أسئلتنا أصبحت كثيرة والإجابات قليلة . ضبابية المشهد تتزايد وصرنا نعيش بالتساؤلات ، كنا شعب يجيد النكتة والمرح أصبحنا نتفنن في الأسئلة ، سائق التاكسي وقريبك القادم من الأقاليم والبائع في أي محل يأخذك لنفس التساؤل : البلد رايحة فين ؟ ربما تطمئنه بكلمتين تفاؤل أو تمط شفتيك وتقول ما المسئول بأعلم من السائل ومن قال لا أدري فقد أفتي ، كم الأسئلة التي ترد لأي برنامج تليفزيوني يستضيف معلما أو متخصصا في التربية أضعاف قدرة البرنامج ومع أسئلة الأمهات التفصيلية إلا أن هناك تراجع في المستوي التربوي والتعليمي للأبناء فماذا أفادت المعرفة ؟ أما إذا كان الضيف عالما من علماء الدين فحدث ولا حرج ، سيل من الأسئلة التفصيلية التي قد لا تخطر علي البال تشعرك أن كل فرد يريد مفتيا خاصا ليسأله في كل خطوة يخطوها أسئلة من نوعية : هل لابد أن أفتح الباب بيدي اليمني ؟ ثم إذا فتحه يأتي السؤال التالي وهل لابد أخرج بالقدم اليمني ثم السؤال العبقري وماذا تشير علي أن أفعل بالقدم اليسري ؟ كثرة السؤال ليست من علامات التقوي ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن المغيرة بن شعبه قال سمعت رسول الله يقول ( إن الله كره لكم ثلاثا قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال ) كثرة السؤال لا تزيد المعرفة بل تحد منها لأنها علامة علي البعد عن الفطرة ، فقد كانت الأمهات تربي وتعلم وتوجه بفطرتها أحسن تربية ، كما أنها علامة علي نقص قدرات التفكير الحر والتصرف بمقتضي الحال ، ولذلك ليس غريبا أن يقل الابتكار والإبداع ويصبح الخيال محدودا ، نظرة علي صفحتك علي الفيس بوك ثم علي إيميلك تجد أن قصة (القرد والموز) وقصة (الرجل في القطار وابنه الأعمي) وقصة (المرأة التي تنظر لغسيل جارتها )وأمثالها من القصص الساذجة التي تصلح للأطفال تتكرر مرات ومرات ، لماذا لا يبدع الشباب والبنات الملازمين للنت بلا راحة شيئا من بنات أفكارهم ؟ يمكنهم أن يكتبوا قصصهم الخاصة والمواقف الحياتية التي تمر بهم وستكون أكثر إنسانية وحميمية من تلك الحواديت المستهلكة التي يضيعون وقتهم في نقلها . أما أخطر دلالات كثرة السؤال فهي اختلال الهوية ، في عهد عبد الناصر كنا نعرف أنفسنا أننا مصريون الهوية يدين أغلبنا بالإسلام والباقي بالمسيحية ونحن شركاء في الوطن ونواكب عصرنا بالتعاون والعمل لتحقيق الحلم القومي ، بدأ انهيار الحلم في نكسة 67 وتراكم الإحباط والانكسار ففقدنا الثقة في الحكام ثم وصل الفساد للركب في عهد مبارك حتي تفسخ النسيج الوطني وأصبحنا نري أنفسنا بهويات متعددة ( إسلامي قبطي علماني نوبي ) كل يشد الوطن ناحيته حتي تفسخ وتهرئ وكانت الكارثة المذهلة أمام ماسبيرو منذ أيام ، فاجعة حقيقية في كل جوانبها ومشاهدها حتي أنني لم أكن أصدق ما أراه و أسمعه ، ما يقوله ذلك القس هل يعني به جيش مصر درع الوطن ؟ ولمن يتم توجيه كل هذا الكم من الغضب والطائفية المقيتة ؟ ثم أين الحكومة ولماذا لا تتحرك إلا بعد الكارثة مهما كانت نذرها واضحة ؟ وفي رقبة من دماء الشباب المصري المراقة هدرا ؟ آسفة فقد انزلقت أنا أيضا للتساؤلات وعندي منها الكثير ولكن سأكتفي بالقليل ، ماهي الحلول المطروحة ؟ ما هي خارطة الطريق للمستقبل ؟ وأخيرا هل حقا ما زلنا مصريون ؟ [email protected]