ما حدث فى سجن شديد الحراسة بمنطقة طرة وسجن المنيا صباح الاثنين أمر ينبغى التوقف أمامه وعدم تمريره إذ يعد ارتدادً إلى عصر مبارك ونكوصا عن الثورة المصرية التى ما قامت إلا بسبب القهر والظلم وسحق المواطن المصرى . فقد جردت الداخلية حملة تأديبية موسعة على السجنين جردت السجناء من أمتعتهم ومتعلقاتهم وفرضت عليهم الحبس الانفرادى ومنعت عنهم الزيارة . هذا الهجوم على سجنى العقرب والمنيا يعد أحد الفصول التراجيدية للثورة المصرية وقمة مأساتها إذ إن هؤلاء المساجين الذين وجهت ضدهم الحملة أبرز ضحايا النظام السابق والذين حوكم معظمهم أمام المحاكم العسكرية نتيجة معارضتهم للرئيس المخلوع وكان من المنتظر عقب الثورة المصرية أن يصدر عفو شامل عنهم جميعاً خاصة وأن عددا غير قليل منهم محكوم عليه بالإعدام وجميعهم ضحية نظام فاسد ولكن للأسف لم تلتفت لهم الثورة وتركتهم يعانون الحبس والقهر ولم تفكر حكومة د./ شرف - التى سارعت إلى الإفراج عن المزورين استجابة لضغوط طائفية – فى بحث ملفهم وإعادتهم إلى أهليهم وذويهم خاصة وأن معظمهم أعلن فى وقت سابق على الثورة تأييده لمبادرات منع العنف . لا أدرى ما هى الأسباب التى حدت بوزير الداخلية اللواء / منصور العيسوى إلى التخلى عن حلمه ويوافق على هذه الحملة التأديبية وهو الذى تحمل الذين هاجموا مبنى الوزارة ونزعوا شعارها كما أمر ضباطه بضبط النفس أمام المهاجمين لمبنى مديرية أمن الجيزة . حتى لو صح ما تردد عن اكتشاف علاقة بين مفجرى خط الغاز فى سيناء وبين بعض المودعين فى سجن العقرب فما كان ينبغى تعميم العقاب على كل الموجودين إذ إنها سياسة مباركية بامتياز عانت منها السجون المصرية وخاصة الإسلاميين لسنوات طويلة إذ كان يكفى خطأ فردى بسيط لتعميم عقاب بدنى قاس على كل السجن . كما أن المفارقة الأكثر دهشة أن مثل هذه الحملات التأديبية التمشيطية لا تعرف طريقها إلى سجن المزرعة المجاور لسجن العقرب حيث يوجد نجلا الرئيس المخلوع وأركان نظامه والذين يقودون الثورة المضادة من داخل سجنهم وقد تثبت الأيام بعد ذلك ضلوعهم فى المؤامرة التى تشهدها مصر حاليا لإجهاض ثورتها المباركة . الحملة التأديبية على سجنى العقرب والمنيا ضد المعارضين الأشرس لمبارك ونظامه قابلتها المنظمات الحقوقية والمواقع الإعلامية بالصمت التام حتى الآن رغم أنها أقامت الدنيا ولم تقعدها على جبس أحد الناشطين السياسيين احتياطياً على خلفية الاشتراك فى الهجوم على قوات الجيش فى أحداث ماسبيرو ... هذا الصمت غير المقبول ليس له من تفسير سوى التلون الإيديولوجى الذى يصبغ تصرفات الحقوقيين والإعلاميين والنخبويين والتى عانينا منها بشدة قبل الثورة . نريد تفسيرا من الداخلية لما حدث فى سجنى العقرب والمنيا وإلا فلنكبر على ثورتنا أربعا . [email protected]