قال معهد كارنيجي إن انخفاض أسعار النفط يمثل فرصة سانحة أمام البحرين لتحقيق الإصلاحات الهيكلية الضرورية للغاية في قطاع الطاقة، وخفض الدعم الحكومي للمحروقات، وفرض ضرائب محدودة. وأكد كارنيجي أنه في المدى الطويل، يتطلب خفض الدعم الحكومي وإصلاح السياسة الضريبية الدعم من شرائح أوسع من المجتمع في البحرين، موضحا أن نجاح الإصلاحات الاقتصادية يتوقف على المناخ السياسي والعقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها.
ويقول التقرير إنه بينما تتّجه البحرين نحو تحقيق عجز مالي كبير في العام 2015، بإمكان الدولة أن تستثمر التراجع في أسعار النفط عبر خفض الهدر على الإعانات الحكومية وزيادة إيراداتها عن طريق الضرائب والرسوم، ويقتضي ذلك من الحكومة القيام بإصلاحات اقتصادية سريعة وحاسمة في الأشهر المقبلة.
وذكر أنه في مطلع الشهر الجاري، رفعت البحرين سعر الغاز الطبيعي المخصص للاستخدام الصناعي بمعدّل 0.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فضلاً عن فرض زيادة بنسبة 25 % في كلفة الجازولين الذي يُباع للمراكب في المراسي الخاصة، وذلك للمرة الأولى منذ العام 1983.
وأشار كارنيجي في تقرير حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الأحد إلى أن البحرين تقدّم مثل دول الخليج الأخرى مجموعة منوّعة من المنافع الاقتصادية لمواطنيها مثل التوظيف في القطاع العام، والرعاية الاجتماعية، والدعم الحكومي للسلع والخدمات، موضحا أن هذه القنوات والآليات تعتبر أداة لتوزيع الإيرادات النفطية أساسية من أجل ضمان الاستقرار السياسي والولاء للنظام.
واعتبر كارنيجي أن الحكومة البحرينية اختارت الوسيلة الأقرب إلى المتناوَل من خلال كبح الدعم للمحروقات، موضحا أن أشكال الإنفاق المتكرر الأخرى ذات الأبعاد الأوسع نطاقاً، مثل رواتب القطاع العام والخدمات الحكومية، فتترتّب عنها استحقاقات أكبر من الناحية السياسية.
وتشير التقديرات إلى أن البحرين أنفقت في العام 2013 نحو ثلث موازنتها الحكومية (أو 9 % من إجمالي الناتج المحلي) على دعم المواد الغذائية والمحروقات والمرافق العامة، وهو أمر غير قابل للاستدامة، حيث يُتوقَّع أن يتجاوز الدين العام 50 % من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري.
ويقول كارنيجي إن خفض دعم للمحروقات يطال حاليا المستخدمين الصناعيين، مايعني أن تأثيرها الاجتماعي يقتصر على الحد الأدنى، بيد أن خفض الدعم لأسعار المحروقات التي يدفعها المستهلكون الأفراد والأسر سيحمل معه خطراً سياسياً كبيراً.
ويرى أن من البدائل المحتملة لبرنامج الدعم الشامل المطبّق حالياً، اعتماد منظومة التحويلات المباشرة إلى الشرائح السكانية ذات الدخل المنخفض، كما هو الحال في الهند مثلاً.
وفي العام 2013، شكّلت صادرات النفط الخام والمكرَّر 88 % من الدخل الحكومي بالبحرين، وبالتالي يؤدي تراجع أسعار النفط إلى انخفاض شديد في العائدات الحكومية، لكن من غير المتوقّع أن تكون له تأثيرات كبيرة على النمو الاقتصادي، نظراً لأن القطاع النفطي في المملكة هو الأصغر في المنطقة ويشكّل نحو 26 % من إجمالي الناتج المحلي.
وفي تقرير سابق نشرته وكالة الأناضول، كشف البنك الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي الستة ستتكبد خسائر بنحو 215 مليار دولار خلال 6 أشهر من العائدات النفطية في حال استمرار أسعار النفط حول 50 دولارا للبرميل، أي أكثر من 14 % من إجمالي ناتجها المحلي مجتمعة.
كان صندوق النقد الدولي قد توقع الأسبوع الماضي أن تصل خسائر الدول المصدرة للنفط بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2015 إلى 390 مليار دولار، نحو 300 مليار دولار أو 21 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون الخليجي، وحوالي 90 مليار دولار أو 10 نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي في البلدان خارج مجلس التعاون الخليجي.
ويضم "مركز كارنيجي للشرق الأوسط"، الذي أسسته في العام 2006 مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي"، مجموعة من الخبراء في السياسة العامة وهو يشكّل مركز أبحاث مقره بيروت في لبنان، ويعنى بالتحديات التي تواجه التنمية والإصلاح الاقتصاديين والسياسيين في الشرق الأوسط والعالم العربي وهو يضم كوكبة من كبار الباحثين في المنطقة من الذين يتابعون أبحاث معمقة حول القضايا الحيوية التي تواجه دول المنطقة وشعوبها.