"جرعة مسكن".. أعطتها الحكومة للصحفيين، بعد اعتراضهم علي قانون مكافحة الإرهاب وخصوصًا في مادته رقم 33 والتي تسمح بحبسهما في قضايا النشر، إذا تطلب الأمر ذلك. أيام قليلة فصلت "انتفاضة الصحفيين" ضد القانون، ثم اجتماع الحكومة برؤساء تحرير الصحف، ودعوتهم على الإفطار لحّل الأزمة، وبين موافقة الحكومة علي تعديل المادة في محاولة لامتصاص غضب الصحفيين المتزايد تجاه الدولة. إلا أن الأزمة التي كانت على وشك أن تحل تصاعدت مجددًا، بعد اكتشاف الصحفيين لأسلوب الحكومة في المراوغة، حيث أقرت القانون بتعديلاته الجديدة التي نصت على "تغريم الصحفي مبلغ 200- 500 ألف جنيه" بدلاً من الحبس. وباعتبار أن أغلب الصحفيين يملك بالكاد "قوت يومه"، فإن الغرامة التي أقرتها الحكومة لايمكن أن يتكلفها الصحفي بمفرده، وبالتالي فإن الصحفي سيواجه "الحبس" في حال العجز عن دفع "الغرامة"، وستكون المؤسسات الصحفية "الفقيرة ماديًا" معرضة للتنكيل بها غير تلك المدعومة من الدولة. في الوقت نفسه، سارعت منظمات حقوقية، إلى إصدار بيان موقع من 56جهة، تُطالب فيه الحكومة بالتأني قبل إصدار القانون بشكل رسمي، مؤكدة أنه كان يجب إجراء حوار مجتمعي واسع وحقيقي، وأن يَصدر القانون عن البرلمان القادم حتى يتم ضمان مناقشة مواده باستفاضة وضمان عدم تعارضه مع الدستور. ووافق مجلس الوزراء، الأربعاء، على تعديل المادة 33 من قانون الإرهاب بإلغاء عقوبة الحبس واستبدالها بتغليظ الغرامة المادية لتتراوح بين 200 إلى 500 ألف جنيه فى حالة بث أو نشر أخبار كاذبة تتعلق بالقوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية. وقال الكاتب الصحفي، مصطفي بكري، إنه يوافق بشدة علي التعديلات الجديدة علي القانون، مضيفًا: "أنا صحفي ومستعد أتحبس لو كتبت رقم غلط"، مشيرًا إلى أن "مصر الآن في زمن حرب وعلي الجميع التكاتف من أجل النهوض بمصر". وأضاف بكري ل"المصريون"، أن "من لا يريد أن توقع عليه غرامة أو عقوبة عليه ان يدقق النظر في الأرقام والإحصائيات"، مشددًا على أن "الصحافة في مصر ملتزمة بتقديم مضمون إعلامي محترم للصحفيين". وتابع "قانون مكافحة الإرهاب لا يتناول حرية الصحافة ولا يتعرض لها بسوء، وأن من ينزعج من هذا القانون هم "المغرضون"، وهؤلاء هم المنزعجون من القانون". من جانبه، اعترض محمد عبدالمنعم، رئيس المنظمة الوطنية المتحدة لحقوق الإنسان، علي قانون الإرهاب، واصفًا إياه بأنه "غير دستوري"، قائلاً: "جميع القوانين التي أصدرتها الحكومة سيعاد النظر فيها بعد تشكيل مجلس الشعب ويجب الانتظار حتى يتم إجراء انتخابات برلمانية". وأضاف ل "المصريون"، أن الحكومة وضعت حد أدني 200 ألف جنيه كغرامة، وذلك لأنها تعلم جيدًا أن تأمين الجرائد النقابية داخل نقابة الصحفيين، لايقل عن 250 ألف جنيه، والدولة تملك آلية الحجز على أرصدة هذه الجرائد وتأمينها.