توقعت مجلة "ايكونوميست" البريطانية، أن يتحول الربيع العربي إلى "شتاء قاتم"، في إشارة إلى غموض المشهد السياسي خاصة عقب تحقيق التيار الإسلامي النتائج الأبرز في أول انتخابات تشهدها هذه الدول عقب تلك الثورات. وأشارت إلى أن الثورات اجتاحت العالم العربي في بدايات العام الحالي, وانطلقت شراراتها من المناطق الأكثر حضارية والتي يغلب عليها الطابع العلماني, في إشارة إلى تونس, مشيرة إلى أن شباب "الفيس بوك" و"التويتر" قادوا دفة الثورات داخل تونس من أجل التحرر والوصول إلى ما يريدونه من حرية وشفافية. لكنها قالت إن الوضع في مصر يختلف جملة وتفصيلا عن الوضع في تونس, حيث يتصدر المشهد السياسي جماعة "الإخوان المسلمين", الأكثر تنظيمًا وإدارة وترتيبًا على مستوى العالم العربي الذي ينطلق من ايديولوجية دينية. وأضافت: جماعة الإخوان بمصر تعتمد على المنهج الإسلامي في رسالتها للمجتمع, متوقعة أن تحقق الأغلبية خلال المراحل الانتخابية الثلاثة في الانتخابات البرلمانية التي تدور رحاها في مصر هذه الأيام. ورصدت ظهور السلفيين في المشهد السياسي, بعد حصولهم على 21% من جملة أصوات الناخبين في الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية الحالية, مشيرة إلى أنهم يحرمون الخمور والموسيقى وكل ما له علاقة بمظاهر الحياة الغربية. ورأت المجلة أن السلفيين رغم حصولهم على المركز الثاني خلف الإخوان بالجولة الأولى، لكن ثوابتهم العقائدية غير قابلة للتغيير فهم راغبون في إلغاء الفوائد الربوية, وتغطية وجه المرأة والبقاء بالمنزل وتحريم خروج المرأة للعمل, وسيفصلون بين الجنسين في الأماكن العامة في حالة توليهم الحكم، بحسب قولها. وقالت إنه وكما يبدو النقاش في الحواري والأزقة, فإنه من المتوقع حصول حزبي "النور" و"الحرية والعدالة"، -جناحي السلفيين والإخوان سياسيًا- على الأغلبية في البرلمان المقبل، متحدين مع بعضهما البعض إن أرادا، لكنها في الوقت نفسه تطرح سؤالا, هل لا يزال الإخوان على عهدهم بأنهم لن يتحالفوا مع السلف في البرلمان المقبل؟. ورأت أن أصداء فوز الإسلاميين لن يكون في الشرق الأوسط فقط بل في الغرب أيضًا, مشيرة إلى أن هناك لومًا تم توجيهه إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأنه ترك الربيع العربي ينطلق وينتصر ولم يتدخل لحماية إسرائيل من انتصار الربيع العربي. واعتبرت المجلة أن فوز الإسلاميين في الانتخابات إنما هو أكبر دليل للرد على المشككين الذين رددوا طويلا عدم قدرة العرب على تعاطيهم مع الديمقراطية وأنهم لن يستطيعوا التأقلم معها مهما كانت الأسباب. ورصدت مخاوف العلمانيين والليبراليين من تحالف قد يتم مستقبليا بين الإخوان والسلفيين في سبيل تحقيق الأغلبية وتشكيل الحكومة, ونشرت ردود الإخوان على هذا الأمر بأنهم لن يهضموا حق المرأة بل سيمنحونها حقوقها كاملة, وسيحترمون إرادرة الجماهير ونتيجة الصناديق الانتخابية حتى ولو كانت النتيجة تسير في عكس رغبتهم في تحقيق الأغلبية. وذهبت بعيدًا حينما تشير إلى الأسباب الحقيقية لانتشار التأييد للإسلاميين على مستوى العالم العربي، وهو أن الإسلاميين يكرهون الفساد ويحاربونه في كل مكان, كما يحاربون الديكتاتورية الحاكمة في كل الدول العربية, بالإضافة لرفعهم شعارات العدل والكرامة. وقالت إن "الربيع العربي" يعتبر تلك المفاهيم أي العدالة والكرامة أهم من المطالبة بالديمقراطية ذاتها, وهو ما يلاقي قبولا لدى المواطن العربي ويدفعه لتأييد الإسلاميين وتشجيعهم وانتخابهم لتولي مقاليد الحكم. وختمت "ايكونوميست"، قائلة: إن تعاطي الإسلاميين مع قضايا الفقراء وتوفير نظام الرعاية الاجتماعية من خلال المساجد عندما غابت الرعاية الاجتماعية من جانب الدولة, هي أهم أسباب احترام الشعوب العربية للإسلاميين.