بصورة من الأقمار الصناعية، خبير يكشف كيف ردت مصر على إثيوبيا بقرار يعلن لأول مرة؟    تنفيذ 3199 مشروعًا ب192 قرية فى المرحلة الأولى من حياة كريمة بالمنيا    قد تشعل المنطقة بالكامل، إسرائيل تستعد لهجوم واسع النطاق على إيران ولبنان وغزة    اليوم، "مفاوضات خماسية" في جنيف لبحث خطة ترامب للسلام بأوكرانيا    التعهد بزيادة الأموال للدول المتضررة من تغير المناخ في قمة البرازيل    بدأت "بدري بدري" وازدادت خطورتها، تحذير شديد من الأرصاد بشأن الشبورة الكثيفة    الفن اللي كان، ميادة الحناوي تتألق في حفلها ببيروت برشاقة "العشرينيات" (فيديو)    تعرف على موعد امتحانات منتصف العام الدراسى بالجامعات والمعاهد    بقطعة بديلة، وزير الرياضة يلمح إلى حل أزمة أرض الزمالك (فيديو)    وزير الري: مصر تتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان حقوقها المائية في نهر النيل    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    كمال أبو رية: مش بفكر أتجوز تاني.. بحب أسافر وألعب رياضة    موعد مباراة الأهلى مع الإسماعيلى فى دورى نايل    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    أبرزهم الزمالك والمصري وآرسنال ضد توتنهام.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 - 11- 2025 والقنوات الناقلة    فوربس: انخفاض ثروة ترامب 1.1 مليار دولار وتراجعه للمرتبة 595 في قائمة أغنياء العالم    حسين ياسر المحمدي: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. ووجود أبنائه في الزمالك أمر طبيعي    ثلاث جولات من الرعب.. مشاجرة تنتهي بمقتل "أبوستة" بطلق ناري في شبرا الخيمة    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    مصرع شخص إثر انقلاب سيارة نصف نقل في مياه أحد المصارف بالبحيرة    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    : ميريام "2"    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    عاجل- الداخلية المصرية تحصد المركز الثاني عالميًا في أداء الحسابات الحكومية على فيسبوك بأكثر من 24 مليون تفاعل    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    باريس سان جيرمان يكتسح لوهافر بثلاثية في الدوري الفرنسي.. فيديو    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    أبرز المرشحين على مقعد نقيب المجالس الفرعية بانتخابات المرحلة الأولى للمحامين    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سود أميركا بين العرب وأنصار إسرائيل منار الشوربجي
نشر في المصريون يوم 03 - 11 - 2011

لأنني كرست الجزء الأكبر من عملي الأكاديمي لدراسة الولايات المتحدة الأميركية، فقد أدركت منذ وقت مبكر أن سود أمريكا بمثابة حلفاء طبيعيين لنا نحن العرب. وقد انبنت قناعتي الفكرية تلك على أسباب عديدة، منها مثلا أن معاناة سود أمريكا من الاضطهاد والتمييز، تجعلهم أكثر ميلا من غيرهم لتفهم معاناة الشعوب الأخرى.
لذلك فإن السود في أميركا ربما هم أكثر الجماعات تشككا في الروايات الرسمية، خصوصا التي تقدمها الأجهزة الأمنية. فهم يعرفون جيدا أن من تطلق عليه السلطات الأمريكية صفة "إرهابي"، ليس بالضرورة كذلك. فهم اختبروا ذلك بأنفسهم، فقد وصفت تلك السلطات نفسها مارتن لوثر كنغ زعيم حركة الحقوق المدنية، ب"الإرهابي" في الستينات، وكان الرجل يخضع لمراقبة أجهزة الأمن الأمريكية تلك، بحثا في سجله عما يمكن أن يشينه. والكثير من رموز وقيادات السود في تلك المرحلة التاريخية المهمة، اتهموا بالإرهاب.
بل أكثر من ذلك، فإن نيلسون مانديلا ظل "إرهابيا" في الولايات المتحدة، طوال فترة كفاحه ضد العنصرية في جنوب إفريقيا، وهو الوصف الذي لم يتم إسقاطه رسميا إلا بقرار من الكونغرس منذ سنوات ثلاث. معنى ذلك كله، أن الأمريكيين السود ربما هم الأكثر ميلا للتعاطف مع كفاح الشعوب من أجل الحرية والعدل.
ولا يقل أهمية عن ما سبق، ذلك الدور المحوري الذي لعبته الكنيسة السوداء في حركة الحقوق المدنية. فلأن الكنيسة السوداء كانت المؤسسة الوحيدة التي لا يملكها البيض، فقد صارت بالنسبة للسود هي الملاذ والملجأ، وصارت أيضا المصدر الأساسي لتفريخ الرموز القيادية، بمن في ذلك مارتن لوثر كنغ.
والكنيسة السوداء كانت قد قرأت الكتاب المقدس، باعتباره كتابا ثوريا يناهض الظلم ويحارب كل أشكال الاضطهاد. ومن هنا فإن حركة الحقوق المدنية، التي تزامنت في الستينات مع حركات التحرر الوطني في العالم الثالث، أيدت تلك الحركات منذ البداية، لأن سود أمريكا وجدوا في كفاحها خبرة مشابهة لكفاحهم من أجل العدل والحرية في المجتمع الأمريكي. وفي الوقت الذي أيدت فيه تلك الرموز، حركات التحرر الوطنى المختلفة بما فيها حركة التحرير الفلسطينية، فقد وقفت موقفا قويا مناهضا لحكومة جنوب إفريقيا ونظامها العنصري.
وقد كان الموقف من فلسطين ومن جنوب إفريقيا، من أهم أسباب الصدع التاريخي الذي حدث في علاقة السود باليهود في ذلك الوقت، رغم تحالفهم في المراحل الأولى لحركة الحقوق المدنية. فقد كافحت رموز يهودية كثيرة، جنبا إلى جنب مع الرموز السوداء، من أجل المساواة ووضع نهاية للعنصرية والتمييز في المجتمع الأمريكي. لكن موقف إسرائيل الداعم لحكومة جنوب إفريقيا العنصرية، ومواقفها الرجعية من كل قوى التحرر الوطني وقتها، ثم امتناع اليهود الأمريكيين عن إدانة ذلك الموقف الإسرائيلي، كان مصدر استياء بالغ لدى السود، بينما لم تقبل الرموز اليهودية تأييد السود لحركة التحرر الوطني الفلسطينية.
بعبارة أخرى؛ فإن قناعتي بأن السود حلفاء طبيعيون لنا، لم تكن مبنية فقط على اعتقادي بأن خبراتهم ستؤثر على الأرجح في تفاعلهم معنا، وإنما كانت مبنية على وقائع تاريخية محددة، من تأييد واضح ومباشر لحركات التحرر الوطني.
لذلك، ما من مناسبة أتيحت لي في الإعلام المرئي والمكتوب، أو في الدوائر السياسية المعنية، إلا ودعوت من خلالها للاهتمام بفتح قنوات، ليس فقط مع الرموز السوداء، وإنما مع مجتمع السود نفسه. لكنني كنت أعجب من ردود أفعال دبلوماسيينا إزاء ما أقول. فنظراتهم كانت تحمل استعلاء واضحا، يقولون معه وكأنهم يفشون سرا، إن الجماعة السوداء، بل وزعاماتها ليست مؤثرة في السياسة الأمريكية!
ولطالما انزعجت من تلك المقولة، التي تكشف عن جهل بالسياسة الأمريكية من أكثر من زاوية. فهي إحدى تجليات الميل العربي للاقتراب من أعلى سلم صنع القرار في أمريكا، بينما القرارات تتشكل وتصنع فعليا في المستويات الأدنى، ثم يوافق عليها أعلى السلم. لكن الأهم من كل هذا، هو أن الحديث عن الجماعة السوداء ككتلة واحدة، ثم الحكم عليها بالمطلق بأنها غير مؤثرة، أمر ليس له محل من الإعراب. فأنت حين تسعى لخلق تحالف، فإنك تبنيه على المدى الطويل، لا الآني والقصير. فليس صحيحا أن الجماعة السوداء ليست مؤثرة بالمطلق. ففي الكونغرس مثلا، ولأن تولي المناصب القيادية يكون عبر خليط من الأقدمية والانتخاب، فقد صار هناك عدد لا بأس به من السود على رأس لجان مهمة وبالغة الحيوية بالنسبة لمصالحنا.
ولعلك تسأل، عزيزي القارئ، ما مناسبة كل تلك القصة الآن؟ والإجابة هي أن أنصار إسرائيل يسعون اليوم لفعل ما كان ينبغي أن نفعله نحن. فهناك منذ فترة، حملة مكثفة تزداد قوة يوما بعد يوم، تقوم بها منظمات المسيحية الصهيونية، بالتنسيق مع المنظمات اليهودية المناصرة لإسرائيل، هدفها اجتذاب القيادات الطلابية السوداء في كافة الجامعات الأمريكية، وذلك عبر دعوتهم ليس فقط لزيارة إسرائيل، وإنما عبر دعوتهم لحضور اجتماعاتهم ومنتدياتهم لإقناعهم بدعم إسرائيل. ومن الواضح طبعا، أن أنصار إسرائيل يراهنون على الأجيال الجديدة من السود التي لا تحمل ميراث حركة الحقوق المدنية، ولم تكن طرفا في التوتر بين السود واليهود بسبب مواقف إسرائيل الرجعية.
لكن الأخطر من ذلك، أن أنصار إسرائيل يسعون اليوم لاستغلال تدين السود لصالح إسرائيل، وذلك عبر الاقتراب من رواد الكنيسة السوداء، وربط إسرائيل بالتفسير الحرفي للكتاب المقدس، كما يفعل المسيحيون الصهاينة.
أتابع تلك التطورات، وأشعر بالحسرة من موقف العرب جميعا، الذين لم يحركوا ساكنا.. لا قبل هذا التطور ولا بعده.
نقلا عن البيان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.