أكد المستشار بهاء الدين أبو شقة، المحامي بالنقض، نائب رئيس حزب "الوفد"، أن ما يحدث على الساحة حاليا من صراع بين "جناحي العدالة": القضاة والمحامين، هو ظاهرة غير مسبوقة, خاصة أنه منذ نشأة النظام القضائي في مصر يسود الود الاحترام المتبادل بين الطرفين، لأنهما يؤديان رسالة سامية تصب في النهاية إلى العدالة التي هي ملك للشعب. وقال أبو شقة: لقد عملت في بداية حياتي في السلك القضائي وأكن لهذه الفترة كل تقدير، ثم عملت بالمحاماة وهي رسالة سامية لا تقل في علو قدرها عن رسالة القضاء، وعندما بدأت بوادر الأزمة وكان السبب أو المحرك لها هو المادة 18 من مشروع قانون السلطة القضائية وما رآه المحامون افتئاتًا على العدالة قبل أن يكون افتئاتًا على حصانتهم طالبت المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن يصدر بيانا فوريا يعلن فيه أنه لن يصدر هذا القانون وسيتركه لمجلس الشعب القادم باعتباره الممثل للشعب والعدالة وملكًا للشعب ليس لفريق دون آخر وبالفعل استجاب مؤخرًا مجلس الوزراء فأصدر بيانًا بأنه سيرجىء إصدار هذا القانون إلى أن يطرح على مجلس الشعب. ورأى أنه لا بد من أن نبحث عن أساس المشكلة بحثًا أمينًا وصريحًا في تشخيص الداء تشخيصًا صحيحًا لنضع له الدواء المناسب، أما القول بغير ذلك فهو نوع من أنواع المسكنات التي لا تلبث أن نعود إلى أسوأ مما كنا، بمجرد أن تزول أثر هذه المسكنات. وتابع: لذلك ليست المسألة حل المشكلة في لقاءات فردية بممثل عن كل طرف، لأن المسألة أعمق من ذلك بكثير، ونحتاج إلى دراسة عميقة مستفيضة لأصل هذه المشكلة بصراحة وأمانة وأن نضع لها الحلول المناسبة التي تصب في مصلحة العدالة التى يريدها الشعب لأنها ملك للشعب والأحكام تصدر باسم الشعب. وأكد أبو شقة، أنه لابد أن نقف على حقائق وأولى هذه الحقائق أن استقلال القضاء هو مطلب الشعب المصري وليس مطلبًا للقضاة فحسب حتى يكون هناك للقاضي من الضمانات التي تحول وتمنع ما كان يحدث فى الماضي من تدخل السلطة التنفيذية. وأوضح أن تحقيق الضمانات للقاضي يكون عبر إصدار قانون السلطة القضائية بما يضمن للقضاء استقلالاً كاملاً عن السلطة التنفيذية وهذا أمر يطالب به ويصمم عليه الجميع بما فيهم المحامون. في المقابل، أكد أبو شقة أهمية وجود ضمانات للمحامي وهو يؤدى واجبه، وهذا الأمر مستقر عليه ليس في مصر وإنما في كل بلاد العالم، لأن حصانة المحامي ليست لشخصه وإنما الهدف منها أيضا هو تحقيق العدالة، لأنه بمنطق البداهة لا يتصور أن المحامي يستطيع أن يؤدى واجبه كاملاً الذي يهدف إلى تحقيق العدالة وهو يشعر أنه من الممكن في أى وقت أن توجه إليه تهمة إخلال بنظام الحالة وإهانة المحكمة ويودع في قفص الاتهام مع المتهم الذى يحضر للدفاع عنه. وأضاف: لذلك هناك مطلب شعبي في أن نكون أمام ضمانات حقيقية للمحامى أثناء تأدية عمله فى كافة مراحل التقاضى سواء فى أقسام الشرطة أو أمام النيابة وأمام المحكمة وأن نضع نصًا صريحًا بأن أى اعتداء على محام وهو يؤدى واجبه يعتبر بمثابة اعتداء على هيئة المحكمة. وأكد المحامي البارز: لا شك أن هذه الضمانات الخاصة بالسلطة القضائية وما يستتبعها من ضمانات للمحامى نصت عليها اتفاقية مونتريال الخاصة بضمانات السلطة القضائية، وقد وقعت عليها مصر وأهم ما تضمنته هو مبدأ حياد القاضى والذى من لازمه أن القاضى لابد أن يكون خالى الذهن عن القضية وهو يفصل فيها. واستطرد: لذلك لا يجوز للقاضى أن يكون سلطة اتهام وسلطة حكم فى وقت واحد وهو ما يتنافى مع المادة 18 من المشروع، فحتى نقضى على هذه الفتنة ومنعًا من استمرارها أو تكرارها، فلابد أن نعترف بأن هناك مشاكل يعانى منها المحامون كى نقيم عدالة شامخة بجناحيها: القضاة والمحامين بأن نعيد الاحساس لهم بالعدالة، وهو جوهر المشكلة القائمة لأنه ليس هناك صراع بين القضاة والمحامين. وشدد على ضرورة إيجاد الحلول ما يحول دون تكرار اللاعتداء على رجال القضاء، وهو أمر بات ظاهرة فى الفترة الأخيرة ويرسم صورة سيئة للعدالة فى مصر والتى هى ملك للشعب والتى يتعين أن نتكاتف لتظل منصة القضاء شامخة وأن يدرك الجميع أن ما يصدر من أحكام هو عنوان للحقيقة وأن المجال الحقيقى ليس فى الاعتداء على قاعات المحاكم والقضاة وإنما طرق الطعن التى رسمها القانون. وأضاف أبو شقة قائلاً: وعلى ذلك فإننى أقترح على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو مجلس الوزراء ونحن نقدر دورهما فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر تشكيل لجنة لتقصى الحقائق تجمع بين شيوخ القضاء وفصائله المختلفة ابتداء من النيابة إلى القاضى الجزئى إلى قضاة الاستئناف للاستماع إلى كافة آراءهم حول الصورة المثلى لتحقيق العدالة. وطالب بأن تستمع هذه اللجنة أيضًا إلى رأى المحامين على جميع درجاتهم من خلال مجموعة مشكلة تضم كافة درجاتهم فى القيد، على أن تستعرض هذه اللجنة المشكلات الواقعية والحقيقة التى يعانى منها القضاة والمحامون والحلول التى يراها كل لتحقيق العدالة، وعلى ضوء ذلك تنتهى اللجنة بالتوصيات التى تراها مناسبة وفاعلة لتحقيق العدالة بضمانات فعلية للقاضى تمكنه من أداء رسالته السامية فى حياد واستقلال تام، وكذلك ضمانات للمحامى ليؤدى واجبه أمام أى جهة سواء فى المحكمة أو خارج المحكمة دون رهبة، وأن تكون هذه التوصيات نواة لمشروعات قوانين حقيقية يصدرها المجلس الأعلى أو مجلس الشعب القادم. ودعا في النهاية إلى ضرورة ضبط النفس والتوقف عن أى ظهور إعلامى لأى طرف حتى يمكن أن نصل إلى الحل الذى يحقق العدالة التى ينشدها الشعب بقوانين تحقق إستقلال القضاء التام وضمانات كاملة للمحامى.