تواجه مؤسسة الأزهر في القاهرة ظاهرة "الدولة الإسلامية" وممارستها البشعة ببرنامج مكثف يهدف إلى توعية الشباب بمفاهيم الدين الإسلامي "الحقيقية" فيما يخص الجهاد والتكفير وفى حوار للتلفزيون الألماني مع الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر وفى بداية حديثه قيم الدكتور أحمد الطيب، ظاهرة تنظيم "الدولة الإسلامية" والتي ترجع في إيديولوجيتها إلى الدين الإسلامي ومفاهيمه، نحن نعلم أن ما يسمي "بداعش" الآن وحتى الحركات الإسلامية المسلحة كلها، هي ظواهر نشأت من أسباب عديدة. الأزهر كمؤسسة يعلم طلابه أن الإسلام لا يمكن أن ينتشر ولا أن يسود بطريق الحركات المسلحة ولا بالسلاح. الإسلام دين ينتشر بالحجة والمنطق والإقناع وأن الحروب التي حدثت في عصر النبي صلي الله عليه وسلم كانت حروبا للدفاع ولم تكن حروبا للهجوم ولا إلى الاستيلاء على بلاد الناس. وإنما كانت هناك دعوة للإسلام تقوم على الحجة والبرهان، من أراد أن يدخل في الإسلام فليدخل ومن أن أراد أن يحتفظ بدينه فليحتفظ بدينه. هناك حالة واحدة فقط على المسلمين أن يقاتلوا فيها، إذا ما كان الآخر يرفع السلاح في وجوههم. إذا لا فتح للبلاد عندنا بهدف الاستعمار أو بهدف فرض الدين. ما يحدث ألان من الحركات المسلحة خطأ ولا يرضى عنه ولا يقرًه الأزهر انطلاقا من أن الإسلام والقران والنبي صلي الله عليه وسلم لا يقر ذلك. وقال الطيب أن أيديولوجية داعش ، من وجهة نظرنا خطأ شديد وهذا تشويه لفلسفة الإسلام في الحرب وفي الدفاع. هم انطلقوا من تشويه مقولات إسلامية ثابتة، وهي أولا: تكفير المجتمعات المسلمة وتكفير حكام المسلمين ثم ثانيا: وجوب إعلان الجهاد، لان الجهاد عندهم على الكفار. الأزهر والإسلام بريء من هذا الكلام، الأزهر لا يكفر المجتمعات والإسلام يعترف بأن هناك من يكفر به، ولكن لا يجبره على الدخول في الإسلام بحد السيف. هو فقط يدعو بالحجة. حتى كلمة الجهاد في القرآن الكريم، رغم أنها فعلا تطلق على القتال دفاعا عن النفس وعن الأرض وعن العقيدة وعن العرض، إلا أنها أيضا تطلق على الجهاد بالقران، الجهاد بالحجة، الجهاد بالحسنى. وأضاف الطيب أننا الآن بصدد إنشاء مرصد عالمي متخصص بلغات عديدة لمتابعة ما تنشره حركة "داعش" والحركات الإسلامية المسلحة لعرضها على فريق من العلماء الأزهريين المتخصصين يقومون بصياغة الرد ثم ترجمة هذا الرد وبثه على موقع الأزهر الشريف. نحن نعول على هذا الموقع كثيرا في تصحيح المفاهيم الزائفة التي لجأت إليها الحركات الإسلامية المسلحة أخيرا. كذلك نقوم بإعادة النظر في مناهجنا بما يتواءم مع تصحيح هذه الأفكار التي لم تكن موجودة من قبل ولم تكن هناك حاجة إلى أن تدخل في المناهج. ألان أدخلنا في المناهج دراسة مفاهيم الجهاد ، مفاهيم الحاكمية، مفاهيم التكفير. مثل هذه المفاهيم كلها تدرس لأكثر من اثنين ونصف مليون طالب وطالبة فيما قبل التعليم الجامعي ليتعلموا كيف يردوا أو كيف يفهموا أن هذه الحركات حركات خارجة على الإسلام. وقال شيخ الأزهر عن تصحيح المناهج حتى يغير نظرة الشباب إلى العالم على المستوى النظري يمكن أن يتغير نحتاج على المستوى العملي إلى أن تكون هناك تغيرات حقيقية على الأرض. يعني نحتاج - وهذا ما تسير فيه مصر الآن - إلى تنشيط الاقتصاد وخلق فرص العمل. لأن الجانب النظري فقط لا يكفي. فمادام هناك فقر فهناك جهل. العالم الغربي يجب أن يتحمل أيضا مسئوليته في إنقاذ الدول العربية والشرقية من هذا الوحش الكاسر وهو وحش الإرهاب. دول الغرب يجب أن تضع يدها في يد العرب للوقوف صفا واحدا لمقاومة هذا الإرهاب وذلك بالتعاون الاقتصادي وبالتفاهمات السياسية التي تضمن قوة البلاد العربية. كما يجب أن تضمن لهم حائط صد يحول دون أن يعبث بأمنهم هذا الفريق أو ذاك أو هذه الدولة أو تلك. هذا هو الدور المطلوب من شرفاء العالم ومن عقلائهم لأن إذا تُرك الإرهاب هنا لا يظن الغرب أنه سينجو منه. وأوضح الطيب، عن تأخر الأزهر فى هذه الخطوات مؤكدا أن هذه المشاكل لم تكن موجودة من قبل. كما أن المسألة ليست أن تغير الإسلام أو تغير النظرة إلى الإسلام. المطلوب عرض الإسلام كما هو. لأن الإسلام يحترم الأخر و يؤمن بالآخر ويترك له حرية الاعتقاد. نحن نقول إن القرآن هو الذي يحقق السلم والإخاء والسلام الدولي والمواطنة. والتاريخ يشهد بهذا. هذا هو الإسلام الذي نريد أن نعود إليه. لا الإسلام الذي يذبح المسيحي لأنه مسيحي أو يذبح اليهودي لأنه يهودي. لا يوجد في الإسلام شيء من هذا القبيل ولم يوجد، وإنما هذه انحرافات سببها توظيف وتشويه التراث الإسلامي لصالح السياسات العالمية. وأفاد الطيب فيما يتعلق بصور الذبح البشعة التى نشرتها داعش مؤكدا أنها ليست من الإسلام، والإسلام يحرمها تماما ولا يعترف بها. و هؤلاء مفترون على الإسلام، وأرني شخصا واحدا ذبحه محمد صلى الله عليه وسلم. وإذا وجدت أناس يلجأون إلى هذا الأسلوب فاعلم أنهم خارجون على الإسلام ولا تحاكم الإسلام بذلك. وإلا لو حاكمت الإسلام "بداعش" و بالحركات المسلحة، إذا اسمح لي أن أحاكم المسيحية بالحروب الصليبية التي قتلتنا واستعمرتنا وسالت دمائنا مائتي سنة. ومع ذلك لم نحاكم المسيحية ولا يوجد كاتب إسلامي واحد تحدث بكلمة واحدة خارجة لا عن المسيحية كدين ولا عن عيسى عليه السلام كحامل لهذا الدين بل ولم نتحدث عن الصليب.