في أعقاب الاستفتاء الشهير على التعديلات الدستورية في 19 مارس الماضي وما أظهر التيار السلفي من حضور لافت وقدرة عالية على الحشد والتصويت نشبت حملة تشهير واسعة النطاق في الإعلام الرسمي والخاص معا ، تورط فيها الجميع ، بما في ذلك صحف "بيزنس الفساد" والصحف القومية ، حتى أصبح الخبر الرئيسي يوميا عند الجميع : اضبط سلفي يفعل كذا ، والسلفيون يعتدون على كذا ، والسلفيون يهددون كذا ، إلى آخر هذا النمط في الكتابة السوداوية وحملات التشهير التي أهانت الصحافة المصرية نفسها قبل أن تهين التيار السلفي ، ولم تنته الحملة إلا بعد أن تعب الجميع من التكرار الممل الذي أصبح مثار السخرية ، فاختفت الحملة رغم أن السلفيين "البعبع" لم يختفوا . وأعتقد أن نفس تلك الحملات ستعود من جديد خلال الأيام المقبلة في الصحف القومية والخاصة التي تتبع المهزومين والمفضوحين الذين لفظهم الشعب المصري وأظهر حجمهم الحقيقي من خلال انتخابات ديمقراطية رائعة ، والمؤكد أننا في الأيام المقبلة سنسمع من جديد عن اتهامات للسلفيين بأنهم ضد الديمقراطية وأن السلفيين يقطعون الآذان ، وأن السلفيين يهددون مليون أسرة تعيش على السياحة وأن السلفيين يفلعون كذا وكذا ، وذلك لأن الظهور اللافت للسلفيين في الانتخابات ونجاحهم المذهل في تحقيق نسبة عالية رغم أن هذه أول مشاركة لهم في الانتخابات ، وأول تجربة لهم في الممارسة السياسية والصراع الحزبي الصعب ، هذا النجاح سيقلب عليهم الأحقاد والمرارات ، وكثير هم الممرورون منهم الآن في الساحة السياسية المصرية . الحملة التي أجزم أنها ستستعر خلال أيام في صحف وفضائيات بيزنس الفساد تحتاج إلى وعي وذكاء إعلامي من التيار السلفي لاحتوائها وتفويت الفرصة على "شياطينها" من أن يحققوا أهدافهم بجر السلفيين إلى جدل إعلامي عقيم يسهل اصطياد الكلمات فيه والتصريحات التي تبنى عليها جبال من الأكاذيب ، يحتاج التيار السلفي إلى قدرة عالية على التطاوع الإعلامي وأن يدرك المتحدث أو الضيف على أي صحيفة أو قناة شبكة علاقات تلك الصحيفة أو القناة الفضائية ، وملاكها الحقيقين ، والحسابات التي تعمل بها ، والأهداف التي قامت من أجلها ، فكل ذلك يحدد لك بوضوح كاف ما الذي يمكن أن يقال وما لا يقال عبر هذه المنابر الإعلامية . ليس المطلوب بكل تأكيد مقاطعة هؤلاء جميعا ، فهذا موقف غير عملي ، ولكن الدراية بمن تخاطب ومن يدعوك ومن يحاورك تمثل خط الحماية الأول من "الألغام" التي ستزرع بكثافة خلال أيام أمام الرموز السلفية شخصيات ودعاة وأحزاب . بطبيعة الحال لن تتوقف الحملة على السلفيين وحدهم ، وإنما ستوجه إلى مجمل التيار الإسلامي ، وإن كان السلفيون هم المستهدفون بالأساس ، فالإخوان المسلمون وحزبهم سيتعرضون أيضا لحملة تشهير ، ولكن الإخوان يملكون "تراثا" من خبرة التعامل مع المنظومة الإعلامية يساعدهم على تحاشي كثيرة الأخطاء ويجعلهم يتفادون الكثير من الألغام المزروعة . [email protected]