الجماعة لا تزال تضيع أكبر فرصة لإصلاح هيكلها الداخلي..والتغييرات "تجميلية" والقيادات نجحت في استيعاب موجة الانتقادات الداخلية سلط موقع"ميدل إيست بريفينج " الأمريكي الضوء على أزمة جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، والتي يعيشها أعضاؤها والمتضامنون معها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي ، مستعرضا في تقرير نشره ، جملة الإشكاليات التي تواجهها الجماعة في سبيل الخروج من الأزمة و تحقيق مشاركة سياسية واجتماعية قوية ومعترف بها مثل العلاقة مع السلطة الحالية والأزمات الداخلية التي تواجهها الجماعة بين أعضائها . وأشار التقرير إلى أن الحملة التي يتعرض لها كوادر التنظيم حاليا من "حظر قانوني ، مصادرة للأموال ، رفض شعبي ، عزلة واعتقال أبرز القيادات ، جعلت بروز الأزمة الداخلية إلى السطح أمرًا لا مفر منه ، موضحا أن النقطة المركزية في النقاش الدائر داخل أروقة الجماعة هي محاولة تفسير كيف تم إنهاء حكمها لمصر بعد عام واحد فقط بهذه الخاتمة المأساوية. "ميدل إيست بريفينج " استعرضت هناك وجهتي نظر متعارضتين للإجابة على التساؤل المطروح داخل الجماعة، نسبت إحداهما الانهيار إلى أخطاء تم ارتكابها من قبل القيادة، بينما رأى البعض أن المؤامرة كانت كبيرة لدرجة أنه لا يمكن هزيمتها ، حتى ذهب هذا الجدال مباشرة نحو مناقشة البنية الداخلية للجماعة، وعبر عن نفسه في صورة صراع أجيال بين أولئك الذين يلقون باللوم على القيادة وأولئك الذين حاولوا صياغة تفسيرات ذاتية وموضوعية للأزمة. وشدد التقرير على خطأ محاولة فهم أزمة الجماعة في ضوء هذه المعطيات والشروط ، مؤكدا أن "صراع الأجيال" هو تفسير مضلل ، وأن النقاش كان بين أولئك الذين يدافعون عن الطبيعة السياسية للجماعة، وبين المنادين بالعودة إلى دور الدعوة و"أسلمة" المجتمع من خلال العمل التربوي والاجتماعي. ووفقا للموقع الأمريكي ، فإن طبيعة المرحلة التي تعيشها الجماعة هي التي حسمت نتيجة الجدال قبل أن يبلغ نهايته، وكان من الصعب أن يفوز الداعون للعودة إلى الدعوة في حين أن معظم الأعضاء الجدد للجماعة انضموا إليها إبان الاضطرابات السياسية وأحداث الثورة في عام 2011، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الجماعة للقصف بنيران السلطة السياسية. في الواقع، فإن هذا هو مصير أي جدال حول دعوات عدم تسييس الجماعة. واعتبر التقرير أن الجماعة لا تزال تضيع أكبر فرصة لإصلاح هيكلها الداخلي، كما لا تزال أوهام المعسكرين المتنازعين تطغى على القضايا الحقيقية التي ينبغي مناقشتها ، حيث لم يكن ينبغي أن تركز المناقشات حول الدور السياسي في مقابل دور الدعوة، بقدر ما كان ينبغي أن تركز على طبيعة الدور السياسي الذي لعبته الجماعة خلال السنوات الأخيرة، لتحديد الأخطاء وتشكيل مقاربة صحيحة حول طبيعة الدور السياسي الذي يفترض أن تلعبه في المستقبل. سواء أكانت ستحذو حذو حركة النهضة التونسية أو ستواصل ممارسة نفس مسار الإقصاء السياسي والاستبعاد لجميع القوى السياسية الأخرى. وأشار إلى تغييرات "تجميلية" أجرتها الجماعة في سياستها الداخلية عقب انتخاباتها التي انتهت منها في يناير ، حيث أسفرت نتيجتها عن “اللامركزية التنظيمية” التي انتهجتها الجماعة مؤخرا بعد تغييرات هيكلية طفيفة، شملت تحرير الخلايا المحلية من الارتباط الصارم بالأوامر التنفيذية للقيادة وإعادة تعريف دور القيادة الآن في إعطاء الأوامر العامة ، إضافة إلى إعفاء بعض الشخصيات المثيرة للجدل من مسؤولياتهم وإحضار وجوه جديدة إلى الواجهة، جميعهم ينتمون إلى خط المواجهة أو إلى المتطرفين في القيادة . ورأى التقرير أن الجماعة ليست على وشك عبور الأزمة بسبب الطريقة الحالية التي تسير بها الأمور، وأنه ينبغي على أعضاء الجماعة إخضاع كل الممارسات والمواقف والسياسات المطبقة خلال العقود القليلة الماضية من قبل قادة الجماعة إلى نقد تحليلي عميق جدا ، لافتا إلى أن الثورة الحالية داخل جماعة الإخوان المسلمين نجحت فقط في الحفاظ على بعض الممارسات القديمة مع بعض التغييرات السطحية التي تم صناعتها لاستيعاب موجة الانتقادات الداخلية، مما أسفر في النهاية عن المأساة الحالية التي تعيشها الجماعة.