جاء بيان حركة " الاشتراكيون الثوريون " ليلقى حجرا في المياه السياسية الضحلة الراكدة ، وليبعث بصيص أمل في التئام القوى والحركات السياسية التي ظلت على وفائها لثورة 25 يناير على ما بينها من اختلافات في الرؤى ، وجاء البيان الذي حمل عنوان " مرة أخرى حول الإرهاب والاصطفاف الوطني" مباشرا وواضحا في التأكيد على أن مرحلة النضال السياسي الحالية الخصم فيها هو " الديكتاتورية العسكرية " وليس الإخوان ، وأن من يقف في منتصف الطريق بين العسكر والإخوان ويعتبرهما على نفس الدرجة من الخطورة ويساوي في العداء تجاههما ، بمنطق أنهما وجهان لعملة واحدة ، ويدعي بناء طريق ثالث ، فهو ضمنياً يساعد ويساند الديكتاتورية العسكرية ، وأن شعار " يسقط كل من خان – عسكر فلول إخوان " أصبح اليوم شعاراً فارغاً ومضللا ، واعتبر البيان الإخوان رفاقاً في المعركة ضد الديكتاتورية العسكرية برغم الاختلاف معهم . وكان البيان متوازنا إلى حد ما في إدانة بعض مواقف الإخوان من ثورة يناير ، وكذلك إدانة مواقف غالبية الناصريين والليبراليين واليساريين ، وقد قوبل بيان الاشتراكيين الثوريين بموقفين متناقضين من جماعة الإخوان المسلمين ، وفقا لما نقلته هذه الصحيفة " المصريون " ، فبينما رحب به د. أحمد رامي ، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة ، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين ، وقال إنه بغض النظر عن أي خلاف سياسي سابق أو حالي أو مستقبلي ، يظل الاشتراكيون الثوريون أحد أكثر التنظيمات وفاءً لمبادئ ثورة يناير " ، وهذه لغة سياسية حكيمة تُجمّع فرقاء الثورة ورفقائها . وعلى النقيض من ذلك جاء تعليق د. محمد سودان ، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة ، على بيان الاشتراكيين الثوريين صداميا وجافا ويخلو من المواءمة السياسية وإدراك الواقع الراهن ، إذ قال : " إن من يريد أن يصحح موقفه من مؤامرة الثورة المضادة ، فليعلن توبته إلى الله لأنه مشارك في كل الجرائم التي حدثت للشرفاء في مصر على يد النظام ، ثم رد المظالم إن استطاعوا " ، ويبدو أن الأخ سويدان امتعض من إدانة الاشتراكيين الثوريين لبعض مواقف الإخوان أثناء حكم المجلس العسكري ، وكأنه يطالب من يدعو للاصطفاف الوطني إلى أن يبصم على قدسية مواقف الجماعة في السابق واللاحق ، ولا يقول بذلك أي مشتغل حصيف بالعمل السياسي الذي يقوم على التنوع والاختلاف ، بل إن قادة الإخوان ومنظريهم كثيرا ما ينادوا بهذه العبارة : " لنتعاون فيما اتفقنا عليه ، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه " ... فأين هذا الشعار في التعليق الصدامي للأخ سويدان الذي ابتليت الجماعة به وبأمثاله ! لقد علمتنا تجارب السنين القليلة الماضية بشكل خاص ان الدولة العميقة تنجح في بسط هيمنتها وسيطرتها حين تغذي روح الاستقطاب ضد الاخوان ، وقد انتصرت الثورة المضادة عبر جسر ( فرق تسد) ، والاخوان جيش جرار نعم ، والقوى الاخرى لا تقارن بهم عدديا نعم ، لكن حضور بعض هذه القوى - المعارضة للانقلاب والمختلفة مع الاخوان - هو أمر مهم وواجب ، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما يقول الأصوليون ، لأن وجود هذه القوى يضعف من تلويح الدولة العميقة والمتربصين بثورة يناير بشماعة الاخوان والتيار الاسلامي وحشرهم في الزاوية وتصويرهم بأنهم القوة الوحيدة المعارضة للانقلاب ، وان كان الإخوان بالفعل هم القوة المؤثرة في معارضة الانقلاب في الشارع ، لكن لا ننسى أن " النواية بتسند الزير " !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.