ليس التحدى الذى يواجه الثورة الآن بصفة عامة والتيار الإسلامى بصفة خاصة يكمن فى عدد الأتباع والمناصرين لكل فصيل أو تيار حتى يخرج علينا البعض ليدعى أن شعبية السلفيين أكبر من الإخوان فيستلزم الأمر رداً من الطرف الآخر ليقسم أيماناً مغلظة أنهم الأقدم تواجداً ومن ثم الأكثر شعبية فمثل هذه المبارزات الكلامية تصلح لجماهير " الألتراس " فى مدرجات الكرة . أما الإسلاميون فإنهم أكثر الناس علماً ومعرفة بأن العدد لم يكن يوماً معيار الصواب فقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام فرداً ولكنه كان أمة قانتاً لله حنيفاً فلا ينبغى أن ننشغل بتجييش الأتباع وحشد الأنصار انتظاراً ليوم الفصل الانتخابى الذى أتوقعه ملتهباً حانقاً ليس بين الإسلاميين وغيرهم من التيارات السياسية والوطنية الأخرى ولكن بين الإسلاميين بعضهم البعض فالبدايات تنبىء عن النهايات ، والبداية الفاسدة لابد وأن تقود إلى نهاية أكثر فساداً إلا إذا حدث التدارك وتدخل العقلاء وأوقفوا المعارك الكلامية واجتمعوا على كلمة سواء . وما أخشاه حقاً أن يكون كثرة ظهور الإسلاميين فى فضائيات " الفتنة " قد أدى إلى تضخم الذات واحتقار الآخرين فهناك فى مصر من فصائل التيار الإسلامى من يعمل فى صمت وبلا ضجيج وبلا ظهور " فضائى " ولكنى أحسبهم من أكثرنا نفعاً لعباد الله بما يبذلونه من جهد خيرى يمتد إلى رعاية الأيتام وإغاثة الملهوفين والمحتاجين فى مصر وخارجها كغزة والصومال وغيرهما وبالرغم من كل ذلك فلا يكاد يحس بهم أحد .. والجمعية الشرعية مثال واضح على ذلك فهى رائدة من رواد العمل الخيرى فى مصر واستحقت عليه جائز الملك فيصل منذ سنوات ولكنها تعمل فى صمت . هذا الصمت أظن أننا نحتاج إليه هذه الآونة فما يسقط من بعض القادة البارزين فى تيارات مختلفة فى وسائل الإعلام من عبارات جارحة يمتد أثره إلى فضاء الأتباع على الفيسبوك والتويتر سباً وقدحاً بلا اعتراف لفضل أحد أو تقديراً لسبقه ... والمؤلم أن هذا كله يمارس باسم " الإسلام " ومصلحة " الدين " مع أن مصالح الإسلام متعددة ومتشعبة وتحتاج إلى تنوع الجهود وتكاملها وليس تضاربها وتنازعها . وكما قلت أمس فلن يضر فصيل أن يتنازل لإخوانه فى فصيل آخر يراه هو الأجدر بخوض المعركة الانتخابية وتحقيق مصالح الإسلام تحت قبة البرلمان فالشعب المصرى حديث عهد بالحرية ومازال يسأل ما الفرق بين الإخوان والسلفيين ؟!! فتدينه الفطرى لا يقبل بالاختلاف بين أهل الدعوة والإرشاد فما بالنا وهو يرى أمامه أكثر من قائمة ترفع لافتة الإسلام ؟!! هذا الاختلاف إن كنا نفهمه ونتقبله إلا أن عامة الشعب لم تتفهمه بعد وقد يؤدى بها إلى انتكاسة بعيداً عن كل هذه القوائم . وما أكرره ثانياً اليوم أن هذه الرفاهية الخلافية ليس هذا وقتها والذى قد يأتى لاحقاً أما الآن فأظن أن التوحد خلف التحديات هو واجب الوقت . فذات يوم رد المعتمد بن عباد أحد ملوك الطوائف فى الأندلس على مستشاريه الذين نصحوه بمقاومة جيش يوسف ابن تاشفين عندما ذهب لحماية الأندلس من هجمات الفرنجة وحدث قائلاً : لأن أرعى الإبل عند ابن تاشفين خير لي من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو !.. فاجتمعوا عباد الله على كلمة سواء ولا يأنف أحدكم من رعاية إبل أخيه حتى لا يأتى يوم يرغم فيه على رعاية خنازير الآخرين !!!ّ [email protected]