بعد رفضه الكشف على مُسِنّة ووفاتها.. تفاصيل إغلاق وتشميع عيادة «طبيب قنا» (فيديو وصور)    وزير الصحة يتلقى تقريراً عن خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي خلال الإجازات والصيف    وزير النقل في محطة مصر برمسيس لمتابعة انتظام وانضباط العمل| صور    إحالة العاملين بالوحدة المحلية لقرية البغدادي بالأقصر للتحقيق لتدني مستوى النظافة    رونالدو يحتفل بتتويج البرتغال بكأس الأمم الأوروبية مع جورجينا.. صورة    الجيش الإسرائيلي يجدد تحذيراته لسكان جباليا وسط تصعيد عسكري في غزة    الاحتلال يواصل هدم المنازل في مخيم طولكرم تزامنا مع مواصلة عدوانه لليوم ال134 تواليا    العاهل الأردني: إطلاق مبادرات العقبة للاقتصاد الأزرق والمركز العالمي لدعم المحيطات    تسريبات : شجار عنيف اندلع بالأيدي بين إيلون ماسك ووزير الخزانة الأمريكي في البيت الأبيض    موعد مباراة سيراميكا كليوباترا والبنك الأهلي في نهائي كأس عاصمة مصر    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يشهد احتفالات مبادرة «العيد أحلى»    «الأرصاد» تكشف عن حالة طقس غدًا الثلاثاء.. والعظمى في القاهرة 37    إقامة سرادق عزاء لشهيد الشهامة على مساحة 1 فدان فى مسقط رأسه بالدقهلية    "ريستارت" لتامر حسني يتصدر شباك التذاكر عربياً    حضور جماهيري كبير في احتفالات عيد الأضحى بثقافة الشرقية    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    33 يومًا من الزهد الروحي.. رحلة صوم الرسل في الكنيسة القبطية    رغم إحباط دوري الأمم.. ناجلسمان يرفض تغيير أهدافه في كأس العالم 2026    الدوائر الانتخابية لمجلس الشيوخ الفردي والقائمة بعد نشرها بالجريدة الرسمية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين فى حادث بالدقهلية    في ختام العيد.. شوارع السويس هادئة والشواطئ والفنادق تكتظ بالزوار    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    محافظ بورسعيد يوجه التضامن الاجتماعي لإنقاذ 3 أطفال تم إلقاؤهم في الشارع    بعد الحج.. تفاصيل حفل أحمد سعد في نادي الشمس    مواعيد عمل المتاحف والمواقع الأثرية في عيد الأضحى 2025    خاص| محامي المؤلفين والملحنين: استغلال "الليلة الكبيرة" في تقديم تريزيجيه غير قانوني    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    طريقة عمل الفخذة الضانى فى الفرن بتتبيلة مميزة    في عيد الأضحى.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الكرشة؟    اعتماد كامل لعيادات الأطفال أبو الريش من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    وكيل صحة القليوبية يتفقد المركز الطبي العام ببنها في آخر أيام عيد الأضحى    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    الحكومة تبحث إقرار زيادة جديدة في أسعار شرائح الكهرباء سبتمبر المقبل    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    «عايز يضيف».. ريبيرو يتحدث عن انضمام زيزو إلى الأهلي    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب عن «الاصطفاف نحو الهاوية»
نشر في المصريون يوم 19 - 04 - 2015


الاصطفاف نحو الهاوية
يحتاج الأمر إلى متخصص في تحليل الخطاب السياسي، شرط أن يكون طويل البال، شيالاً للحمول، ومستغنياً عن قدرته الإنجابية، ليدرس كيف ومتى بدأ عبد الفتاح السيسي ترديد كلمة "الاصطفاف"، التي منذ أصبح يكررها في خطاباته وحواراته، باتت "سيرة الاصطفاف" مضغة في أفواه كثير من مؤيديه الذين لن تتوقع منهم أن يتذكّروا، وهم في غمار نشوة التأييد، كيف كان تحقيق الاصطفاف الهواية المفضلة لأعتى طغاة الدنيا، لينتهوا دائماً بالصفوف التي أسلمت لهم القيادة إلى هاوية سحيقة، ولكم في هتلر أشهر صانعي الاصطفاف عبرة، فمن يعتبر؟
في 23 مارس/آذار 1933، عقدت الجلسة الافتتاحية للبرلمان الألماني (الرايخستاج) في دار أوبرا كرول بوسط برلين، بعد أن دمر حريق غامض مبنى البرلمان الأصلي، قبل أسابيع، وكما يروي كيفن باسمور، في كتابه المهم عن الفاشية: دخل النواب إلى القاعة، وسط احتشاد شباب العاصفة النازية الذين ارتدوا شارة الصليب المعقوف، ونادوا القلة المعارضة من النواب، بأوصاف مثل خنازير الوسط، أو خنزيرات الماركسية، برغم أنه كان قد سبق اعتقال النواب الشيوعيين لاتهامهم بإحراق مبنى الرايخستاج، وتم احتجاز عدد غير قليل من الاشتراكيين، وألقي القبض على أحدهم لدى دخوله المبنى.
كان البرلمان، يومها، منعقداً لهدف واحد، هو تمرير قانون تمكين يمنح الزعيم الألماني، أدولف هتلر، سلطة إصدار قوانين من دون موافقة البرلمان، حتى إذا كانت تخالف الدستور، لكن إصدار ذلك القانون نفسه كان يتطلب تعديل الدستور، وهو ما لم يكن يمكن أن يتم بدون موافقة أغلبية الثلثين. ولذلك، كان النازيون يحتاجون إلى دعم المحافظين، وهو ما جعل هتلر، في خطابه أمام البرلمان، يتعهد للمحافظين بأن تمرير هذا القانون لن يهدد وجود البرلمان، ولا منصب زعيمهم الرئيس هيندنبورج، لكي يصوتوا لقانون التمكين. وفي البدء، نجح هتلر في السيطرة على نفسه، خلال إلقاء الخطاب بشكل استثنائي، لكنه انفعل فجأةً، داعيا إلى إعدام مدبر حريق الرايخستاج، متوعداً الاشتراكيين بأشد العقوبات، ليهتف النواب النازيون، في نهاية كلمته، بجنون: "ألمانيا فوق الجميع".
يومها امتلك رجل وحيد الجرأة، ليشق حالة الاصطفاف التي قال هتلر إنها "ستقود ألمانيا إلى سماوات المجد"، هو النائب الاشتراكي أوتو فيلز الذي وقف ليرد على هتلر بشجاعة، مستنداً إلى "مبادئ الإنسانية والعدالة والحرية والاشتراكية"، وبرغم أنه، كما يروي السفير الفرنسي الذي حضر الجلسة، كان يتحدث بنبرة أشبه بصياح طفل مضروب، إلا أن الجميع كان مذهولاً من كلمته، خصوصاً أنه ختمها بالإعراب عن أطيب أمنياته لأولئك الذين تحفل بهم السجون ومعسكرات الاعتقال. وكعادة الطغاة، لم يكن هتلر سعيداً بما قاله فيلز، فلم يكن يكفيه أن تصفق له كل ألمانيا، وأن يجتمع الكل على محبته وتأييده. ولذلك، قام ليرد على فيلز بعصبية محمومة، متهماً الاشتراكيين بأنهم عذبوا النازيين طوال 14 عاما من الحكم، مع أن النازيين لم يعاقبوا الاشتراكيين على أنشطتهم غير المشروعة، إلا بأخف العقوبات، وعندما أطلق النواب الاشتراكيون صيحات تكذيب واستهجان، تعالت صرخات النازيين من داخل القاعة وخارجها "سوف تعدمون شنقاً اليوم".
يومها، وافق البرلمان على قانون التمكين لهتلر، بأغلبية 444 صوتا مؤيداً مقابل 94 صوتاً معارضاً من "الذين تجرأوا يومها على شق صف الأمة الألمانية"، ورفضوا قانون التمكين الذي أطاح سيادة القانون، وأرسى الأساس لسلطة قائمة على إرادة الفوهرر وحده، لا شريك له، ليمنحه الحق في "اتخاذ ما يراه مناسبا لتحقيق المصالح العليا للشعب الألماني ضد أي شخص يعتبره عدوا للأمة الموحدة". وبالطبع، كان الاشتراكيون الذين جرأوا على الرفض أول ضحايا هتلر، لكن قائمة الضحايا اتسعت فيما بعد، لتشمل كل مؤيدي هتلر، والمبررين له والصامتين عليه، لتتخلص ألمانيا من كل أعدائها، وتصبح بلداً موحد الصف، من دون أن يدري أهلها أن ذلك الصف الموحد لن يقودها إلا إلى الدمار الشامل.
في زمان هتلر، كانت وسائل الإعلام تدعو إلى الاصطفاف، لمواجهة تحديات الوطن، لكن المعنى الحقيقي لذلك الاصطفاف كان أن يتحول كل مواطن إلى خروف أخرس، يسير خلف قائد القطيع، من دون أن يمتلك حتى بهجة الارتجال في الثغاء والمأمأة، أو يحظى بحق السؤال عن وجهة سير القطيع، فضلاً عن امتلاك حق الاعتراض على طريقة قيادة القطيع، وهو ما يتكرر، الآن، في زمان السيسي، حيث يعني الاصطفاف المطلوب والمفروض بقوة السلاح وسطوة الكذب، أن يتوحد جميع المصريين على تمجيد شخص القائد الملهم الضرورة، وعلى الحفاظ على حق مؤسسات الدولة المترهلة الفاشلة، في أن تمارس المزيد من النهب والسلب والفساد، وعلى عينك يا شعب.
"يا أخي ملعون أبو ده اصطفاف".
*المصدر «العربي الجديد»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.