قال المؤرخ حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال السابق ورئيس مجلس إدارة دار الوثائق القومية :أثناء لقاء له مع مجموعه من الكتاب والمفكرين ، أن جزء كبير من نجاح ثورة 23 يوليو يكمن في الملك فاروق، حيث أن الرجل في سنواته الأخيرة قد زهد في الحكم أو يئس من مهمته، لأسباب عديدة بعضها شخصي وأسري وإنساني، وبعضها يتعلق بالأوضاع العامة في مصر وفي العالم ، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، والتحولات الدولية التي أدت إليها، لذا لم يكابر كثيرًا ولم يجادل في التنازل عن العرش،حين طلب منه ذلك، والذي حدث أنه في الصباح الباكر من يوم 26 يوليو 1952، سمع وهو في قصر رأس التين في الإسكندرية طلقات رصاص تطلق عند بوابات القصر، وعرف أن مناوشات جرت بين الحرس الملكي وعدد من الضباط الأحرار، وسقط أحد جنود الحرس قتيلاً، فصرخ مطالبًا حرسه بالتوقف نهائيًا عن إطلاق الرصاص وقال، «لن أكرر ثانية تجربة توفيق وعرابي»، كان في ذهنه لحظتها ما حدث بين عمه الخديوي توفيق وأحمد عرابي، وانتهى باحتلال الإنجليز مصر، وقبل أن يتنازل عن العرش وأن يخرج من مصر، كان مطلبه أن تؤدى له التحية العسكرية وهو يغادر، وأن تطلق المدفعية له 21 طلقة، وأن يغادر مصر بزيه العسكري، وخرج، بالفعل، مرتديًا زي سلاح البحرية، وأوضح النمنم أن هذه المعاني لم تجد من يتأملها ويقدرها في الرجل وله، وفي كلماته الأخيرة مع اللواء محمد نجيب أوصاه بمصر وبالجيش المصري. وتوقع اللواء محمد نجيب ومن بعده جمال عبد الناصر أن يناوئهم الملك من منفاه، أو أن يحاول السعي للعودة والقفز على السلطة، أو أن يتآمر ويتلاعب مع القوى الدولية والاستعمارية المناوئة لمصر، وكانت كثيرة وقوية، لكنه لم يفعل ولم يثبت عليه أي شيء من ذلك، كان يكره الإنجليز وهو في الحكم، وظل يكرههم بسبب احتلالهم بلاده وأضاف النمنم أن الانتهازيون والمشتاقون، إلى السلطة والكارهون للأوضاع الجديدة سعوا إليه ، حين تآمروا على مصر وعلى عبد الناصر سنة 1956 ، لكن فاروق لم يفعلها، تصرف طوال الوقت كرجل وطني، وملك خلع عن العرش، وظل يحترم بلاده ويحبها، فتصرف الملك فاروق بوطنية عالية ونبل إنسان حقيقي رحم الله جلالة الملك فاروق، نعم عجز عن إدارة البلاد، ولم يتم إعداده جيدًا لدوره كملك بسبب صغر سنه، لكنه لم يخن بلده أبدًا، وهذا العام يمر 63 سنة على تخليه عن العرش ونصف قرن على وفاته، ويستحق الملك فاروق منا أن نتذكره بالتقدير والاحترام والإكبار، ونحن نحتفي بذكرى ثورة 23 يوليو 1952