحقق أي نجاح بل و تقرر مد فترة حق الانتفاع 14 عاما أخرى لتصل فترة الامتياز إلى 49 عاما بدلا من 35 عاما مقابل إلغاء بنود أولية ليس لها أي أهمية. و لعل القارئ الآن يتساءل عن خطورة تملك هيئة قناة السويس للحاويات (SCCT) لكل تلك الامتيازات، اذا ما كانت الشركة المنتفعة شركة مصرية تدر أرباحا ستعود في نهاية المطاف بالخير على مصر ، و لكن مهلا عزيزي القارئ ، سوف تتدارك حجم الكارثة اذا ما علمت ان الشركة ليست مصرية و أن مصر في الحقيقة لا تمتلك أكثر من 10% من حصتها ، كما يمتلك البنك الأهلي المصري 5% ، بينما يعود نصيب الأسد إلى مجموعة ايه بي ام ترمنلز التي تستحوذ على نسبة 55% ، و شركة "كوسكو باسيفيك" الصينية بنسبة 20% من حصة الشركة . وقد أكد مستشار وزارة النقل الدكتور أحمد أمين في حوار سابق مع جريدة اليوم السابع ، أن الشركة قد حصلت فعليا على جزأين من الرصيف ، يبلغ طول كل منهما 1200 متر، متبقيا لها جزء ثالث بطول 450 تحصل عليه قبل حلول عام 2017، مشيرا إلى أن الشركة بتعاقد كهذا ، أصبحت المتحكمة في ميناء شرق بورسعيد بدون أن تدر التشغيلات أي فائدة على خزانة دولة ، ناهيك عن تكبد هيئة موانئ بورسعيد 70 مليون دولار هي كلفة تجهيز الرصيف. كما تم إعطاءها حق تطوير 2400 متر طولي للرصيف الحالي للميناء ليصبح أجمالي الطول 4800 متر, مقابل 2 مليار دولار تدفعهم الشركة من رصيد إيجار الرصيف ، وبنفس شروط العقد الملحق المبرم في سبتمبر 2007 . و بعودة إلى مجموعة " ايه بي ام ترمنلز" و سياستها المتحكمة في إدارة قناة السويس ، يقر كلاوس لورسن أن ميرسك وشركات عديدة طالبت هيئة قناة السويس بإنشاء مشروع قناة السويس الجديدة قائلا "كان لنا دور كبير في اقناع الحكومة المصرية في ذلك كوننا من أكبر الشركات العاملة في مصر". ويتضمن المشروع الجديد توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح بطول 37 كم، ما يسمح بعبور السفن حتى غاطس 66 قدم في كل مناطق القناة ، كما نجحت شركة "ميرسك مصر للشحن" في دفع الحكومة لخفض رسوم عبور القناة كما ذكر عمرو البيباني، المدير العام للشركة . و انتقد لورسن المتبرمين من امتيازات شركة هيئة قناة السويس للحاويات SCCT زاعما أن الشركة قد وفرت آلاف الوظائف للمصريين ، و بعمل بحث سريع على أعداد الموظفين في الشركة تبين ان تعدادهم في حدود 1300 موظف فقط . و بخصوص إقامة قناة ثالثة ، فإن شركة SCCT تضغط على الحكومة المصرية لتنفيذ الالتزامات الخاصة بالبنية التحتية كما ورد في التعاقد و التي من بين شروطها اقامة قناة جانبية شرق التفريعة ، و التي ستكون ال SCCT أيضا المستفيد الأوحد منها ، لكونها تمثل الشركة الوحيدة للحاويات في شرق التفريعة . ما أشبه اليوم بالبارحة ، و تحديدا في عام 1875 حين مرت بأزمة مالية طاحنة اضطر معها الخديوي إسماعيل إلي بيع حصة مصر من أسهم القناة لبريطانيا و أرباحها التي كانت تمثل 15% من شركة قناة السويس. لتخسر مصر حصتها من أسهم القناة وحصتها في الأرباح في ظرف 6 سنوات من افتتاح القناة. في عام 1910 حصلت شركة قناة السويس البحرية على مد للامتياز لمدة 40 سنة تنتهي عام 2008، على أن تقسم صافي الأرباح مناصفة بين شركة قناة السويس والحكومة المصرية، على أساس أنه إذا كان صافي الأرباح أقل من 100 مليون فرنك، تحصل شركة قناة السويس علي خمسين مليون فرنك ولا تنال الحكومة المصرية إلا ما قد يتبقى ، أما إذا كانت أرباح القناة أقل من خمسين مليون فرنك، تحصل الشركة علي كامل الأرباح ولا تحصل الحكومة المصرية علي أي شيء. فهل نعيش نفس الأجواء الآن ؟ علما بأن التاريخ قد أثبت أن التأميم كان غير مجديا ، ففي النهاية اضطرت مصر إلى الجلوس على طاولة المفاوضات و دفع تعويض للمساهمين في شركة القناة، وخاض الجانبان المصري و الفرنسي مفاوضات شديدة تعذر معها التوصل لاتفاق أولي حيث كانت فرنسا ممثلة في الشركة تريد استرداد كل شيء ، إلى أن الأمر انتهى بتنازلات و تسويات و تعويضات تحملتها مصر .