أنا زعيم، أنا تاريخ، أنا ملك ملوك أفريقيا.. من هؤلاء الجرذان الذين يريدون تخريب ليبيا؟ علينا أن نطهر ليبيا من هؤلاء الخونة. سأقاتل حتى آخر قطرة من دمي والملايين سيتوافدون على ليبيا للدفاع عن الزعيم القائد معمر القذافي!. ماأشبه اليوم بالبارحة فاليوم قتل الزعيم, قتل ملك ملوك افريقيا, قتل الملهم قتل أمين القومية, قتل عميد الحكام العرب, قتل الدكتاتور وسحل ومثل به خير تمثيل لم تتوافد إليه الملايين للدفاع عنه كما كان يحلم لم تمنعه جيوشه ولم تمنعه أمواله ولم تمنعه حصونه ولم تمنعه مملكة افريقيا كلها وملوكها التى انفق عليها مليارات الدولارات التى اغتصبها من قوت الشعب الليبى لينصّب نفسه عليهم ملكا لملوك, نعم من "قتل يقتل". ولكن يبدو أنه كانت هناك عدة سيناريوهات معده سلفا، ومتفق عليها لقتله وليس أسره ولا اعتقاله وقد فضح كل هذه السيناريوهات تضارب الأقوال والتصريحات بين الناتو والمجلس الانتقالى, تماما كما حدث بالأمس فى رواية يوم الأحد 14 ديسمبر من عام 2003 عندما أعلنت قوات الإحتلال الأمريكية عن إلقاء القبض على الرئيس صدام حسين داخل حفرة تحت الأرض بإحدى المزارع ولكن المجرم مهما أحكم التخطيط لابد أن يخطأ ففضحتهم النخلة ذات البلح الأصفر فى غير موعده واليوم قالت فرنسا على لسان وزير دفاعها إن طيرانه شارك مع أعضاء الناتو الآخرين في الإغارة على قافلة من 80 سيارة كان في إحداها القذافي. فلم يقتلوه وانما أوقفوا الموكب. وهجم الليبيون وأمسكوا بالقذافي حيا، وقتلوه قتل على أيدي شعبه وليس بقنابل الناتو ورواية محمود جبريل الثانية بالمؤتمر الصحفى تكذب رواية الناتو وهى أن الثورا أخرجوا العقيد الهارب من أنبوب تحت الأرض وكان يحمل مسدسا ولم يقاوم ولم يتعرضوا له بأذى ووضعوه فى سيارة سليما لتسليمه للمجلس الانتقالى ولكن فى الطريق تعرضوا للإشتباك وتبادل إطلاق النار فأصيب الرجل فى الرأس والصدر, واعتقد أن جبريل قال هذا لتبرئة ساحة الناتو من دم القذافى فمعنى كلامة أن القذافى لم يكن فارا فى الصحراء بموكب ال 80 سيارة, ولكن أيضا لايمكن أن نورط الناتو في هذا لأن تفويض الناتومع المجلس الوطنى كان لحظر الطيران لئلا يقتل القذافي شعبه بالطيران ولم يكن قتل رئيس البلاد من ضمن هذا التفويض. حسنا نقول إن الناتو لا دخل له، وانما الثوار وجدوه . كيف وجدوه؟ مختبئا داخل أنبوب تحت الأرض وعندما أمسكوا به قال لهم "لا تقتلوني يا أبنائي" لكن مارأيناها، كان القذافي موضوعا جريحا على ظهر سيارة ربع نقل "عكّارية" باللهجة الليبية صغيرة يلعب به الشباب ويمثلون به وفي خبر للاسوشتيد برس انهم ساروا به يعرضونه في الشوارع على مقدمة السيارة. ثم انزل وهو جريح وضرب برصاصتين فى الرأس والأحشاء والصبيان لايتورعون حتى من حرمة الموت فنزعوا عنه ثيابه وفعلوا به مافعلو أمام عدسة الكاميرا وهم يصيحون الله اكبر0 القذافي عمره 69 سنة أسير وجريح، والثوار شباب مسلحون، وأمام أعينهم تاريخ أسود طويل من الفساد والقتل والنهب والطغيان لهذا الرجل وحاشيته فماذا عليهم إذا وقع فى أيدهم وهم فى عنفوان الشباب, مع انهم لو فكروا لحظة واحدة فى كلمة الله اكبر التى كانوا يصرخون بها مافعلو بأسيرهم هكذا حتى ولو كان سفاحا وكافرا ومجرما عتيدا، فإن الإسلام الذي علمنا كلمة "الله أكبر" فى ساعة النصر, علمنا ايضا اخلاق للتعامل مع أسرى الحرب. وفي تحليلى للوهلة الاولى وأنا اسمع وأشاهد الأحداث منذ إذاعة النبأ أن ماحدث هو قصف الناتو للموكب وجرح القذافي. ومات من مات وأصيب من أصيب ودمرت السيارات وجاء الثوار ووجدوا القذافي جريحا فأخذوه وأجهزوا عليه، كانت التعليمات خذوه ميتا ، لا نريده حيا. فلقد تعلم الامريكان والغرب من تجربة العراق وأسر صدام حسين وإجراء محاكمة هزلية، قضت بإعدامه، وفتحت عليهم أبواب جهنم ولم يفلحوا فى كبح جماح مقاومة الشعب ناهيك عن الانتقادات الدولية ووجع الدماغ حول كيفية معاملة أسرى الحرب واتفاقية جنيف والمحاكمة والإعدام فمقتل القذافي مريح للغاية للغرب، فبموته سيتم الصمت والسكوت عن الصفقات والأسرار التي جمعته بعدد من رؤساء الدول الغربية، ولاسيما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اكثر المستفدين من القذافي والذى هدده من قبل وعقب إندلاع الثورة بالكلام عن تلقيه أموالا من ليبيا أثناء دعايته الانتخابية ولكن اختفاء القذافى من على الارض سيجعل الصمت يلف الكثير من الأسرار الليبية-الفرنسية وارتياح رئيس الحكومة الإيطالى سيلفيو بيرلوسكوني الذي جمعته علاقات اقتصادية مريبة مع الدكتاتور الراحل وبموته دفنت معه أسراره ولا أستبعد ايضا أن الفيلم الوحشي الذي تقوم به قناة العربية وشقيقاتها من الناطقات بالعربية الآن والمنفذات للأوامر الأمريكية, يعرضهن بين الحين والآخر فرحة الشعب الليبي بقتل القذافي, أن يكون مقصودا لإظهار بربرية العرب والمسلمين الذين يصيحون بأعلى صوت "الله أكبر" وهم يقترفون الإثم ولايراعون حتى تقاليدنا العربية التى تمنعنا من قتل الاسير وقتل الرجل فى موقف الضعف, وايضا لإثبات أن القذافي قتل على أيدي شعبه وليس بقصف الناتو ولكن برغم ماحدث للقذافى ونجليه فمن المنتظر أن يتم الكشف عن الكثير من الملفات السرية التي جمعته بساركوزي وبيرلوسكوني خلال السنوات الماضية وستكشف لنا الأيام القادمة التى أجزم أنها حبلى بالمفاجأت عن نية أمريكا التى ألمحت إليها فى رسائل قصيرة "العجوز المتصابية" كيلنتون أثناء زيارتها لطرابلس منذ ايام لتسليم المجلس الانتقالى شهادة وفاة القذافى وسيناريو النهاية التى لابد فيه من موت بطل المسلسل لأن المخرج لا يريده حياً "واليوم بدأت ليبيا الجديدة - كما بدأ بالأمس العراق الجديد" ولكن ليبيا على الطريقة الأمريكوفرنسية وليس الأنجلوأمريكية ! [email protected]