أظن أن الشخصيات الوطنية الليبرالية يجب أن تقلق من حجم الارتياح الذى يكنه لهم الأمريكان ، وحجم التأكيدات المتكررة فى مؤسسات وأروقة صنع القرار هناك على ضرورة العمل على بناء ودعم تيار ليبرالي مصري . فالأمريكان ينطلقون من فكرة تكاد تصل إلي حد اليقين ، أن نجاح القوى الليبرالية فى مصر سيحافظ على العلاقات الحميمة بين مصر والولايات المتحدة ، وسيحافظ على التزام مصر بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وعلى التعاون المشترك فى مواجهة ((الارهاب )) ، وسيحافظ على الريادة والقيادة الاقتصادية والسياسية لرجال الأعمال والقطاع الخاص المصرى والاجنبى وفقا لآليات الاقتصاد الحر بما يدعم المصالح الامريكية فى المنطقة . * * * وأنا لو كنت ليبراليا لبذلت كل ما فى وسعى لنفى هذه التهمة ، التى أن ثبتت صحتها لا قدر الله ، لوضعتني خارج المشروع الوطنى المصرى المتوافق عليه منذ أكثر من قرن ، منذ زمن الاحتلال البريطانى . بل لوضعتنى أيضا خارج مشروع ثورة 25 يناير التى قامت ضد نظام صنعه الأمريكان طوبة طوبة . * * * ولكن للأسف قليلة هى الشخصيات الليبرالية التى ترغب فى نفى ذلك . بل إن المراقب العادى قد يصدق لأول وهلة هذه التهمة لعديد من الأسباب أهمها : • أن الخطاب الليبرالي المصرى تجاه أمريكا هو خطاب إيجابي فى مجمله . • فلم نسمع أي نقد جاد لتبعية النظام السابق للأمريكان أو للمشروع الأمريكى وسياساته فى المنطقة مثل دعم إسرائيل أو احتلال العراق وأفغانستان أو تقسيم السودان • و لم نطلع على أي برنامج ليبرإلي مصرى مستقبلى ، يتحدث بوضوح عن الرغبة فى تحرير مصر من هذه التبعية . • ولم نسمع أي نقد ليبرالي لقيود معاهدات كامب ديفيد أو أي دعوات منهم لتعديلها ، أو أي إدانة لجرائم إسرائيل . • و لم يسبق أن تحفظ أي من رموزهم على التواصل الدائم مع السفارة الأمريكية وتلبية دعوات الحوار المتكررة معها ، و التي للأسف لحقهم فيها آخرون من تيارات أخرى . • كما أنه من المعروف أن بعض الشخصيات والجماعات الليبرالية المصرية تتلقى دعما من هيئة المعونة الأمريكية ومثيلاتها . • وهى المؤسسات التى تتصدر برامجها وأجنداتها : هدف العمل على تأسيس و دعم ونشر الافكار والمؤسسات الليبرالية الصديقة فى كافة بلدان العالم فى مواجهة باقي التيارات الوطنية . • بل إن البعض من هذه المؤسسات الأجنبية يدّعى زورا وبهتانا أن له فضل فى تفجير الثورة المصرية مثل المعهد الجمهوري و الديمقراطى وفريدوم هاوس ومعهد ألبرت اينشتين وغيرهم . • و حتى أولئك الذين لا يتلقون أي دعم ، يمتنعون عن إدانة التمويل أو المانحين أو مقاطعة الممنوحين ، كما يمتنعون عن إدانة التدخل الخارجى . • كما أن أنصار الليبرالية الاقتصادية من رجال الأعمال المصريين هم شركاء وتابعون لمئات من المؤسسات الغربية الرأسمالية ، تابعون لهم فى المصالح الاقتصادية والسياسية . • ثم هناك تطابق مريب فى بعض الأحيان فى الأجندات والشعارات والمعارك السياسية ، فحين نجد على سبيل المثال أن الغرب يركز على الخوف من التيار الاسلامى الصاعد بعد الثورات العربية ، نجد أن بعض الليبراليين المصريين يضعون التصدي للتيار الاسلامى على رأس أولوياتهم السياسية . * * * ولكن رغم كل هذه المؤشرات ، فأن هناك عديد من الشباب المصرى الثورى الذى قد يميل إلي الأفكار الليبرالية ، ولكنه يرفض فى ذات الوقت التبعية للأمريكان والعمل وفقا لاجنداتهم . ولذلك فإننى أوجه دعوة صادقة إلي هذا الشباب الوطنى الثائر ، وإلي كل الأصدقاء من الشخصيات الليبرالية الوطنية إلي العمل على إزالة هذه الشبهة عن الليبرالية المصرية وأنصارها ، من خلال طرح برنامج عمل وطنى مشترك يضع تحرير مصر من التبعية الأمريكية على رأس أولوياته . * * * * * * [email protected]