على مدى ثلاثة أيام تحتفل مدينة "وافر"، جنوب العاصمة البلجيكية، بروكسل، بتنظيم أحد أهم الكرنفالات الشعبية في بلجيكا والتي تجلب إليها الزوار من كل مكان؛ احتفالاً بانتهاء فصل الشتاء وحلول فصل الربيع. وبحسب الموروث الثقافي الشعبي، يشكّل الكرنفال الذي انطلقت فعالياته السبت ويتواصل حتى اليوم الإثنين أهم مظاهر الاحتفال في هذه المدينةالجنوبية، وتمتد جذوره إلى القرون الوسطى، ما جعل كرنفال "وافر" من بين أقدم كرنفالات الشارع الصامدة في أوروبا. وفي حديث للأناضول، قالت رئيسة بلدية وافر، فرانسواز بيجولي، إن هذا الاحتفال الشعبي يعتبر أحد أهم ركائز الموروث الثقافي في منطقة "وافر"، ويتم تنظيمه سنويا منذ مئات السنين. وأوضحت بيجولي أن الكرنفال انطلق فعليًا السبت ولكنه أخذ زخمه الأحد لينتهي الإثنين حتى قدوم الثلاثاء الذي يسمى فلكلوريا ب"الثلاثاء الدسم" حيث يتم خلاله تناول وجبات تقليدية وشعبية تتميز بالدسامة إعلانا عن انقضاء فصل الشتاء وتمهيدًا لبداية موسم الصيام الذي يدوم 40 يومًا ينقطع خلالها الناس عن أكل اللحوم وكل ما ينحدر منها من أجبان وحليب ومختلف المنتوجات الغذائية الحيوانية. أصول الكرنفال يصعب تتبعها إلا أن المؤرخين ودارسي الفلكلور البلجيكي يرجعون خصوصية هذا الفولكلور إلى العديد من الأساطير المرتبطة أحيانا بشخصيات أسطورية أو تاريخية. ورغم أن أيام الكرنفال لا تتزامن بالضرورة مع قدوم فصل الربيع حسب التقويم الرسمي للبلاد والذي سيكون يوم 20 مارس الجاري، إلا أن إنجاح الكرنفال جماهيريًا تطلب استغلال عطلة نهاية الأسبوع. وبحسب مراسل الأناضول، تجوب طوال اليوم شوارع المدينة شخصيات "الجيل" وهي شخصيات أسطورية تمثل مزيجًا بين الشخصيات الدينية والشعبية الأسطورية، لتلقي على الحضور المصطفين على حافتي الشوارع بالبرتقال. ويتهافت الأهالي المصطفون على حافتي الشارع نحو جمع البرتقال والتباهي فيما بينهم بما جمع كل منهم من البرتقال الذي تلقيه شخصيات "الجيل" حيث يرمز البرتقال لديهم إلى الفرح، بحسب مراسل الأناضول. وينتهي الكرنفال عند غروب الشمس بعد أن جاب الأهالي شوارع وأزقة مدينة "وافر" بالموسيقى والعروض الشعبية والكرنفالية، انتهاءً بوسط الساحة الكبرى التي تتوسط المدينة وإشعال نار ضخمة، إعلانا عن بداية فصل الربيع بدفئه وانقضاء فصل الشتاء ببرده القارس وثلجه المشل لحركة التجارة والتنقل. ويسود الكرنفال جوًا من المرح، حيث يُشارك الآلاف من سكّان المدينة في إعداد الملابس وفي التدريب على قرع الطبول والحفلات الراقصة القائمة حول استقبال فصل الربيع. وبلغت الاحتفالات أمس الأحد ذروتها حيث اكتظت شوارع المدينة بسكان المنطقة وبالسياح الوافدين للمناسبة من مختلف مناطق بلجيكا ومن دول أخرى للمشاركة في الاحتفال. ويتميز كرنفال "وافر" بأنه أحد أبرز الاحتفالات الشعبية التي تتميز بالعفوية والتزام المشاركين فيه بالإعداد له وفعالياته. ويفخر سكّان المدينة فخرًا شديًا بالاحتفال ويسعون جاهدين للمحافظة على الفنون والحرف الفلكلورية في إعداد أزياء الكرنفال التقليديّة وزينته ورقصاته وموسيقاه.