أسباب تجاهل السيسي للمحافظات

رغم زيارته أكثر من 15 دولة خارجية

بعد أيام قليلة من الآن، يمضى عام كامل على انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسًا لمصر، وفى خلال هذا العام زار السيسى منذ توليه الحكم فى مصر أكثر من 15 دولة عربية وأوربية وإفريقية، وجاءت الدول العربية فى المرتبة الأولى للزيارات الرئاسية وشملت دول الجزائر والسودان والسعودية والأردن والكويت والإمارات، بينما جاءت أوروبا فى المرتبة الثانية بزيارة فرنسا وإيطاليا وقبرص، وزار السيسى كل الدول أصحاب العضوية الدائمة فى مجلس الأمن الدولى باستثناء بريطانيا، واتجه إلى زيارة إثيوبيا وغينيا الاستوائية بجانب زيارته للفاتيكان، والتى كانت الأولى لرئيس مصرى منذ 8 سنوات, وعلى الرغم من هذة الزيارات الكثيرة والتى تعددت لدول بشكل متكرر كالسعودية، عزف السيسى عن زيارة محافظات مصر التى تبلغ 27 محافظة فلم يزر إلا أربع محافظات فقط هى الشرقية والإسكندرية والإسماعيلية ومرسى مطروح، حيث اقتصرت زياراته عليها منذ توليه الحكم فى 8يونيو الماضى إذ يمارس عمله داخل القصر الجمهورى بمصر الجديدة ولم يقم بزيارة أى محافظة أخرى بخلاف المحافظات الأربع، والتى جاءت زيارته لها بسبب أنها بين أحضان الجيش المصرى وجنوده.
وزار السيسى محافظتى الشرقية والإسكندرية لحضور الاحتفالات بتخريج دفعات القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوى، فيما كانت الزيارة الثالثة للإسماعيلية محاطًا برجال القوات المسلحة، للإعلان عن تدشين مشروع محور قناة السويس وزار مرسى مطروح والتقى رؤساء القبائل هناك ولم يقم بزيارات أخرى بعد ذلك، الأمر الذى أثار علامات استفهام كثيرة حول ذلك، خاصة أنه فى فترة الانتخابات الرئاسية لم يقم أيضًا بزيارة أى من المحافظات المصرية.
وأشار الخبراء، إلى أن تركيز السيسى على الزيارات الخارجية وتجاهله للتواصل مع الشعب من خلال عقد لقاءات جماهيرية أو افتتاح مشروعات فى المحافظات سوف يؤثر على تراجع شعبيته لدى المواطنين كما أن استمرار الهاجس الأمنى سيخلق انفصالا تاما بين الرئيس والشعب فى ظل تردى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وفشل الحكومة فى القضاء على الأزمات التى تلاحق المواطنين.
وفى إطار ذلك كله تسلط "المصريون" الضوء على أسباب زيارات السيسى المتكررة للخارج وتجاهله زيارة محافظات مصر.

عبود: تجاهل السيسى زيارة محافظات مصر سوف يضعف من شعبيته السياسية
فى البداية قال سعد عبود البرلمانى والقيادى السابق بحزب الكرامة: إن عدم إقدام الرئيس عبد الفتاح السيسى على زيارة محافظات مصر لافتتاح المشروعات المختلفة وتولى رئيس الوزراء هذا الأمر يرجع إلى كون هذه المشروعات تابعة للنظام السابق له ولا تنسب إلى إنجازاته وذلك لأنه لم يكمل عامه الأول فى السلطة ليقوم بافتتاح مشروعات متنوعة قد تحتاج إلى سنوات لإتمامها, لافتًا إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة قد يكون أول مشروع يفتتحه رئيس الجمهورية كما أنه يقع بين الثكنات العسكرية لقوات الجيش .
وأضاف عبود، أن العامل الأمنى هو من الأسباب الرئيسية لعدم زيارة السيسى لمحافظات مصر المختلفة والالتحام مع الشعب من خلال مؤتمرات شعبية وجماهيرية، خاصة أنه أخفق فى تحقيق ذلك عند ترشحه لرئاسة الجمهورية وتواصل مع الشعب من خلال القنوات الفضائية، مشيرًا إلى أن الأمن لم يسترد عافيته حتى الآن مما يصعب عملية التواصل المباشر مع الشعب, إلا أن استمرار الهاجس الأمنى ليسيطر على تحركات الرئيس الداخلية ستقلل من شعبيته فى الشارع السياسى .
وأضاف عبود، أن عدم اهتمام السيسى بزيارة المحافظات المصرية يعكس تجاهله لعدد كبير من المشروعات مثل تطوير شركات الغزل والنسيج فى المحلة والحديد والصلب وغيرها من المشروعات التى كانت لابد أن تحظى بأهمية مشروع قناة السويس الجديدة.
واشار عبود، إلى أن زيارات السيسى المتلاحقة بالدول المانحة تخل بالكرامة المصرية، لأن عدم الإتجاه إلى البناء الداخلى سيعرض مصر إلى مخاطر كبيرة لا سيما أنه لن يستطيع الشعب الإعتماد على المنح والإعانات الخارجيه على طول الطريق .
وتابع عبود، أن ماوتسيتونج الرئيس الصينى لم يخرج فى زيارة واحدة طوال حكمه إلا مرة واحدة وكانت لروسيا عام 1956 واستطاع أن يبنى أكبر إقتصاد فى الوقت الحالى بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
فمصر دولة منفتحة ومن حقها أن تقيم علاقات مع الجميع إلا أن هذه العلاقات يجب أن تكون فى إطار متوازن مع الاهتمام بالشأن الداخلي، خاصة أن الجميع كان يعيب على الرئيس المخلوع حسنى مبارك زياراته الخارجيه الكثيرة وتجاهل الشأن الداخلي، حيث إنه قام بزيارة فرنسا وحدها 52 مرة وبلغت زياراته نحو420 زيارة خارجية طوال فترة حكمه تمثل نحو5 سنوات سفر فقط, فالعائد الخارجى قد يكون أقل إذا ما قورن باهتماماته بتنمية البنية التحتية فى جميع محافظات مصر .

الزيات: الرئيس ليس مطلوبًا منه زيارة جميع المحافظات والزيارات الخارجية لخدمة الداخل
من جانبه قال الدكتور محمد الزيات المحلل السياسى ورئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط: إن تحرك الرئيس عبد الفتاح السيسى النشط نحو زيارة العديد من الدول الخارجية هو فى إطار خدمة الجبهة الداخلية والمتمثل فى دعم الإقتصاد والأمن فى جميع المحافظات بدون أن يكون له زيارات شخصية للمحافظات لأن ذلك غير مطلوب منه لأنه ليس فى طور عمل دعايا انتخابية فالفترة الحالية تتطلب حل المشكلات التى تواجهها محافظات مصر المختلفة وذلك من خلال إعطاء توجيهات لرئيس الوزراء والذى لم يتوقف عن زيارة محافظة فى مصر حتى الآن.
وأوضح الزيات، أن السيسى زار بعض المحافظات مثل الإسكندرية ومرسى مطروح وسيناء، كما أنه يجتمع باستمرار مع جميع ممثلى القطاعات السياسية فى الدولة والحكومة تعمل على تنفيذ توجيهاته فى كل المحافظات .
وأضاف الزيات، أن الوضع الأمنى ليس بالحالة التى تعيق رئيس الجمهورية عن زيارة المحافظات، إلا انه يفضل الاهتمام بوضع مصر على خريطة العالم وهذا ما شهدناه من خلال علاقات مصر مع السودان وإثيوبيا يمكن أن يبنى عليها أمور جيدة فى الفترة المقبلة، بالإضافة إلى زيارته لدول الخليج التى أعادت بلورت التحالف المصرى الخليجى بجانب زيارته للدول الكبرى والتى أعادت مواقفها من مصر والتى ستصب فى خدمة السياحة والاقتصاد المصرى بشكل أساسي.

كمال: الزيارات الخارجية للسيسى لن تحقق طموحات المصريين وزيارات محلب دليل فشلها
ومن جانبه يقول أحمد كمال عضو المكتب السياسى للتيار الشعبي: إن الدستور المصرى حدد اختصاصات رئيس الجمهورية والتى على رأسها الأمن القومى والسياسه الخارجية, كما جعل الأمن الداخلى ودعم الإقتصاد من مهام الحكومة .
وأضاف أحمد، أن اهتمامات المواطن المصرى تتعلق بما يتم إنجازه على أرض الواقع ولا يلتفت إلى زيارات الرئيس الخارجية أو حتى الداخلية لا سيما وأن رئيس الوزراء يقوم بجولات مكثفة فى غالبية المحافظات إلا أن الوضع الإقتصادى كما هو فى حالة متدنية.
فلا يوجد مقياس فى الوقت الحالى لتحديد مدى تراجع أو ارتفاع شعبية الرئيس السيسي، خاصة أن المؤتمرات الجماهيرية ولقائه بالمواطنين فى المحافظات لن تحقق شيئًا, فالإنجازات تتحقق من خلال اتخاذ قرارات حاسمة وإجراءات فى صالح المواطنين تقضى على أزمة تلوث مياه الشرب وكرامة المواطن وتحقيق متطلباته المعيشية .
وأضاف عضو المكتب السياسى للتيار الشعبي، أن دور رئيس الجمهورية يكون بإصدار القوانين ومحاسبة المفسدين وإصلاح الجهاز الإدارى للدولة وإعادة صياغة منضومة العمل بالمحليات, وضخ تمويلات كافية لإنشاء بنية تحتية قوية لتحقق التنمية الشاملة.
ولفت كمال، إلى أن هناك العديد من الأزمات التى تعانى منها الدولة لم تتم معالجتها حتى الآن والتى تتم من خلال إصدار قوانين من قبل رئيس الجمهورية وعلى أن تسعى الحكومة لتنفيذها وحل هذه الأزمات .

أبو العلا: برنامج السيسى الاقتصادى لا يتضمن تحقيق التنمية فى المحافظات المصرية
وعلى نفس السياق أكد سيد أبو العلا عضو حزب التحالف الإشتراكى الشعبي، إن عدم زيارة السيسى لمحافظات مصر طوال عام من حكمه يرجع إلى تجاهله لتحقيق تنمية حقيقية فى مصر وهذا ظهر من خلال المؤتمر الاقتصادى والذى تجاهل تنمية تحقيق البنية الصناعية والإقتصادية بشكل عام فى مصر، لا سيما وأنه اعتمد على مشروعات ربحية وخدمية لا يمكنها بناء إقتصاد فى المستقبل .
وأضاف ابو العلا، أن زيارات السيسى المكثفة للدول الخارجية وعدم وضع زيارة محافظات مصر على أجندته اليومية تدل على أن تنمية المحافظات المصرية ليست فى بداية أولوياته.
وأوضح ابو العلا، أن العلاقات الخارجية لا تبنى على الزيارات المتكررة وإنما يكون أساسها المصلحة المشتركة والدليل على ذلك وجود صيادين مصريين مختطفين فى السودان .
وأكد عضو حزب التحالف الشعبى الاشتراكي، أن ابتعاد السيسى عن الشعب سوف يؤدى إلى تناقص شعبيته كما أنه اتجه إلى زيارات خارجية دون تحقيق عائد ملموس على الوضع الاقتصادى أو حتى الاجتماعى .