كر وفر بحل التنظيم.. تهديدات داعشية بغياب الجماعة.. وقيادات يستنسخون «مبادرة زمزم» عاد الحديث مجددًا حول حل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بعد أزمة داخلية ضربت صفوف التنظيم الداخلية، واستهداف الأمن لأفراد الجماعة وتصفيتهم. ولا تعد دعوة حل التنظيم الأخيرة، هي الأولى من نوعها، حيث سبقتها عدة دعوات، كانت باكورتها في الأردن، حين أطلق منشقون عن تنظيم الأردن مبادرة زمزم، لحل التنظيم الدولي.
مبادرة زمزم القيادي الإخواني البارز، أرحيل غرايبة، رئيس المكتب السياسي الأسبق للجماعة في الأردن، دعا في وقت سابق إلى حل التنظيم الدولي للإخوان، قائلاً إن الحركة الإسلامية معنية بالإقدام على خطوات استثنائية كبيرة تتناسب مع حجم الخطورة التي تحيق بها وبأمتها وبلدها على مستوى مصر أولاً، وعلى مستوى الإقليم بأكمله. وطالب "غرايبة" جماعة الإخوان في مصر ب"إعلان تنازلها عن كرسي رئاسة الجمهورية، وترك الأمر للشعب المصري كله، حفاظًا على الدم المصري، وحرصًا على مصلحة الدولة، ولو كان ذلك على حساب أعضائها وشهدائها ومعتقليها"، بحسب كلامه. ومبادرة "زمزم" أطلقها غرايبة برفقة عدد من أعضاء الجماعة في أكتوبر العام 2013، وتقوم بنشاطات خارج إطار الجماعة وتعقد حوارات ولقاءات مع مختلف الأطياف السياسية في الأردن وتطرح فكرة المشروع الوطني والعمل على الالتفات للشأن الداخلي.
زوبع "الابن" الأمر ذاته ينطبق على حذيفة زوبع، نجل القيادي الإخواني حمزة زوبع، حيث كتب مقالاً، في وقت سابق، هاجم فيه الجماعة وحمّلها مسئولية ضياع السلطة من أيديهم، بل وصل "زوبع الابن" إلى أبعد من ذلك، حيث طالب بحل الجماعة حتى تعيد ترتيب أوراقها من جديد وتحدد أهدافها بوضوح وتجيب عن التساؤلات المبهمة، وتخلق كوادر ونخبة وقيادة جديدة واعية تقود الجماعة في ظرف إقليمي وتاريخي حساس. وكتب "زوبع" موجهًا حديثه للإخوان: "إن كانت كلمة "حل الجماعة" ثقيلة على مسامعكم فاستبدلوها بأي مصطلح تريدون "تعليق النشاط السياسي" مثلاً؟ أيًا كان، حل الجماعة "قد" يكون حلاً مناسبًا لإعادة رسم المشهد السياسي من جديد وخلق مساحات جديدة وكبيرة يتم إرباك النظام من خلالها، وعدم تحميل الجماعة أحمالاً هي في غنى عنها". وتابع: "قد يكون "حل الجماعة" ورقة يتم التلويح بها للتفاوض مع النظام على أرضية جديدة يكون الإفراج عن المعتقلين ووقف الأحكام الصادرة في حقهم وعدم التعامل الدموي مع القيادات أحد أساسات هذه الأرضية".
مناظرة ثلاثية ويوجد بصفوف جماعة الإخوان ما يمكن تسميتهم بثلاثة تيارات، بشأن الدعوة لحل الجماعة، أولها يدعو صراحة لحلها، لتجنب الملاحقات والضربات الأمنية، وفتح الباب أمام الشباب للتحرك بحرية دون قيد في سبيل ثورتهم ضد النظام، والتيار الثاني يرغب في تعليق عمل التنظيم داخل مصر بصفة مؤقتة، ويتفق مع التيار السابق مع ذات الأسباب، وتيار ثالث يرفض الحل ويعتبر الدعوة إليه مغالاة بحق الجماعة.
حل التنظيم أشرف عبدالغفار، القيادي بالجماعة، قال إنه أراد من خلال اقتراح بالحل للخروج من المأزق الراهن مفاده، إذا قرر الإخوان الانسحاب من المشهد، حفاظًا لدماء شبابه، سيظهر فشل السيسي وانهيار منظومته بالكامل. وأضاف عبدالغفار: "كلامي جاء بمثابة رسالة لتفويت الفرصة على السيسي، الذي يدّعي أنه يفشل بسبب الإخوان"، مشيرًا إلى أن الأمر مازال قيد الدراسة، ويجب أن يأخذ وقته بين قيادات الجماعة وخاصة في الداخل. وتابع القيادي الإخواني: "أتكلم الآن عن تنظيم الإخوان في مصر فقط، وهي مرحلة لها ما بعدها، إنما التحدي والعناد في مواجهة مخطط عالمي إقليمي ينفذه مجنون، وقتل الإخوان على الهوية، وتجاوز ما يسمونه بالعدالة الناجزة إلى أن تكون التهمة هوية"، هو ما دفعه لطرح دعوته. ولفت عبدالغفار إلى أن من مكاسب الحل إرباك النظام، حيث إنه الآن أمامه كيان بقيادات واضحة بالاسم ومدروس طريقة تفكيرها وردود فعلها. وأكد أن جماعة الإخوان ظلت طوال تاريخها صمام أمان للمجتمع المصري، وتعتمد عليها الدولة أيًا كانت، بطريقة غير مباشرة في حفظ المجتمع من الانحرافات، سواء فكرية أو غير ذلك, قائلاً: "غياب الإخوان سيبكي النظام بدلاً من الدموع دمًا، وسيقول الناس ولا يوم من أيام الإخوان". وقال: "إن الإخوان الآن هم الهدف الذي توجه إليه كل الضربات وشماعة ما وصفه بالانقلاب، في عدم استقرار المجتمع وعدم تمكين المواطن من حياة وعده بها". واستطرد: "فليُرفع غطاء عن العدو الوهمي، وقتها سيكتشف الشعب الحقيقة وتصبح المواجهة مباشرة بين شعب يطالب بحقوقه وبين نظام سرق ونهب ويسعى لتدمير البلاد"، وفق تعبيره. وصفي أبو زيد، القيادي الإخواني هو الآخر دعا إلى حل الإخوان عبر تدوينة سرعان ما حذفها، كتبها على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" مفادها، "هذا هو الوقت المناسب لأن تعلن جماعة الإخوان المسلمين في مصر حلَّ تنظيمها مؤقتًا لاعتبارات تصب كلُّها في صالح تصاعد مقاومة الانقلاب وكسره".
رسالة تهديد إلا أن جمال عبدالستار، القيادى الإخوانى، قال إن كلامه حول تعليق عمل التنظيم نزع من سياقه، موضحًا: "زعم البعض أنى أطالب بحل جماعة الإخوان، وهذا أمر عجيب ونزع للكلام من سياقه لقد اقترحت إعلان تعليق التنظيم فى مصر لمدة مؤقتة، من باب التهديد بما سيحدث من انفلات ودمار وفوضى وتخريب". ونفى عبدالستار، وجود طرح حقيقي سواء بحل الجماعة أو تجميدها مؤقتًا، لافتًا إلى أن الأمر "لم يناقش على أى مستوى تنظيمي داخل الجماعة". وأضاف القيادي المقيم خارج مصر قائلاً: "حديثي لم يكن طرحًا بحل الجماعة أو تجميدها، لكنه كان بمثابة تهديد للسلطات الانقلابية في مصر، بعد قتل 9 من قيادات الإخوان على يد قوات الأمن"، على حد كلامه. وتابع عبدالستار "على مدار عامين مضيا استطاعت الجماعة حماية شبابها من الوقوع في صراع دموي، والرسالة التي أردت توصيلها تتلخص في أن الإخوان إذا رفعوا يدهم عن الشباب، وعن الثورة، ستدخل مصر في حرب أهلية". وأوضح القيادي أن "غياب راية الإخوان تعني ظهور راية داعش من جهة، وراية الإلحاد من جهة أخرى، وهو ما يقف له الإخوان بالمرصاد، ويناهضونه بشدة". وأشار إلى أن "الإخوان فكرة أوسع من الهيكل التنظيمي، وليست جمعية استهلاكية يقرر صاحبها الإغلاق، بل هي منظومة فكرية ينتسب لها أعداد هائلة في الداخل والخارج". نفي رسمي من جهته، استبعد أحمد رامي، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، والقيادي الإخواني، نجاح الدعوات التي تصاعدت مؤخرًا مطالبة بحل الجماعة، لقطع الطريق على الملاحقات الأمنية في مصر ضد قيادات وأعضاء الجماعة، والتي كان آخرها "تصفية" 9 قيادات بمدينة السادس من أكتوبر. قال رامي: "من المبكر جدًا اتخاذ قرار خطير كهذا بهذه السرعة"، نافيًا وجود موقف رسمي بشأن الدعوة، فيما لفت إلى أن الدعوة لم تلق دعمًا من قيادات الجماعة. ونفى جمال حشمت، رئيس تجمع البرلمانيين السابقين في تركيا، ما وصفه بالإشاعة التي روجتها صحف النظام، بشأن حل جماعة الإخوان المسلمين، قائلاً إن النظام الحالي يريد أن يزرع الفتنة بين أعضاء الجماعة المتبقين، وذلك بعد اعتقال وقتل العديد منذ أحداث الفض وإلى الآن. قال حشمت في تصريحات صحفية إن "الفكرة طرأت نتيجة لاعتقال وقتل كل مَن ينتمي للإخوان المسلمين، لذا أعتقد أنه طرح استنكاري أكثر منه حقيقي"، متسائلاً: "ماذا لو جمد الإخوان أنفسهم؟ كيف يتلقاه الآخرون ومناصرو الجماعة؟ ما حجم الفوضى التي ستحدث؟". أضاف حشمت أن شباب الإخوان هم بحق صمام الأمان في مصر، مشيرًا إلى أنه ليس صحيحًا أن هناك قرارًا بمثل هذا قد اتخذ، لأن الفكرة لا علاقة لها بموضوع الانشقاقات بل تصور – صاحب الفكرة - أن هذا قرار الجماعة الأصلي. وتابع حشمت: "أعتقد أن صف الإخوان رفض الفكرة في مجملها لاستحالة تنفيذها بشكل تنظيمي وحالة الإرباك التي ستتولد وقتها".