موجة حر قاتلة تجتاح العالم مكشرة عن أنيابها لتحصد أرواح البشر، خاصة الضعاف من كبار سن أو مرضى، شيء يصيبنا بالحزن والأسى ونسأل الله الرحمة للموتى والأحياء وتمر هذه الموجه دون مزيد من الخسائر. هذا ما نتمناه، بينما على جانب آخر يرى البعض الآخر أن ما يحدث طبيعي ويحدث ولابد أن يحدث، وفي هذا السياق تم الاعلان ضمن أخبار ضحايا ارتفاع درجة الحرارة عن وفاة 10 مرضى من مستشفى الأمراض العقلية الثلاثاء 11/8/2015، وتعليقا على الخبر تم الاتصال من قبل أحد القنوات الفضائية بأحد مسئولي وزارة الصحة، وتم سؤاله حول نوعية الخبر ولماذا لم نسمع عن أخبار مماثلة سابقا، فرد المسئول: إن مثل هذه الحوادث كانت تحدث وبشكل دائم دون الإعلان عنها، أما الآن فوزارة الصحة تسلك سياسة جديدة وهي سياسة الشفافية مع الجماهير. وهنا رددت بداخلي..ليتها لم تقرر أن تسلك تلك السياسة في هذه الأوقات العصيبة الخانقة، فنحن لم نعد نحتمل من كم الأخبار السيئة المحزنة. واستفسر المذيع عن كيفية حدوث ذلك، وهل كان من الممكن تفادي تلك الحادثة، هنا رد المسئول الرد، الذي يُوقف عقلي عن التفكير ويرفع ضغطي عاليا ويجعل الدم يفور في عروقي- أعلم أن بالغت في احاسيسي هذه – لأنه من المتوقع بل أصبح من المُسلم به أن الانسان في مصر أخر ما تفكر به حكومته وأخر من يأتي على بال مسئوليه أو يمر بخاطر راعيه. أما عن الرد –المُشل البارد في تلك الأجواء المشتعلة - من جانب المسئول فكان: دا في فرنسا ناس ماتت من الحر !! ماذا تقول ؟ فرنسا .. يا رجل .. إذا بشراكم .. فقد أصبح رأسنا برأس فرنسا .. يموت لديها بشر من الحر ونحن أيضا يموت لدينا ناس من الحر، والنتيجة لا أحد أفضل من أحد .. ويا فرحتنا وافتخارنا.. هذه الدول " أمريكافرنساألمانيا " .. لا تذكر لدى مسئولينا إلا في المصائب والكوارث، فتصبح هي المثال ونحن لا نزيد عنها في ذلك، أما إيجابيات تلك الدول فلا أحد من هؤلاء المسئولين يتذكرها ولا يذكرها، ولا يغادر بالطبع مكتبه المكيف ليطلع على أحوال الناس أو يمارس مهامه كما ينبغي وكما يحدث في تلك الدول، التي من المنطق أن تكون مثال لكلا الحالين.. ورد هذا المسئول تأتي على شاكلة الردود السخيفة التي غالبا ما نسمعها من أصحاب المناصب ببلادنا، وهي ما تذكرني بحسني مبارك، عندما كنت صغيرة واستمع لأحد خطاباته، فسأله أحد الحاضرين عن الفقراء - وسط هوجة التعليقات التي كانت تحدث بعد أحد مقاطعاته لخطابه ليرتجل ويتحدث بالعامية- فكان رده كالآتي –والذي أذكره حتى الآن بالنص- لغرابته وسخافته ومحاولة تبرير الفشل بأسباب ليس لها علاقة بواقعنا، فقال مبارك: "دا في أمريكا في ناس بتاكل من الزبالة .. وتقولي فقرا .. ههه ".. ثم .. موجة من الاسبهلال والاستنكار على وجه الرئيس.. وفي قرارة نفسه يصف السائل بالمعتوه أو المخبول أو "المدهول على عينه" .. ويردد بداخله لابد من وجود فقراء في المجتمع ، كما "الطعام لا يصلح دون ملح" .. والغريب أن طبالين الزفة غرقوا في موجة من التصفيق. يا للعبث !!.. تثبت لنا الأيام دائما وأبدا أن الإنسان العادي ليس له قيمة ولا وزن في مجتمع تخلى وأسقط إنسانيته، ولذا فلا غرابة من موت مرضى خاصة مساكين مستشفى الأمراض العقلية، رحم الله هؤلاء ورزقهم جنة النعيم بعيدا عن نيران الدنيا وبلاويها.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.