مع حلول فصل الربيع – الذي يعد من أجمل فصول السنة – تحل بعض الأمراض المرتبطة بالأجواء الربيعية كتطاير حبوب اللقاح، وتعلقها مع شوائب أخرى في الطبقات الجوية العربية من سطح الأرض. لذا يصاب الكثير من الأشخاص بالحساسية الموسمية، التي من عوارضها انسداد الأنف، والعطس الشديد، والإصابة بالالتهابات الجلدية، ويتأزم الوضع الصحي أكثر عندما يبلغ الربيع ذروته خلال شهر أبريل حيث تبلغ عملية تلقيح الأشجار والنباتات والزهور أوج نشاطها،وبحسب ما ذكر موقع ساسة بوست، فتنتقل حبوب اللقاح عبر الهواء لمسافات كبيرة، محدثة تفاعلا بينها وبين بعض أعضاء جسم الإنسان، لذلك يعد هذا الفصل الأسوأ عند هؤلاء. حساسية العين تعتبر حساسية العين من أهم أمراض العيون خلال فصل الربيع، وغالبًا تأتي لمن لديهم حساسية عامة في الجسم كالأنف أو الجلد، وهي عبارة عن حمرة وحكة والتهاب تصاحبه الدموع، ناجمة عن عدة عوامل مجتمعة مثل تقلبات الجو وارتفاع درجة الحرارة ورياح الخماسين المحملة بالأتربة وحبوب اللقاح. يشير د. مجدي عبد الحق استشاري طب العيون وجراحتها، إلى أن حساسية العيون تسبّب عدم وضوح الرؤية نهارًا نتيجة لغزارة تلك الدموع ويعقب تلك الأعراض التهاب في القرنية وهي الجزء الشفاف في العين. من جهة أخرى، يتطرق د. أحمد أسامة هاشم أخصائي طب وجراحة العيون إلى مرض الرمد الذي يحدث نتيجة إصابة العين بعدوى بكتيرية سريعة الانتشار تسبب التهابا والذي يحدث بسب الالتهابات المزمنة التي تترك بدون تلقي المريض أي علاج وغالبا ما تصيب العينين. وينصح الأطباء بالحرص على غسل الوجه عدة مرات بالماء البارد، وعمل كمادات مياه مثلجة مرة صباحا ومرة مساء، والابتعاد عن أشعة الشمس ولبس نظارة شمسية وتجنب الأتربة واستخدام قطرات مضادات الحساسية، تحت إشراف الطبيب المعالج. حساسية الأنف تعتبر حبوب اللقاح والأتربة الناعمة من أهم مسببات حساسية الأنف التي قد يفقد معها المريض حاسة الشم وقد تحدث مضاعفات للمريض مثل التهاب الأذن الوسطى والجيوب الأنفية. وتتمثل أعراض هذه الحساسية برشح مائي مع تضخم لغضاريف الأنف، والتي تؤدي إلى انسداده، وأيضًا الشعور بحرقة بالداخل مع الرغبة الشديدة في حك هذه المنطقة تعقبه نوبات شديدة من العطس، وتتكرر هذه الأزمات مع التعرض للأشياء المسببة للحساسية. تسمى هذه الحساسية ب”حمَّى القش” التي تؤكد دراسة أن ما بين 15 حتى 20 في المائة من الناس يعانون من حمى القش التي يتوالى ظهور أنواعها بشكل ملحوظ على مدى فصل الربيع، خصوصا في الأيام الأكثر دفئا مما يؤدي إلى ظهور أعراض صحية تُقلق المصابين بحمى القش. يقول د. مصطفي عبدالحليم استشاري، أن التلوث البيئي من الأسباب الرئيسية لهذه الحساسية، علاوة على الإسراف في تناول الغذاء المثير للخلايا الحسية بالأنف، كما تلعب الوراثة دورًا رئيسيًا في الإصابة بهذا المرض. الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالحساسية، وينصح د. عبد الحليم بالابتعاد عن الأماكن الملوثة بالأتربة وغبار المصانع والحذر في تناول الغذاء المثير للحساسية كالموز والعدس والشيكولاتة والفراولة والمانجو، أما الحليب فرغم أنه من أسباب الحساسية في حال الإفراط فيه، إلا أننا نستطيع أن نستثنيه نظرًا لارتفاع فائدته الغذائية، والانتباه لعدم الانتقال المفاجئ من درجة حرارة عالية إلى منخفضة أو العكس. وتشير دراسة طبية حديثة إلى أنه من بين 8 من كل 10 مصابين بحساسية الأنف، يزعجهم انسداد الأنف أثناء الليل، ويجعل نومهم العميق شبه مستحيل، بل ويوقظهم من النوم في فزع حتى مع استعمال نقط الأنف، وتنتشر حساسية الربيع بكثرة بين أطفال المدارس لكونهم يقضون أوقاتا طويلة في الخارج. حساسية الجلد الجلد هو أكثر أعضاء جسم الإنسان تعرضا لتقلبات الطقس والجو، ويعتبر فصل الربيع من أكثر فصول السنة مسببا للمشكلات الجلدية حيث ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأتربة وحبوب اللقاح مما يؤثر بشكل مباشر على الجلد. ويقول أستاذ الأمراض الجلدية د. هاني الناظر أن هناك عدة صور للحساسية الجلدية، أبرزها العامل الوراثي، ومنها ما هو مرتبط ارتباط وثيق بالعامل النفسي والعصبي, وقد تنتج من تناول نوع معين من الطعام أو الشراب مثل الموز والفراولة والمانجو، ويضيف د.هاني: أن هناك نوعًا من الحساسية مرتبط بارتداء الملابس ذات الألياف الصناعية والأصواف وآخر يتسبب فيه لدغة بعض الحشرات. ومن أهم الأمراض الجلدية التي تنتشر في فصل الربيع “الإكزيما” ، والتي تنتج عن الحشرات؛ كالناموس والبراغيث، ويعتبر الأطفال الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحساسية، وتظهر على شكل حبوب حمراء تسبب حكة وهرشا، كما تقول د. ندا عبدالفتاح استشارية الأمراض الجلدية، أن من أشهر أمراض الربيع الجلدية “الجديري المائي”، وهو مرض معدٍ، فضلاً عن أنه يصيب مناعة الجسم. فالطفل عرضة للإصابة بأي مرض آخر خلال تلك الفترة. ولهذا من الضروري عزل الطفل المصاب لأنه يصبح بذلك مصدرًا لعدوى الآخرين. وتنصح استشارية الأمراض الجلدية د.هدى خالد القضاة للحفاظ على البشرة في موسم الربيع بتجنب أشعة الشمس المباشرة قدر الإمكان خصوصا وقت الذروة، كما يُنصح باستخدام كريم الحماية من الشمس «طبي» والذي يحمل عامل حماية لا يقل عن 30 % من تركيبه، وكذلك الحرص على الترطيب المستمر للبشرة باستخدام الكريمات التي تحتوي على ماء وزيوت، والإكثار من الأكل الصحي لاسيما الفواكة والخضار والتي تحتوي على مضادات للأكسدة، خاصة الجزر لأنه يحتوي على الكاروتين الذي يحمي البشرة من أشعة الشمس، كما تنصح بتناول الماء بكميات كافية يوميا وذلك للتقليل من جفاف الجسم ولجعل الجلد أكثر نضارة وحيوية. الخمول والكسل يشعر الكثير من الناس بالتعب والميل إلى النوم رغم تحسن الجو في الربيع، ويفسر الأطباء ذلك بأن الجسم يحتاج إلى مزيد من الطاقة خلال فترة التغير هذه ولأن مستويات السيروتونين في الجسم لا تزال منخفضة في هذه الفترة. يقول طبيب الباطنة والأستاذ بالقسم الطبي في جامعة كولونيا، ميشائيل ستيمبل، إن من الشكاوى الشائعة في الربيع الشعور بالتعب، والدوار، والتهيج، والصداع والحساسية الخفيفة لتغيرات الطقس والشعور بالحزن، إلا أن الفئات المعرضة للخطر بصورة خاصة هي كبار السن، الضعفاء، النساء والأشخاص الذين يعانون من عدم استقرار في الدورة الدموية. ويوضح الطبيب النفسي في هامبورج ميشائيل شيلبرج أن الجسم يفرز المزيد من السيروتونين (وهي مادة عصبية فعالة في الأوعية) بسبب الأشعة فوق البنفسجية، ويعرف السيروتونين بأنه “هرمون السعادة” ، غير أن الأمر يستغرق بعض الوقت حتى يتفوق السيروتونين على هرمون الميلاتونين، الذي يولد الشعور بالنعاس، فالجسم يفرز كميات أكبر من الميلاتونين في أشهر الشتاء التي يطول فيها الليل وتقل فيها أشعة الشمس، هذا “الصراع” بين السيروتونين والميلاتونين يتسبب في إرهاق الجسم حسب شيلبرج. وترى أستاذة علم المناخ الطبي في جامعة ميونيخ أنجيلا شوه: “أن الميل إلى الكسل والنوم في فصل الربيع هو رد فعل يتسم بالخمول على التغيرات التي تحدث في الطبيعة، وتضيف أن جسم الإنسان ينظم عملية الأيض (التمثيل الغذائي) ومستويات الهرمون لديه بما يتماشى مع المؤثرات الخارجية مثل الضوء ودرجة الحرارة. فعندما يكون الجو باردا ومظلما، يعمل الجسم على حماية نفسه. كما يزيد تقلب درجات الحرارة بين الليل والنهار من وطأة الضغط على الأوعية الدموية والدورة الدموية. ووفقا للظروف المناخية، ربما يتزامن الخمول في فصل الربيع مع التحول إلى التوقيت الصيفي، وتلعب العادات الشخصية دورًا هي الأخرى، مثل كيفية تنظيم المرء لنشاطه اليومي. وتختلف أعراض الخمول في الربيع من شخص لآخر على نحو واسع. ويمكن لأولئك الذين يعانون من الخمول في فصل الربيع أن يخففوا أعراضهم باستخدام وسائل بسيطة، ومن أجل مقاومة الشعور بالتعب والإرهاق في الربيع، يوصى بممارسة التمارين الرياضية والاستحمام بالمياه الساخنة والباردة بالتناوب وجلسات حمامات البخار (ساونا) والخروج من المنزل لفترة قصيرة من حين لآخر دون ارتداء ملابس شتوية.