* غادرت صالون الحلاقة فى نهار رمضان لأن "الحلاق" فتاة شقراء * وسائل التباعد الاجتماعى أفقدت حميمية الشهر الكريم * "الفيس بوك" و"الواتس اب"...مسحراتى 2015
عرفته منذ خمس سنوات منذ عملت معه فى جريدة "البحر الأحمر" التى كانت تصدرها مؤسسة أخبار اليوم بالتعاون مع محافظة البحر الأحمر عام 2010، وقابلته فذاب الجليد بينى وبينه منذ أول وهلة، وشعرت بتواضعه الجم ومهنيته المتقدمة فكل "جرنال" عمل رئيساً لتحريره ترك فيه بصمه واضحة، ثم عملت معه بعد ذلك فى "صوت الأزهر" التى حولها من جريدة دعاية إلى جريدة يقبل عليها القراء وينتظرها بلهفة وشوق، وكان يترك لى المجال ولم يحدد لى المساحات فى أى من هذه الجرائد ولم تتوقف الاتصالات بينى وبينه حتى هذه اللحظة... إنه الكاتب الصحفى سليمان قناوى رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم السابق كما تولى رئاسة أكثر من صحيفة فى مؤسسة أخبار اليوم فهو مؤسس جريدة "أخبار السيارات" من أبريل 1998 حتى يوليو2005، ورئيس تحرير جريدة "البحر الاحمر" صدرت نصف شهرية اعتباراً من 22 يناير 2010 بالتعاون بين مؤسسة أخبار اليوم ومحافظة البحر الاحمر (أول جريدة مصرية تصدر بأربع لغات: العربية والروسية والالمانية والايطالية) وتوقفت فور الثورة بسبب تدهور احوال السياحة، ورئيس تحرير جريدة "أخبار 6اكتوبر" (تصدرها اكاديمية اخبار اليوم) منذ فبراير 2006 حتى يوليو 2008. وهى معمل صحفى لتدريب طلاب قسم الصحافة بالاكاديمية وكانت تطرح للبيع فى مدينة 6 اكتوبر، حملت فى البداية اسم"اخبار المدينة" وتم تغيير الاسم بعد تحويل 6 اكتوبر الى محافظة..كما أنه عمل فور تخرجه من كلية الإعلام عام 1976 محرراً للشئون العربية بجريدة الأخبار حتى عام 1998.. كما عمل مراسلاً لجريدة "اساهى" اليابانية فى القاهرة من نوفمبر 1983 حتى ابريل 1998بفترة انقطاع لمدة عامين عملت خلالها محررا بجريدة" المسلمون" بلندن خلال الفترة من اكتوبر 1985 حتى مايو1987. قام بتغطية الحرب الافغانية ضد الاحتلال السوفيتى من بيشاور فى صيف عام 1988، وعمل محاضرا للترجمة الصحفية والتحرير الصحفى بكليات الاعلام جامعة القاهرة وجامعة 6 اكتوبر واكاديمية اخبار اليوم، وشارك فى تأليف كتابى "الامبراطورية الامريكية" الجزء الثانى وكتاب " صورة العرب والمسلمين فى المناهج الدراسية حول العالم". (المصريون) التقته لتحاوره عن ذكرياته مع شهر رمضان حيث عاش أيامه الأولى فى حى السيدة زينب العريق حيث الروحانيات والدفء والعلاقات الاجتماعية المتماسكة، ثم يعرج ليحكى ذكرياته مع شهر الصوم فى مدينة الضباب لندن حيث أمضى بها 25 يوما ليتعرض لمواقف وطرائف فى هذه المدينة العجيبة، ولم ينس أن يذكر لنا أحوال المسلمين فيها وغيرها من الموضوعات التى نطالعها فى هذا الحوار الثرى الممتع ... 1- كيف تتذكر شهر رمضان؟ ذكرياتى عن رمضان: تربيت فى المركز العام القديم للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية بشارع الخيامية، عطفة الشيخ السبكى، على يد الشيخ امين محمود خطاب السبكى ابن الشيخ محمود مؤسس الجمعية، كان منزلنا مطلاً على المسجد الجامع للجمعية، ويسكن اسفلنا الشيخ على حلوة احد قمم وقامات الجمعية الشرعية، كان المركز العام القديم عبارة عن بواية ضخمة ومدخل طويل يضم المسجد ومكاتب إدارة الجمعية، ومنزل الشيخ أمين خطاب وابنه الشيخ يوسف وفى مواجهته بيتنا وبجواره منزل الشيخ احمد عيسى عاشور مؤسس مجلة "الاعتصام". فى هذا المناخ عرفت رمضان على اصوله الشرعية، فكان مسجدنا من المساجد القليلة فى ذلك الوقت (الستينات من القرن الماضى) التى تصلى بجزء كامل من القرآن أو يزيد ليتم ختم القرآن فى ليلة السابع والعشرين من رمضان وسط مشاعر الفرح التى تغمر المسجد لاتمام ختم القرآن. وكانت دروس العصر وما بين صلوات التراويح يلقيها أئمة الجمعية الشرعية العظام، ومنهم الشيخ عبد اللطيف مشتهرى، والشيخ فرحات حلوة (القاضى الشرعى لامارة الشارقة فيما بعد) والشيخ أبو القاسم ابراهيم، والشيخ احمد عيسى عاشور. لم نعرف وقتها سوى ان رمضان شهر للتعبد لله، فمن رحمة الله انه كانت هناك وقتها قناة واحدة للتليفزيون تغلق فى الثامنة، ثم بدأت القناة الثانية، والشهادة لله أنه رغم ان التليفزيون على المستوى السياسى كان تعبوياً يقدم رأياً واحداً فقط فى العصر الناصرى، إلا انه على مستوى الدراما والانتاج البرامجى العام كان محترماً فلم تظهر الراقصات والمغنيات والألفاظ الخادشة للحياء فى مسلسلات رمضان أو غير رمضان بل كانت البرامج والمسلسلات الدينية عن صحابة رسول الله تغطى خريطة رمضان فى ذلك الوقت(منتصف الستينات). بالتأكيد رمضان الان مختلف تماما فالتليفون المحمول أصبح هو المسحراتى ومعه وسائل التواصل الاجتماعى التى اسميها وسائل التباعد الاجتماعى، فانت اليوم تكتفى بالتهنئة برمضان بكتابة نص على "الفيس بوك" او "الواتس ساب" أو إرسال إيميل على البريد الاليكترونى لاهلك وزملاءك. راحت ايام مسحراتى حارة السنية (هكذا كانوا يسمون عطفة الشيخ السبكى) الذى كان ينادى بحميمية وبطريقة لحنية باسم كل منا، كنا صغارا ونسعد جدا بان اسمنا يدوى فى الحارة وسط الليل فى ساعات السحور. وكان بجوارنا تماما منطقتان تجاريتان تنتعشان بالنشاط فى الايام الاخيرة منشهر شعبان واوائل رمضان، هما شارع الخيامية التى تنتج الخيام الرمضانية المزركشة التى تغطى واجهات المحلات وردهات الفنادق حتى الان، والمنطقة الثانية( تحت الربع) المركز الرئيسى لتصنيع وبيع فوانيس رمضان وقتها لم نعرف الا فانوس رمضان أبو شمعة التى يمكن أن تلسعك فى يدك، إلا انك تكون سعيداً بهذه اللسعة، لم تكن الصين قد دخلت على الخط وجعلت من فانوس رمضان مسخاً، فقد يكون على شكل دبدوب أو ارنوب مما أخرج الشكل التقليدى الجميل لفانوس زمان عن اصوله. وبجوار مسجد الصالح طلائع بالقرب من بوابة المتولى، كانت تنتشر محلات بيع الشمع لزوم فوانيس رمضان. 3-عشت فى مدينة الضباب "لندن" ، كيف رأيت رمضان هناك وما هى أهم المواقف التى تعرضتم لها؟ قضيت 25 يوما من رمضان فى عام 1987 بلندن، كنت أعمل وقتها صحفيا يجريدة "المسلمون" الاسبوعية التى كانت تصدرها الشركة السعودية للابحاث والتسويق (ناشر جريدة الشرق الاوسط) من مقرها الرئيس للندن، وحدث موقفان غاية فى الغرابة خلال شهر رمضان، فقد قدمت للالتحاق بنقابة الصحفيين البريطانيين وكان من ضمن شروط عضوية أى منتسبين جدد ضرورة حضور جميع اعضاء النقابة والتصويت علنا على كل اسم من الاعضاء الجدد، كان موعد الاجتماع فى السابعة مساء، وكان موعد افطار رمضان فى لندن هو التاسعة والنصف، فلم أحضر معى أى طعام لأننى توقعت أن ينتهى الاجتماع قبل موعد الافطار لألحقه بمسكنى وأتناوله مع جارى الطالب المغربى الذى كان يعزمنى على الاكلات المغربية (حريرة وشباكية وطاجن حوت) وكنت أعزمه على أكلات مصرية (كنافة وقطايف ومحشى). المهم كان بند التصويت على الاعضاء الجدد فى أخر جدول الاعمال وامتد الاجتماع إلى ما بعد العاشرة، وقتها كان مدفع الافطار قد انطلق بالفعل (مجازا طبعا لانه ليس هناك مدفع افطار فى لندن) ولأننى غريب اعتقدت فى البداية أنه من المستهجن أن أترك الاجتماع لاحضر ما يمكن أن اتناوله، حتى رأيت الكثير من الصحفيين يدخلون ويخرجون بأقداح البيرة، فخرجت إلى الشارع لاشترى أى شيىء أكسر به صيامى، فما وجدت حانوتاً واحداً مفتوحاً ففى ذلك الوقت كانت جميع محال لندن تغلق فى السادسة مساء إلا بعض المحلات الصغيرة التى يمتلكها الهنود فكانت تفتح حتى منتصف الليل، إلا أن المنطقة التى يوجد بها مقر النقابة هى منطقة المحاكم التى تغلق جميع محلاتها الصغيرة والكبيرة فى السادسة، عدت ادراجى فى حالة إعياء شديدة فقد كنا نصوم من الثانية والنصف صباحا (موعد اذان الفجر) حتى التاسعة والنصف (موعد اذان المغرب حسب التوقيت المحلى لمدينة لندن) ولم أجد امامى سوى بار، ملحق بقاعة اجتماعات نقابة الصحفيين، فاضطررت إلى دخوله، وسألنى النادل: ماذا تفضل ان تشرب: بيرة ،ويسكى، مارتينى؟ قلت: هل لديكم اى عصير؟ قال: عندنا عصير برتقال، فطلبت كوباً، فسألنى مستغرباً هل هذا كل ما تحتاجه من البار، فقلت: هل عندكم فول سودانى، قال بالطبع لانه"مزة" لشاربى الخمرة.سألت بعدها احد المشايخ المصريين المقيمين فى لندن عن حكم افطارى فى بار، فقال لى "لاأثم عليك" فالله تعالى يقول:" فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه". الموقف الثانى: تحدد موعد عودتى الى مصر فى الخامس والعشرين من رمضان، اى فى العشر الاواخر، ورأيت ان شعر رأسى قد طال، فقررت ان أحلق، وفى أول محل للحلاقة بالقرب من مقر الجريدة بحى" هاى هولبورن" بوسط لندن، دخلت منتظراً دورى، وبعد ان جلست لاحظت أن جميع "الحلاقين" هنن من الجنس الناعم وشقراوات "كمان"، وكنا فى نهار رمضان، وفكرت أن إحداهن هى من سيتعامل مع شعرى ويلعب فيه بالمقص والمشط ، ولن استطيع أن أغض البصر لأنه من الطبيعى أن اراقب من يقص شعرى، فاسرعت بالخروج من المحل وسط ذهول "الحلاقات الشقراوات". 4- ما هى أحوال المسلمين هناك والمشكلات التى يتعرضون لها؟ فى رمضان لندن لا يمكن ان تشعر بغربه، فهناك افطار جماعى بالمركز الاسلامى بحى "ريجنت ستريت" تحس فيه بألفة وحميمية الشهر الكريم، وبلا أى تفرقة بين المسلمين من أى نوع سواء فى الجنسية أو الوظيفة، فتجد عن يمينك ساعى من النيجر وعن شمالك سفير المغرب فى العاصمة البريطانية كل جنسيات العالم الاسلامى تجدهم يفترشون ارض المركز لتناول الافطار، وفى صلاة التراويح يمتلىء المركز بما يقرب من 15الف مصل للتراويح وهو عدد ضخم بارقام الثمانينات، فلم يكن هناك مسجد بمصر يشهد هذا العدد وقتها، وكتبت ذلك فى جريدة الاخبارعام 1987 قائلا: اتحدى ان يوجد مسجد بمصر يصلى فيه التراويح هذا العدد (الآن يمكن أن تجد أكثر من هذا العدد فى اكثر من مسجد). أما عن الاطعمة الرمضانية فلن تكون محروماً منها فى الشهر الكريم فى عاصمة الضباب قالمحلات التركية تتكفل بالامر، لكن أحذر، لأن الكنافة عند الأتراك هى القطايف عندنا، واالقطايف عندهم هى الكنافة عندنا، والشيىء الوحيد المتفق عليه هو"البكلافة" بالتركى والبقلاوة عندنا. يحمل لى رمضان الخير دائما فقد عينت رئيسا لتحرير جريدة " صوت الازهر" فى رمضان، كما صدر قرار تحملى مسئولية رئاسة تحرير جريدة "اخبار اليوم" فى العشر الأواخر من منه عام 2012، وكنت قد كلفت بتولى اصدار مجلة "اخبار السيارات" (أول مجلة سيارات متخصصة تصدرها مؤسسة صحفية قومية) ليلة النصف من شعبان. كما أنجزت الكثير من الأبحاث والدراسات وقمت بالعديد من المهام الصحفية الخارجية خلال شهر رمضان من بينها رحلة الى اقليم لابلاند بفنلندا على بعد 200كيلومتر من القطب المتجمد الشمالى وسط درجة حرارة 35 تحت الصفر وشمس لا تغيب ابدا وان ظهرت، تظهر منتصف الليل!! مما اضطرنى الى استخدام رخصة المسافر فقد كان الصوم هناك يمتد الى 22 ساعة، لندن ارحم كان الصيام فيها 17 ساعة فقط !!!! شاهدالصور