بعد أن استعرضنا وجهة نظر الدكتور " عبد الحميد أبو سليمان " رئيس المعهد العالمي للفكر الاسلامى ، حول إشكالية الاستبداد والفساد في الفكر والتاريخ السياسي الإسلامي، محددا ملامح الأزمة في الواقع العربي والاسلامى ، وكما تم طرحها في المقال السابق ، تحت عنوان" إشكالية الاستبداد والفساد السياسي". يشير المؤلف إلى خارطة الطريق التي تدفع نحو الخروج من نفق الاستبداد والفساد السياسي ، في العالم العربي والاسلامى ، وعلى ضوء ما جرى ويجري اليوم من حراك في البلاد العربية عامة وفي مصر خاصة لما لها من ثقل ودور محوري في العالم العربي ومنطقة "الشرق الأوسط"، حيث يطرح سؤاله المحوري : ما الموقف المطلوب اليوم من جماعات الحركات الإسلامية المعاصرة في مجال العمل السياسي في البلاد العربية والإسلامية، والأمة على مفترق طرق، إما إلى إصلاح الأنظمة والقضاء على التبعية، وإما إلى خدمة المخططات المعلنة لتمزيق العالم العربي والإسلامي وإشاعة الفوضى، ومزيد من الصراعات، على أساس عرقي وطائفي. وبالتالي، إلى مزيد من الضعف والتخلف والتبعية. فهل الأصوب والأمثل أن تبني الأمة نظاماً اجتماعياً سياسياً جديداً يؤسس لنهضة وإصلاح إسلامي حضاري معاصر؟ أو أن تغنِّي حركات التغيير والإصلاح وجماعات الحركة الإسلامية خارج السرب والعصر كما يقولون؟ وبذلك يسهل على أعداء الأمة في الداخل والخارج الالتفاف على هذا الحراك التغييري الإصلاحي وتدميره؛ طمعاً من حركات الإصلاح والتغيير في الحصول على مكاسب وهمية آنية زائفة، وليكون ما حدث من ثورة وحراك للشباب والأمة مجرد حلقة جديدة من حلقات انقلابات الدكتاتورية والفشل، ومزيداً من الاستعباد والتدهور والتخلف، وتمكيناً لأنظمة الاستبداد والفساد، تهدر بها دماء الشهداء، وتفلت بها من بين يدي الأمة فرصة تاريخية أخرى، لكي تبدأ الأمة الإسلامية عصر الحرية تتويجاً لجهود حركات الصلاح والإصلاح، بعد قرون طويلة من المظالم والتدهور والتردي، على الرغم مما بذله الكثيرون من الإصلاحيين من جهود النوايا الطيبة لأن النوايا دون علم وخبرة وحنكة لا تجدى ولا تكفى. إذا لم نتعلم ونتيقن هذه الدروس والعظات فإن أعداءُ الأمة المتربصون بها سيوظفون حراك ما تفجر من ثورة الأمة وشبابها؛ كما ذكرنا لمزيد من السيطرة الغاشمة على الأمة ومقدراتها، وللعمل على مزيد من تخلفها ونهب كنوزها وثرواتها، وتنفيذ مخططات مزيد من تفتيت دولها وأراضيها وشعوبها بسبب غفلتها وغياب وعيها وقصور فكر قادتها. لقد دخلت إلى العراق مئات الألوف من الجنود الرسميين وغير الرسميين، ومع ذلك فقد تركت البلاد في حالة فوضى عدا السيطرة على وزارتين إحداهما وزارة البترول، ثم أشعلت بالكذب والتضليل والصدامات المدبرة من المتنكرين واستخدام "البلطجية" و"الشبيحة" لإثارة الفتنة بين العرب لتقسيمهم إلى فئتين متصادمتين متعاديتين على أساس طائفي: شيعة في الجنوب وسنة في الوسط. وقسّمت أهل السنة على أساس عرقي: عرب في الوسط وأكراد في الشمال. وبالطبع، فهناك الشمال الأفريقي المغاربي الذي يتكون من العرب والأمازيغ (البربر)، ومن الأباضية والمالكية، ومثل ذلك دينياً وعرقياً وقبلياً في باكستان وأفغانستان وغرب أفريقيا. ولعل الرسالة التي يجب على مختلف تنظيمات الحركة الإسلامية أن تعيها بشكل جيد، وبخاصة في مصر ، أن يأتي فعلها فعلَ مبادرةٍ وعملٍ مدروسٍ متفاعل مع الواقع بكل تحدياته وإمكاناته لإعادة بناء الدولة وتشكيل النظام الاجتماعي والسياسي الإصلاحي النهضوي النموذجي الإسلامي المعاصر. وأخيراً أيها الثوار ، ما لم ندرك ونصلح، ونجعل مصيرنا وقرارنا بيدنا، فالأعداء بالمرصاد، ولن ينجو من المصير المظلم حاكم ولا محكوم. وللحديث بقية حول خارطة الطريق للعلاقة بين العمل الدعوى والعمل السياسي للحركات والجماعات الإسلامية . [email protected]