من الطبيعى أن يذهب المجرمون والخارجون على القانون إلى السجن لتلقى العقاب.. هذا ما يحدث فى كل دول العالم وهذا ما يحدث فى طرة أيضا ولكن مع فارق بسيط فالسجن فى طرة يعنى شاشات DCL .. لاب توب .. ثلاجة .. سخان كهربائى ! كل ذلك ليس دعاية لإحدى الغرف الفندقية، بل وصف دقيق لأحد عنابر سجن المزرعة بطرة، والذى أصبح أهم سجن فى مصر الآن بعد ثورة 52 يناير الماضى. بالنسبة لنا السجن تأديب وتهذيب واصلاح الأنظار توجهت نحو عدد من المسجونين الذين أفرجت عنهم إدارات سجون طرة مؤخرا، لإزالة ضبابية المعلومات عما يحدث داخل دولة طرة الجديدة. ورغم التعليمات المشددة التى حرصت إدارات سجون طرة على نقلها للمفرج عنهم بشكل صريح ومباشر بعدم التحدث عن أى معلومات تخص ما يجرى خلف أسوارها تحدث إلينا عيسى دياب الذى كان نزيلا بطرة بعد انتقاله إليه من سجن أبوزعبل عقب أحداث اقتحام السجون، قائلا: لاحظت أنا وزملائى ومنهم من قضى مدة طويلة بسجن طرة أن إدارة السجن شددت إجراءاتها فى الفترة الأخيرة خاصة بعد قدوم عدد من الوزراء ورجال الأعمال فكانت تنزل حملات التفتيش يشرف عليها رئيس مباحث السجن والضباط بليمان طرة لجمع أجهزة التليفونات المحمولة التى بحوزة بعض المساجين بشكل متكرر يوميا وكنا كثيرا ما نسمع أن كل التغييرات التى تحدث سببها القادمون إلى سجن المزرعة وعدم نقل معلومات لأى شخص من أهالى السجناء بالخارج. محمود عبد الحميد ولذلك كانت هناك إجراءات صارمة أثناء الزيارات الخاصة بنا وصلت إلى عدم السماح بدخول أشياء بسيطة إلينا كنا نحتاجها وتعرضت أسرنا أثناء الزيارات إلى تفتيش صارم ومهين حرصا من مصلحة السجون على حماية النزلاء الجدد بكل الطرق الممكنة. ويكمل دياب: سأل أحد المساجين أمين شرطة عما يجرى بسجن المزرعة والتأكد من صحة معلومة كانت تخص دخول أجهزة دش وريسيفر إلى المكان ليتابع الشخصيات المهمة الأخبار التى تعرضها الفضائيات، وعوقب هذا السجين وتم التعامل معه وفقا لسياسة التأديب بالحبس الانفرادى وعلمنا أن حملات التفتيش المستمرة كانت بعد أن انتشرت شائعة أن السجناء يتابعون المستجدات لحظة بلحظة بمساعدة الهواتف المحمولة التى كانت بحوزة بعضهم وينقلون معلومات يرى الضباط أنها مغلوطة عما يحدث داخل سجن المزرعة. الصورة التى يرسمها السجناء كما نقلها دياب عن نزلاء المزرعة بأن عنبر1 داخل السجن نفسه هناك فارق بينه وبين العنابر الأخرى فى المزرعة، فإذا سمح لك بالدخول ستكتشفين عن قرب أن الأحوال داخل عنابر تلك السجون أقل درجة وأكثر فقرا وأن الكثافة العددية كبيرة جدا، احمد حسن متولى وهذا يجعل الوضع غير إنسانى بالمرة - والكلام على لسان دياب - حتى بعض المساجين الجنائيين من المستوى الرفيع داخل المزرعة لا يسمح لأى مسجون منهم بالاختلاط بالنزلاء الجدد لأن هناك تصنيفا بين النزلاء، فالمسئولون السابقون محاطون بحراسة خاصة واهتمام من قبل إدارة السجن لا يسمح لأحد من السجناء الآخرين بتجاوز ذلك حتى وإن كانوا رجال أعمال أو ضباطا أو قضاة، كما أن الإدارة نفسها لا يمكن أن تتأخر عنهم مثلما يحدث مع أمثالنا من المساجين العاديين كذلك لا يمكن أن يعامل أى منهم نفس المعاملة التى يلقاها أى سجين آخر فى الليمان أو الاستقبال أو طرة شديد الحراسة (العقرب) فبمقدور السجين منهم أن يطلب ما يشتهيه وقتما أراد. ويؤكد دياب: السجن شهد حالة قلق عامة فى الليلة التى جاءوا فيها بعلاء وجمال مبارك، ومنعت إدارة السجن جميع النزلاء بطرة من مغادرة الزنازين. الزيارات مستمرة للمسئولين بشكل استثنائى داخل السجن وتتم فى غرفة مأمور السجن ويتم حمل الطعام الفاخر الذى يأتى من الخارج ويجهز فى كافيتريا المزرعة إلى تلك المجموعة. هذا فيما يتعلق بهم داخل المزرعة، أما بالنسبة لنا كسجناء بطرة فكان الوضع فى منتهى التوتر والشعور بالظلم بعد الإفراج عن عدد كبير من السجناء وزادت الضغوط على الضباط الذين عليهم تأمين المجموعة الجديدة وفى الوقت نفسه تأديب السجناء المتمردين داخل مجمع سجون طرة . احمد امين فأهالينا استفزهم قرار نقل عدد كبير منا إلى سجون أخرى داخل مجمع طرة لصالح رجال مبارك لدرجة أن والدة مسجون أخبرت أحد الضباط أنها ستلجأ إلى الصحافة لتروى ما يجرى فى الداخل إذا لم يفرجوا عن ابنها. «ناصر إمام» ضمن عدد من السجناء الجنائيين الذين قدمت أسرهم شكاوى من أجل الإفراج عنهم بعد تسليم أنفسهم. اعترف لنا بأنه تعرض للضرب المبرح من قبل الضباط ويرى أن الهدف من نقله وزملائه إلى سجون المنطقة المركزية بطرة كان لمصلحة الوارد الجديد وأن كل ما كان يشغل المسئولين داخل طرة لفترة هو الأمن والأمان بعد إيجاد عنابر غير شاغرة للسجناء الجدد من المسئولين السابقين ورجال الأعمال من أجل العمل. ويقول: نسمع أن حبيب العادلى يوجد بعنبر الحبس الانفرادى الملحق بعنبر 2 بسجن مزرعة طرة وأنه أهان أحد الضباط الشباب لأنه تعامل معه باعتباره متهما وتدخل مأمور السجن لحسم النزاع لصالح حبيب العادلى. وأن الزنازين الانفرادية كانت مهيأة للوزراء وابنى مبارك قبل مجيئهم بأسبوعين . ويضيف: السجن به ملعبان لكرة القدم وللكرة الطائرة وهناك حراسة أمنية مشددة لجمال وعلاء مبارك على وجه الخصوص. ويفجر ناصر مفاجأة عندما يقول: رغم أننا كنا داخل سجن طرة طوال الفترة الماضية إلا أننا لم نشاهد حتى الآن أى مسئول أو وزير سابق أو حتى ابنى مبارك وكل المعلومات التى نرويها عنهم معلومات سماعية لم نتحقق منها. ويضيف: عدد كبير منا لا يصدق أن ابنى مبارك وزكريا عزمى موجودون الآن بطرة لأن إدارة سجون طرة تعمد على الفصل بين المساجين وتختار فقط من تثق بهم لخدمة نزلاء المزرعة . «محمود نصر» أحد النزلاء الجنائيين فى قضية شيكات الذى خرج من سجن طرة مؤخرا: نحن فى طرة ننقسم إلى عدة أنواع، هناك السجناء الجنائيون فى كل سجن من سجون طرة إلا أن المزرعة يحوى الصفوة 99 % منهم قضايا أموال عامة ومنهم الضباط والقضاة ورجال الأعمال المتهمون فى قضايا فساد، وفى الفترة الأخيرة كلفت إدارة سجن المزرعة بعض الجنائيين الموثوق فيهم بالعمل على خدمة السجناء الجدد مقابل راتب يومى يبدأ ب100 جنيه .«أحمد أمين مشارى» - معتقل سياسى: كان يوم خروجى هو نفس اليوم الذى تم ترحيل أحمد نظيف فيه إلى السجن وشهدته بنفسى وهو ينزل من سيارة الترحيلات وسط حراسات أمنية شديدة . وخلال الفترة التى تزامن وجودى فيها مع توالى مجىء رموز مبارك لطرة زادت التجهيزات فى الفترة فى أواخر فبراير ومارس وأبريل لإعداد الزنازين بجميع وسائل الراحة. فى الوقت الذى كان المساجين فى باقى سجون طرة يعاملون أسوأ معاملة، لدرجة أن الزنزانة تصل مساحتها إلى 160 سم فى 180 سم يوجد بها 6 أفراد ولا يتم فتحها إلا بعد عدة أشهر قد تصل إلى 7 أشهر. وسمعت بأذنىّ من أحد الضباط قبل خروجى أن السجناء الجنائيين يتسابقون من أجل خدمة رجال مبارك، ووصل الأمر إلى دفع رشاوى لبعض الضباط واللجوء إلى الوساطة لنقلهم إلى المزرعة فالمسجون الجنائى يسعى لذلك من أجل ضمان راتب ثابت بحد أدنى 100 جنيه يوميا، بالإضافة إلى الامتيازات الأخرى كالواجبات والسجائر والمشروبات، خاصة أن الفساد داخل طرة لا حدود له وهذا ما اضطر عددا من المعتقلين أن يسددوا مبالغ تترواح مابين 5 و7 آلاف جنيه كبدلات مالية للسجن مقابل النوم على سرير وبشكل آدمى. «مشارى» يؤكد أن من يدخل سجن المزرعة للزيارة لا يريد أن يخرج منه لتوافر وسائل الراحة فيه ولقد كان أمناء الشرطة يصفون الأوضاع بالمريحة وبأنه الآن يحوى أجهزة اللاب توب وثلاجات ووسائل تهوية. أحمد حسن متولى خرج من طرة فى أبريل الجارى وكان قد اعتقل فى قضية تفجير كنيسة القديسين: أثناء الحبس الانفرادى نحصل على مرتبة واحدة وبطانية واحدة ونقوم بتسليم ملابسنا لإدارة السجن ونحصل على بدلة تحقيق بيضاء خفيفة ولا يكون بمقدورنا سوى النوم على تلك المرتبة على الأرض، لأنه لا يوجد أسرة ومن يريد أن تتحسن أحوال زنزانته فعليه أن يدفع مبالغ كبيرة لمأمور السجن، وفى المقابل فإن هذا لا يحدث داخل عنابر المزرعة فالذى نعرفه جيدا أن هناك الأسرة ووسائل الراحة المهيأة لهم والوجبات الدليفرى بدلا من التعيين (طعام السجن). وهناك مخالفات كثيرة تحدث داخله بدءا من مخالفة اللوائح القانونية للزيارات والسماح بدخول منتجات من خارج السجن وترك حرية التصرف للنزلاء بأعمال إصلاحات وإمداد الزنازين بوسائل متعددة منها السيراميك والأحواض ومستلزمات دورات المياه.