الوفود الشعبية المصرية المنطلقة فى دول العالم شرقا وغربا , لتوضيح الحقائق والأوضاع فى مصر بعد ثورة 30 يونيو العظيمة والتى يريد البعض تزييفها , وعرض الخطوات التى تم انجازها من خارطة المستقبل وما يتبقى منها , المفترض أنها تحمل رسائل ووجهة نظر الشعب المصرى فى القضايا والمشاكل الراهنة وطرح الحلول , بعيدا عن أى أهواء فكرية أو حزبية أو شخصية , ونقلها بكل شفافية ووطنية . ونظرا لمدى تأثير الوفود الشعبية ولأهمية الدور الذى تلعبه , وتعرضها لموجة من الانتقادات الموجهة حيث يتهمها البعض بالشو الاعلامى , وبعمل جولات سياحية , بينما يتهمها البعض الآخر بمحاولة البحث عن دور فى الفترة القادمة , وحتى نحافظ على احدى أهم أدوات القوى الناعمة لمصر والتى شهدت تراجعا على مدار أكثر من ثلاثين عاما , ونكاد نكون افتقدناها خلال حكم الاخوان , كان من الضرورى أن نطرح بعض التساؤلات حول كيفية تشكيل الوفود الشعبية التى من المفترض أنها تمثل وتعبر عن غالبية الشعب , وهل من الضرورى أن يكون هناك تنسيق فى المواقف بين الدبلوماسية المصرية وتلك الوفود الشعبية للاستفادة منها خاصة فى وقت الأزمات . أكد السفير بدر عبد العاطى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية أن هناك وفودا شعبية لا تنسق مع الدبلوماسية الرسمية , ووزارة الخارجية لا تتدخل فى تشكيل الوفود الشعبية , ولاتملك منع أى وفد من السفر وزيارة أى دولة طبقا للمادة 62 من الدستور المصرى , الى جانب ذلك هناك العشرات من الوفود الشعبية طلبت المساعدة , وتم التنسيق معها من خلال السفارة فى الدولة المضيفة , باعطائها مواد فيديو , ونقاط حديث , وترتيب لقاءات ومقابلات مع المسئولين والشخصيات الهامة فى الدولة المضيفة , دون التدخل فى أعمال الوفود الشعبية . يقول السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر مارست الدبلوماسية الرسمية والشعبية , حيث شاركت فى الوفود الشعبية لروسيا والنمسا وألمانيا والمغرب وسلطنة عمان واستراليا , لتوضيح الوضع الراهن فى مصر بعد 30 يونيو , ومواجهة الهجمة الغير مسبوقة على مصر , والتى تغذيها جماعات معينة . ويضيف ان أهم أسباب نجاح الدبلوماسية الشعبية هوالتنسيق مع الدبلوماسية الرسمية واختيار الدول المراد زيارتها , ومساندة الدولة بتحمل مصروفات سفر واقامة الوفود الشعبية , مما يجعل الدبلوماسية الشعبية مكملة للدبلوماسية الرسمية . ويؤكد السفير محمدالعرابى على أهمية وجود آلية لاختيار أعضاء الوفود الشعبية , والتدقيق فى ذلك لتحقق فائدة من زياراتها وليس لمجرد التواجد فقط , بحيث تكون عضويتها متنوعة وتمثل كل طوائف المجتمع والاتجاهات من رجال دين وأدب وسياسة ورياضة لتثبت أن كل قطاعات الشعب تريد توصيل رسالة واحدة , وأن هناك ارادة واحدة للشعب المصرى , مما يعطى ثراء للوفد ويمكنه من أداء مهمته . مؤكدا أن الدبلوماسية الشعبية تكمن قوتها فى هذا التنوع , وهى دبلوماسية غير مدفوعة الأجر, بمعنى أنها لا تأخذ راتب نابعة من موقف وطنى . يقول الدكتور جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد شاركت فى وفود شعبية لايرانوسورياوموسكو , حيث ذهبت أول مرة لايران بدعوة شخصية مع عدد كبير من الشخصيات العامة والفنانين والاعلاميين , وفى المرة الثانية ذهبت لايران بعد ثورة 25 يناير ضمن وفد شعبى كبير بمبادرة من التجمع العربي لدعم خيار المقاومة وبالتنسيق مع الجمعية الوطنية للتغيير ضم الوفد40 شخصية من السياسيين وشباب الثورة والاعلاميين بهدف تعزيز العلاقات مع ايران ودعم جهود الدولة للوقوف ضد الارهاب , وبعد 30 يونيو شاركت فى وفد شعبى لسوريا للتأكيد على وحدة الشعب السورى , والوقوف ضد تقسيم سوريا , وعودة العلاقات بين الأشقاء , ثم قمت بزيارة روسيا ضمن وفد شعبى رفيع المستوى , وتم تمويل زيارة الوفد باستضافة موسكو للوفد , وكانت الزيارة بمثابة مفتاح عودة العلاقات المصرية الروسية . وانتقد الدكتور زهران الوفود التى تذهب الآن للغرب الذى لا يغير مواقفه الا حسب مصالحه فى المنطقة , وتعجب بشدة من الاستجابة لزيارات بعض الوفود والدعم الذى تحصل عليه , والتى ذهبت لدول الخليج مرتين لكى تشكرهم , واتهمها بالبحث عن سبوبة . منتقدا الافراط فى استخدام الأداة الشعبية الذى يُفقد الوفود الشعبية تأثيرها , ولا يجعلها تأتى بنتائج ايجابية . يرى الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس المركزالقومى لدراسات الشرق الأوسط والخبير الاستراتيجى أن زيارة الوفود الشعبية المفترض أن تكون لدول نحتاج لاجراء نقاش معها بهدف لمراجعة موقفها , وايضاح الموقف فى مصر . وأضاف أن الوفود الشعبية ينبغى أن تتكون من خلال الاتصالات والعلاقات بين منظمات المجتمع المدنى , وأن يكون لها أجندة ,ان يراعى فى تشكيلها اجادة لغة الدولة المضيفة , مع وجود تنسيق بين الوفد والدوائر المؤثرة فى صنع القرار فى الدول الأخرى , ولابد من اخطار مسبق لوزارة الخارجية , ووجود ترتيبات وتنسيق معها للاجابة على التساؤلات التى سوف تُطرح أثناء زيارة الوفد . مؤكدا عدم حدوث كل ذلك الآن وعلى أن الوفود الشعبية الآن مسألة ظهور اعلامى . وطالب من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى فى حالة الشروع فى تكوين وفد شعبى الاعلان عنه مسبقا لاعطاء الفرصة للشخصيات والخبرات للتقدم لعضوية الوفد , واختيار الأفضل حسب الملف المثار والدولة المراد زيارتها. بينما ترى الدكتورة نجوى الفوال أستاذ الاعلام السياسى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وجود حالة سيولة و فراغ فى المرحلة الحالية ناتجة عن عدم تبلور قوى تحيط بصانع القرار , وهذا الفراغ يمكن أن يملؤه أى مجموعة أو قوى تحاول أن تحجز لها مكان فى دائرة صنع القرار القادمة , وتتحرك بشكل عفوى وعشوائى لأغراض شخصية ليس فى صالح القضايا التى يتم الدفاع عنها . وتؤكد الدكتورة نجوى ضرورة وضع ضوابط لتشكيل الوفود الشعبية , رغم صعوبة ذلك فى الفترة الحالية لعدم وجود قوى فاعلة تستطيع أن تنظم الوفود الشعبية مثل البرلمان . مؤكدة انضباط ذلك بشكل تلقائى فى أعقاب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية , واختيار من يمثل الشعب المصرى . وتضيف أنه من البديهى والضرورى أن يكون هناك تنسيق بين الوفود الشعبية وبين وزارة الخارجية أو الرى كما فى حالة الوفد الشعبى لسد النهضة , لكن من الواضح غياب هذا التنسيق فى الفترة الحالية مما يُفقد زيارة الوفود الشعبية معناها , لأنها لا تقوم على أساس , أو قدر من المعلومات والحقائق , وبالتالى تتحول لشو اعلامى . توضح الدكتورة حنان أبو سكين أستاذ العلوم السياسية أن الوفود الشعبية هى أحد أنواع العلاقات الدبلوماسية , وتتميز بأنها صوت الجماهير , وهى هامة فى حالة وجود أزمات فى العلاقات أو فى الفترات التى يحدث فيها تحول فى النظام السياسى , وفى نفس الوقت الوفود الشعبية ليست منفصلة عن الدبلوماسية الرسمية , فهى تأكيد للمواقف الدبلوماسية , ومكملة للمجهود الدبلوماسى المبذول . موضحة أن الوفد الشعبى ليس له تكوين محدد ولكن الشفافية تفترض توافر مجموعة من المعايير فى عضو الوفد الشعبى منها أن يكون عضو الوفد على دراية كاملة بموضوع سبب الزيارة , ويفضل أن يجيد لغة التفاوض , وأن يكون واضحا فى ذهنه الهدف من الزيارة وكيفية عرض القضية من حيث توضيح الحقيقة وتفنيد الحجج وايجاد الحلول المناسبة لها , وأن يكون عضو الوفد شخصية عامة لها ثقل بين المواطنين أو على الأقل له احتكاك مباشر مع المواطنين , بالاضافة الى انه يفترض توافر بعض السمات الشخصية فى عضو الوفد منها القدرة على ادارة الحوار واللباقة وتقبل الآخر . وتضيف ان الوفد الشعبى يعرض رأى الدولة فى موقف , ومصر فى مرحلة تحول سياسى ولم تستكمل بناء مؤسساتها بما فيها البرلمان , واختيار الوفد الشعبى فى ظل ذلك لابد أن يكون وفقا لضوابط , خاصة ان هناك وفود غير شعبية يشارك فيها جماعة الاخوان الارهابية وبعض التيارات الاسلامية , تطرح أكاذيب وتشويها للحقيقة بما يسىء لمصر . وطالبت بوجود تنسيق بين الوفد الشعبى ووزارة الخارجية والجهات المعنية , ووجود تصريح للوفد الشعبى للتفاوض والحديث بأسم مصر . مشددة على دور الاعلام فى الرقابة على الوفود لبحث وتحليل النتائج الايجابية التى حققها الوفد الشعبى وعرضها على المواطنين .