تترقب الأوساط السياسية في مصر صدور حكم محكمة الأحزاب بمجلس الدولة بعد غد السبت في قضية إشهار حزب الوسط ، وهي المحاولة الثالثة للمؤسسين للحصول على ترخيص للحزب صاحب أطول قضية تنظرها محكمة الأحزاب استغرقت 10 سنوات كاملة .. ومما يعزز فرص إشهار الحزب هذه المرة ، ما جاء في تقرير هيئة المفوضين الذي أوصى بإشهار الحزب ، كون برنامجه يتميز عن برامج الأحزاب الأخرى ولا يتعارض مع الدستور المصري . وفي حال صدور الحكم بالموافقة على إشهار الحزب ، سيكون الوسط أول حزب مدني ذا مرجعية إسلامية في الحياة السياسية المصرية .. وهو ما قد يسهم في قطع خطوة انفراجية في مشوار الإصلاح السياسي المتعثر ، وحل إشكالية عويصة في المشهد السياسي الراهن الحافل بالمفارقات العجيبة ، الذي يعطي شرعية لأحزاب ديكورية تفتقر إلى الرصيد السياسي وليس لها وجود في الشارع .. في حين يحجبها عن قوى وتيارات فاعلة تعبر عن تيار عريض في المجتمع ، وهو وضع شاذ يشير إلى خلل هيكلي في المنظومة السياسية المصرية ، وانفصال حاد عن الواقع تمخض عنه جمودا في الأفكار والرؤى وركودا في الأطر السياسية الفاعلة .. وهذه الحالة المزمنة التي عانت منها البلاد طوال نصف قرن ، ستستمر بالقطع في حال تعنت النظام وعدم الموافقة على إشهار حزب الوسط وباقي الأحزاب المنظورة أمام محكمة الأحزاب ، مما ينعكس سلبا على تصاعد حالة الاحتقان السائدة وتعميق الأزمة السياسية المعقدة والمتشابكة ، وعندها ستصل الأمور إلى طريق مسدود لن يكون في صالح أي من الأطراف المشاركة في اللعبة السياسية ، الباحثة عن مخرج للأزمات التي تعصف بالبلاد . وفي حالة حزب الوسط تحديدا ، فانه بعد أن قطع شوطا طويلا في دروب العمل السياسي ومسارات الفكر الإسلامي ، استطاع أن يصل أخيرا إلى رؤى إسلامية وبرنامج متكامل أرسى جسورا بين الأجندة الليبرالية التي تطالب بها النخبة ، والمرجعية الإسلامية في إطارها الحضاري والتجديدي ، ومرتكزا على قناعات شرعية ووطنية تتسم بالاعتدال والوسطية ، وتتجاوب مع أشواق قطاعات عريضة من مختلف شرائح وطبقات المجتمع . فقدم حزب الوسط إجابات مقبولة من مختلف القوى السياسية على جميع التساؤلات الصعبة المثارة والشائكة في الملف الإسلامي .. بخصوص الدولة المدنية وحقوق المواطنة وغيرها من القضايا التي تتطلب موائمة شرعية وسياسية .. مرتكزا على اجتهادات مفكرين أفذاذ ، مثل عبد الوهاب المسيري والعوا .. ومن واقع خبرات وتجارب سياسية وممارسات اعتركت العمل السياسي العام ، في جميع الأحداث التي مرت فيها مصر ، ومع جميع التيارات السياسية الفاعلة في الواقع المصري .. مما أعطى تجربة حزب الوسط قبولا عند النخبة وارتياحا بين المثقفين المتوجسين عادة من الخطاب الإسلامي (الأصولي) ، فوجدوا لدى الوسط خطابا جديدا ومغايرا ، يقدم رؤية سياسية وحضارية نموذجية ومتفردة ، تندمج مع المشروع الوطني العام ، وتعبر عن جيل جديد في الحركة الإسلامية والوطنية وصل إلى حالة من النضج السياسي والفكري ، وأقاموا حوارا ديمقراطيا مفتوحا مع جميع القوى السياسية وانفتحوا على كل التيارات والإيديولوجيات .. ومثلما كان ظهور مشروع الوسط منذ عقد من الزمان استجابة لظروف سياسية وفكرية .. فان إشهاره الآن كحزب شرعي ضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية .. [email protected]