انتقد الكاتب الصحفي المتخصص في الشئون العربية فهمي هويدى، المستوى الذي ظهر عليه الوفد الشعب المصاحب للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى ألمانيا، قائلًا: "هناك نقاط عدة اعتبرتها نموذجًا تجسد المستوى الهابط الذى ظهر به البعض أثناء الزفة". وقال هويدى: لقاءات الوفد الشعبى الذى أرسل إلى ألمانيا تحولت إلى عبء على زيارة الرئيس السيسى أساء إليها بأكثر مما أفاد أو نفع. على الأقل فذلك ما يخرج به المرء من متابعة التسجيلات التى تداولتها مواقع التواصل الاجتماعى، خلال اليومين الماضيين، ذلك أنها فضحت الفرق الشاسع بين الكلام المتزن الذى صدر عن السيسى فى مؤتمره الصحفى وبين التهريج والعبث الذى صدر عن أعضاء الوفد فى بعض اللقاءات التى تمت خارج البرنامج الرسمى للزيارة، وهو ما دعانى إلى القول بأن بعض ما قاله هؤلاء قد يتم تسريبه يومًا ما ضمن البرنامج الذى تبثه الدولة العميقة لتشويه بعض الشخصيات العامة واغتيالها معنويًا. وتابع: الخلاصة التى خرجت بها من متابعة أصداء الزيارة فى وسائل الإعلام الألمانية أنها ربما كانت أفضل كثيرًا وأنجح لو أنها تمت بدون الوفد الشعبى الذى لم يمثلنا وأساء إلى صورة الرئيس السيسى ونظامه، ومن ثم تحول إلى خصم من الرصيد وليس إضافة إليه، وبالمناسبة فإن الأصداء التى نقلتها وسائل الإعلام المصرية كان بعضها مبتسرًا وغير دقيق. ولم يخل البعض الآخر من تلاعب فى الترجمة أريد به تجميل الصورة ونقلها على غير حقيقتها. والتفاصيل كثيرة فى هذا الصدد. وسجل هويدي في مقاله بصحيفة "الشروق" عدة ملاحظات على الزيارة الأخيرة، من بينها أن الذين رتبوا الزيارة بدا وكأنهم لا يعرفون شيئًا عن المجتمع والشعب فى ألمانيا، بحيث لم يفرقوا بين زيارة لبرلين وبين زيارة لبورسعيد أو أسيوط، ذلك أن المواعيد هناك لها قدسيتها والخطاب السياسى له أدواته التى ليس من بينها استخدام الزفة وتسويق النجوم، أما المؤتمرات الصحفية فهى لا تعرف التصفيق والتهليل الذى فضح الصحفيين المصريين وكشف عن تبعية أكثرهم للأجهزة الأمنية. وأضاف: البلد هناك مفتوح، وهناك من يؤيد مصر ومن ينتقدها، من ثم فالمؤيدون ليسوا عملاء لها، وناقدو سياساتها ليسوا أعداء ولا مستأجرين من الإخوان، وفكرة الفسطاطين التى شاعت فى مصر، واعتبرت كل معارض للنظام إما عميل أو إخوانى (والثانية أخطر بالمناسبة) إذا استخدمت عندنا للترهيب والتخويف فإنها لا تصلح فى ألمانيا، وإذا كان البعض يبتلعها على مضض فى مصر، فإنهم فى ألمانيا يحولونها إلى مادة للتندر ودليل على هشاشة الموقف المصرى وضعفه. وأشار إلى أن سمعة حقوق الإنسان فى مصر باتت من الصعب الدفاع عنها فى العالم الخارجى، ومن المحزن أن الثقة فى استقلال القضاء المصرى اهتزت كثيرًا بسبب الإعدامات التى طالت المئات وأحكام السجن المؤبد التى عاقبت أعدادا لا حصر لها من البشر، وإطالة أمد الحبس الاحتياطى لآجال غير معلومة، ذلك كله كان ولا يزال مصدر إساءة بالغة للنظام القائم. وفي محض ذكر ملاحظاته قال هويدى: إن المجتمعات الديمقراطية إذا قبلت فكرة انتقاد الدكتور محمد مرسى أو توجيه أى اتهام إليه، فإنها مازالت غير مستعدة لابتلاع مسألة الحكم بإعدامه التى يهلل لها الإعلام المصرى، فالرجل فى نظر الطبقة السياسية يظل أول رئيس منتخب ديمقراطيا فى التاريخ المصرى، وهو ما أيده الرئيس السيسى أخيرا، وإدراكه ذاك دفعه حين سئل فى الموضوع إلى القول بأنه لكل حادث حديث. وفهم من كلامه أن الإعدام لن يتم فى نهاية الأمر. واختتم: من بين الدروس المهمة التى ينبغى أن نستخلصها أيضا أن إصلاح البيت من الداخل هو أفضل وسيلة للدفاع عنه فى الخارج، وأن الكلام الجيد الذى تحدث به الرئيس السيسى فى المؤتمر الصحفى عن سيادة القانون والحقوق والحريات سيؤخذ على محمل الجد حقا، وسيكون محل ترحيب من سامعيه الأجانب إذا كان معبرا عن واقع يعيشه المصريون وليس على حلم يراود البعض أو مطالب يلاحق بسببها النشطاء ويتعرضون للاتهام والقمع.