الثوار يمجدون الشهداء.. والكنيسة ترفع شعار «مسلم مسيحي إيد واحدة» محررو «المصريون» يرصدون ساعات من العمل والتحضير تسبق الإفطار
فى كل شارع.. حارة.. ومنطقة شعبية كانت أم راقية، خطوات بسيطة تفصلك عن "مائدة الرحمن" سواء مَن كانت تتبناها "الجمعيات الخيرية، رجال الأعمال أو الفنانون شباب الثورة وآخرهم الكنيسة"؛ فظاهرة مائدة الرحمن ظهرت خلال عصر الأمير أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية، فهو أول مَن أقام مائدة الرحمن في السنة الرابعة من ولايته. تعتبر موائد الرحمن في مصر أحد مظاهر الفرح والخير والعطاء خلال شهر رمضان الكريم ولا تقتصر على القاهرة فقط إنما تمتد لجميع محافظات الجمهورية فيذهب الفقراء إلى موائد الرحمن في رمضان لتناول ما لذ وطاب، مما هم محرومون منه طوال العام؛ حيث يأتي شهر رمضان بالخير والبركات عليهم فمنهم مَن يحضر أولاده وزوجته إلى الموائد لإطعامهم ومنهم من يأتي وحده ومنهم مَن لا يأكل في الموائد ولكنه يذهب إليها كي يأخذ الطعام من موائد الرحمن لعائلته بمنزله وهذا ما تم ملاحظته هذا العام فهناك الكثير من الناس الذين يذهبون إلى تلك الموائد ليس للأكل بها وإنما لأخذ الطعام منها وهذا ما يمنعه أصحاب المائدة أو القائمون عليها، كما أن تلك الموائد لم تقتصر على الفقراء والمساكين فقط بل يقصدها أيضًا من تأخر عن بيته في موعد الإفطار وأولاد السبيل. وتبني "بنك ناصر الاجتماعي" منذ عام 1967 الإشراف على موائد الرحمن من أموال الزكاة، وكانت أشهر مائدة يقيمها بجوار الجامع الأزهر والتي يفطر عليها 4 آلاف صائم ومازالت قائمة حتى الآن. موائد الأحياء الشعبية والأحياء الراقية تعددت الأصناف و"الفطار واحد" تختلف موائد الرحمن من منطقة إلى أخرى؛ ففي منطقة وسط البلد يبدأ التحضير للموائد من الساعة الخامسة أي قبل موعد الإفطار بساعتين ويبدأ حضور الصائمين من الفقراء والعاملين إلى الموائد مع بداية وضعها أي في الساعة الخامسة والنصف تقريبًا. وفي المنطقة الواحدة تختلف الموائد حيث تجد البعض منها تجلب الطعام من أماكن "طعام جاهز" يعد خصيصًا للمائدة يتم شراؤها والاتفاق على تجهيز مع أحد المطاعم القريبة، وهناك موائد أخرى يُحضّر الطعام القائمون عليها في الشارع وتحجز مكانًا منها لتجهيز الطعام على يد طباخين تابعين لها. وفي موائد منطقة وسط البلد، يختلف الوضع تمامًا عن باقى موائد مصر؛ حيث إنها لا تقتصر على الفقراء فقط بل أيضًا الموظفين المتأخرين في أعمالهم؛ حيث تمتاز بتنوع مريديها، وتتشابه موائد الرحمن في وسط البلد في بعض الأشياء كتقديم العصائر والفواكه "رغم غلاء أسعارها" وتختلف في نوع الفواكه والحلويات المقدمة فالبعض يقدم البطيخ والبرتقال والآخر يقدم التفاح والموز بجانب أطباق الأرز الخضراوات واللحوم بجانب مشروب التمر للإفطار. وفي المناطق الشعبية، نجد موائد الرحمن تكتظ بالعديد من الفقراء الذين يذهبون قبل موعد الإفطار بساعات كبيرة جدًا قد تصل لثلاث ساعات لحجز ترابيزة لتناول الإفطار عليها والمكون من بعض العصائر والأكلات المنزلية المكون من "الأرز والخضار وقطع اللحوم أو الدواجن". وبعد موجة غلاء الأسعار هذا العام أصبح هناك تخفيض كميات اللحوم والدواجن وقصرها على 4 أيام فقط في الأسبوع. كما تم تقليل الكميات من الأرز والخضراوات نظرًا للارتفاع الجنوني الذي شهدته الخضراوات والأرز والمكرونة، وغيرها من المكونات التي تدخل في إعداد موائد الرحمن. وللتغلب على هذه الارتفاع الجنوني في الأسعار لجأ البعض إلى حيلة جديدة لترشيد الاستهلاك فتم عمل وجبات جاهزة عبارة عن "عبوة" أو "صينية" صغيرة مقسمة إلى 3 أجزاء يتم فيها وضع كمية لا تتجاوز بضعة ملاعق صغيرة من الأرز وكذلك الخضار ووضع قطع من اللحوم لا يتعدى وزنها 30جرامًا بدلاً من طرح جميع أنواع الطعام بكميات كبيرة أمام المواطنين الذين يجلسون على مائدة طويلة. موائد الكنيسة تظهر تحت شعار مسلم ومسيحي إيد واحدة، دخلت الكنيسة هذا العام سباق موائد الرحمن والتي لا تقتصر على المسلمين فقط، فحرص عددت من الكنائس "الكاثوليكية والإنجيلية"، على إقامة موائد إفطار خلال شهر رمضان بعنوان إفطار الوحدة الوطنية". حيث تزايدت أعداد الموائد التي تقيمها الكنائس خلال شهر رمضان الحالي بشكل ملحوظ ولافت، فأقامت الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، مائدة رحمن، تحت عنوان "مائدة إفطار المحبة الوطنية"، تسع 200 فرد بميدان سيمون بوليفار، وشارك فيها عدد من القساوسة والخدام بالكنيسة، وبث القائمون على الإفطار عددًا من الأغاني الوطنية والتواشيح الدينية من خلال مكبرات الصوت وسط فرحة عارمة بين الصائمين، وذلك تعبيرًا عن المحبة الوطنية التي تربط أبناء الشعب المصري الواحد، وعلى الرغم من إعلان رفضها لإقامة موائد الرحمن خلال الشهر المعظم، علقت بعض الكنائس الأرثوذكسية، فوانيس وزينة رمضان على أسوارها في تعبير منها على روح الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط. خريطة القوات المسلحة لموائد الرحمن لطالما كانت القوات المسلحة المصرية خير يد عون للشعب المصري لتقديم الخدمات والعون إلى الشعب المصري شاركت القوات المسلحة المصرية هذا العام في سباق موائد الرحمن ب164 مائدة رحمن موزعة على جميع أنحاء الجمهورية. فشاركت المنطقة المركزية العسكرية ب60 مائدة رحمن في المحافظات التي تقع تحت مسؤوليتها؛ حيث حاذت محافظتا القاهرة والجيزة على أكبر عدد من موائد الجيش بعد أن أقام 15 مائدة بكل محافظة فيما حظيت محافظة القليوبية على 6 موائد فقط و9 موائد بمحافظة المنوفية و4 موائد بمحافظة الفيوم و4 موائد بمحافظة بني سويف، وفي محافظة المنيا أقامت القوات المسلحة 7 موائد، كما شارك الجيش الثاني الميداني بتنظيم 30 مائدة، أما الجيش الثالث الميداني فقد أقام 34 مائدة رحمن وأقامت المنطقة الشمالية العسكرية 23 مائدة كذلك شاركت المنطقة الجنوبية العسكرية ب 15 مائدة والمنطقة الغربية العسكرية مائدتين فقط. القوى الثورية تشارك ب"المجد للشهداء" وللمرة الثالثة على التوالي شاركت القوى السياسية وأهالي الشهداء في سباق الموائد الرمضانية؛ حيث شارك عدد من شباب القوى الثورية بمختلف انتماءاتهم في تنظيم "مائدة الرحمن الرمضانية" التي يقومون بها كل عام على روح "شهداء ثورة يناير والأحداث السياسية المختلفة" منذ بداية أحداث ثورة ال 25 من يناير. وتحت شعار مائدة "المجد للشهداء" نظم الشباب المائدة بشارع يوسف الجندي مع بداية شهر رمضان المبارك، وطالب القائمون على المائدة من المواطنين بضرورة التبرع لاستمرارها، مؤكدين أن المائدة على روح كل شهيد استشهد في الثورة وأحداثها علشان خاطر يحقق حلم إن البلد دي تكون فيها "عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية". غياب موائد الإخوان بدواعٍ أمنية!! وبعد قيام حكومة الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء السابق، عقب أحداث 30 يونيو، بتجميد وإغلاق 1033 جمعية خيرية بتهمة انتمائها أو تبعيتها للإخوان المسلمين، وهو ما دفعها للخروج من سباق موائد الرحمن هذا العام. كذلك بعد إصدار غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعي عدة قرارات بحل 169 جمعية أهلية منتشرة في تسع محافظات تابعة للإخوان المسلمين والتي جاءت بالسلب على تلك الموائد. لوحظ هذا العام انخفاض ملحوظ في موائد الرحمن بشوارع القاهرة، والتي كانت تغطى شوارع القاهرة؛ حيث كانت تتواجد في أغلب شوارع العاصمة أكثر من مائدة رحمن أو واحدة على الأقل ولكن هذا العام أصبحت لا تتواجد بهذا الشكل المكثف. وذلك نظرًا لعدة ظروف أولها التصريحات المطلوبة لعمل تلك الموائد وغلاء أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى غلق معظم الجمعيات الأهلية وحبس الكثير من الجماعات الإسلامية والتي كانت عاملاً أساسيًا كل عام في تلك الموائد، بالإضافة إلى العامل الأمني للبلاد وما تشهده البلاد من عمليات إرهابية. شاهد الصور..