شارك البابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية في الاحتفالات التى أقيمت، اليوم الجمعة، أمام النصب التذكاري بمناسبة مرور 100 عام على «إبادة الأرمن على يد الدولة العثمانية». مع عدد كبير من رجال الدين المسيحي في العالم وشارك رؤساء كل من روسيا وفرنسا وقبرص وصربيا فضلا عن وزراء وممثلي 65 دولة ومنظمة دولية، بالإضافة إلى سفراء الدول المعتمدين لدى أرمينيا. وكان عضو «اتحاد شباب ماسبيرو» مايكل سمير قد دعا فى وقت سابق المجتمع الدولي إلى فرض حصار اقتصادي على تركيا، "لإجبارها على الاعتراف ب«مذبحة الأرمن»، وجرائم الدولة العثمانية التي راح ضحيتها قرابة 1.5 مليون أرمني إبان الحرب العالمية الأولى، فما حدث من الأتراك ضد الأرمن وغيرهم «إبادة جماعية امتدت لأكثر من ثماني سنوات، وجاء الوقت على تركيا لسداد فاتورة أسلافها» حسب قوله. وأضاف أن الحكومة التركية الحالية «تسير على نهج العثمانيين، وتواصل إرهاب المنطقة من خلال دعم جماعات الإرهاب مادياً، مثل تنظيم الدولة، والإخوان، لتنفيذ عمليات إرهابية في حق مواطنين أبرياء في مصر وتونس وسوريا والعراق». وعلى جانب آخر، ركزت عدد من الصحف المصرية البارزة بشكل لافت على «مذابح العثمانيين»ضد الأرمن وأفردت لها مساحات غير قليلة على صفحاتها، ليبدو المشهد المصري فى حالة من التكتل الإعلامي والسياسي على المستوى الرسمي ضد «المذابح العثمانية ضد الأرمن عام 1915». وتعتبر مشاركة البابا تواضروس الرمز الأكبر والممثل الرسمي لأقباط مصر وما يمثل من ثقل لأقباط العالم رسالة قوية وواضحة فى عدة اتجاهات ومسارات وتعكس بشكل أو بأخر أن هناك نهجا تصعيديا تتبناه الدولة المصرية فيما يخص التعامل مع تركيا أو القضايا المتصلة بتركيا، ردا على دعمها لجماعة الإخوان، وانتقاداتها المستمرة لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي. كانت أحزاب وقوى سياسية مصرية أطلقت حملة لإدانة تركيا بارتكاب «مذابح إبادة جماعية» بحق الأرمن، ورفع بعض المحامين دعاوى قضائية تدعو الحكومة المصرية للاعتراف بتلك الأحداث التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى. ونظمت جامعة عين شمس مؤتمرا بعنوان «مائة عام على مذابح الأرمن»، ودعت لتغيير اسم شارع سليم الأول -السلطان العثماني الذي فتح مصر- بحي الزيتون في القاهرة، كما دعا رئيس مجلس إدارة دار الكتب حلمي النمنم، مصر للاعتراف ب«مذابح الأرمن»، وبينما اعتبر البعض التحركات المصرية لإدانة تركيا بارتكاب مجازر بحق الأرمن نوعا من المناكفة السياسية مع حكومة العدالة والتنمية التي تصر على مهاجمة النظام المصري، رآها آخرون «ردا طبيعيا» على دعم تركيا «جماعات إرهابية» على رأسها جماعة الإخوان المسلمين. ويشير خبراء إلى أن " إثارة قضية الأرمن في مواجهة تركيا تأتي رداً على انتقادات أردوغان للسيسي، وقد سبقتها مصر بتحركات رسمية لدعم اليونان في القضية القبرصية ضد تركيا. واعتبر البعض أن فتح ملف الأرمن «يأتي ضمن سلسلة تحركات مصرية ضد تركيا. من جانبها ترد تركيا على اتهامها بارتكاب مذابح ضد الأرمن، بالتأكيد على أن ما حدث في 1915، يعود في الأساس إلى تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914. وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي. وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي. وسعيًا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية- بحسب الرواية التركية- إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادةالأرمنية" المزعومة، في كل عام. وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية. ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة. وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية. وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917 تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية.