خلافا لكل التوقعات التى سادت أروقة الجامعة العربية خلال الساعات الماضية، قرر مجلس وزراء الخارجية العرب فى اجتماعه بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة أمس تعليق مشاركة وفود سوريا فى اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة اعتبارا من 16 نوفمبر الجارى، إلى حين قيام دمشق بالتنفيذ الكامل لتعهداتها وسحب الجيش من المدن وتوفير الحماية للمدنيين السوريين من خلال الاتصال بين المنظمات العربية والدولية المعنية فضلا عن فرض عقوبات اقتصادية وسياسية ضد الحكومة السورية. وصدر القرار بموافقة غالبية الدول العربية المشاركة فى الاجتماع، فيما رفضت لبنان واليمن القرار وامتنع العراق عن التصويت على القرار. ودعا الوزراء الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق وإبقاء المجلس في حالة انعقاد علي أن تتم دعوة جميع أطراف المعارضة السورية للاجتماع فى الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام ودراسة إمكانية الاعتراف بالمعارضة السورية، فضلا عن مطالبة الجيش السورى بعدم التورط فى أعمال العنف الدائرة حاليا ضد المدنيين. وكان الاجتماع الساخن شهد توجيه سبابًا بألفاظ نابية من قبل المندوب السوري يوسف أحمد للأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، اعتراضًا على القرار بتعليق عضوية سوريا. وقال الوزير القطري في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع: "أترفع عن الرد عن مثل هذه الألفاظ النابية، فقد تربيت على ألا أرد على أحد بهذه الطريقة، وأقول له الله يسامحه". وتابع: "كل هدفنا مصلحة سوريا، لأنها عزيزة علينا، ولسنا وكلاء لأحد لتنفيذ مخططات ضد سوريا". وأشار إلى استمرار الجامعة في مراقبة الأوضاع في سوريا الوضع في الأيام القادمة، وأن الجامعة ستتخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، واستدرك قائلا: نأمل ألا يكون هناك زيادة في القتل، وأن تتخذ الحكومة السورية مبادرة ووقف القتل وإطلاق المعتقلين وبدء إصلاح في سوريا بشكل جدي وسريع. وحول تأخر الجامعة العربية في إصدار هذا القرار، قال الوزير القطري: كان مطلوبًا أن يكون هنا إجماع عربي، ومطلوبًا إعطاء الوقت الكافي لإتاحة الفرصة لدمشق للالتزام بالمبادرة العربية، نظرا لأهمية سوريا، ونعطيهم فرصة يوم 16 من الشهر الجاري حتى يلتزموا. ورفض بن جاسم الاتهامات السورية بوجود رغبة خليجية في التصعيد، قائلا إن الجميع يعمل تحت مظلة الجامعة العربية، والموافقة هذه تدل على وجود توافق بين غالبية الدول العربية علي القرار أن كل الدول العربية. ولفت إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرباط يوم 16 من الشهر سيتابع هذا الموضوع، وستعرض عليه الأمانة العامة للجامعة رؤيتها بشأن آلية المراقبة والتنفيذ للقرار. وحذر من أنه إذا لم تلتزم دمشق بالمبادرة، سوف يعقد الوضع، وقال "نحن لا نرغب في ذلك، وليس صحيحا أن البعض يريد تعقيد الوضع في سوريا، وصبرنا كل هذه الأشهر، لأننا نريد معالجة الوضع في سوريا في إطار الجامعة العربية". وحول وجود آلية لتسليح المدنيين وفرض حظر جوي، نفى بن جاسم التطرق لذلك، قائلا: "لم يتحدث أحد في الجامعة عن الحظر الجوي أو أمور أخرى"، لافتا إلى أن اللجنة الوزارية الوزارية تترقب اتصالات من الجانب السوري، بشأن تنفيذ المبادرة العربية، مشددا على وجود رغبة عربية ليحصل الشعب السوري على حقوقه بطرق سلمية، لأن سوريا جبهة مهمة في مواجهة إسرائيل وموقعها حساس ومهم لنا كعرب. من جانبه، قال الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الجامعة بدأت الاتصال بالحكومة السورية منذ أربعة أشهر لوقف العنف ولم يحدث، معربا عن الأمل بأن يتم وقف العنف في الأربعة أيام القادمة. وشدد على أهمية توفير الحماية للمدنيين السوريين، من خلال المنظمات العربية، والأمم المتحدة في إطار حقوق الإنسان وليس في إطار آخر. وأشار إلى أنه وفقا للنظام الداخلي فإن قرار مثل التجميد أو الفصل يستلزم أغلبية الثلثين تستخدم في فصل أو تجميد عضوية أي دولة عربية، قائلا إننا نتحرك في إطار الأغلبية، لأنه لو لزم التوافق ما صدر قرار من الجامعة. وكانت الساعات السابقة لصدور القرار شهدت خلافات بين عدد من الدول العربية الساعية لتعليق عضوية سوريا وبين دول طالبت بإعطاء النظام السورى فرصة أخرى لتنفيذ تعهداته حيث يجرى التوصل لصيغة وسط بين الطرفين بتعليق مشاركة الوفود السورية فى اجتماعات الجامعة. وتباينت وجهات النظر خصوصا بين مصر والسعودية، حيث كانت القاهرة ترغب في تسوية عربية للأزمة السورية، في حين ترغب الرياض فى فرض عقوبات على دمشق فى ظل تحديها للمبادرة العربية وعدم التزامها بوقف العنف وسحب الجيش من المدن والقرى السورية. إذ تتخوف القاهرة بشدة من أن يؤدى اللجوء إلى التصعيد مع دمشق إلى قطع سبل الاتصالات معها ويمهد لسقوط النظام وما سيليه من انهيار الدولة فى سوريا بشكل يهدد بقوة الأمن القومى المصرى والعربى على حد سواء. فى المقابل، تبنت الرياض خطا أكثر تشددا حيث طالبت بضرورة فرض عقوبات على سوريا لعدم التزامها بما قطعته على نفسها من التزامات، وتحفظت بشدة على إعلان سوريا بقبول مراقبين عرب لتقييم التزامها بالتعهدات التى قطعتها على نفسها معتبرة المسعى السورى وسيلة لكسب الوقت وقطع الطريق على أى مساع عربية لفرض عقوبات عليها من بينها تجميد عضويتها فى الجامعة العربية. من جانبه، طالب وفد المجلس الانتقالى السورى برئاسة المعارضة السورية البارزة بسمة قضمان من الجامعة العربية ولجنة المبادرة العربية بفرض عقوبات على سوريا فى مقدمتها تجميد عضويتها في الجامعة العربية وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وسحب الشرعية العربية التى يستخدمها النظام لشن حرب إبادة على الشعب السورى.