" للمرة الأولى أعلن أنني لم أوقع على القرار الصادر عن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بإعلان مرسي رئيسًا للبلاد، بصفتي عضوًا فيها، وتعود الأحداث إلى أنه عندما كنت عضوًا باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية 2012 بصفتي رئيسًا لمحكمة الاستئناف والتي تتشكل من 5 أعضاء برئاسة المستشار فاروق أحمد سلطان، رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية كل من المستشار ماهر على أحمد البحيري، النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا، والمستشار محمد ممتاز متولي النائب الأول لرئيس محكمة النقض، والمستشار أحمد شمس الدين خفاجي النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ولما علمنا أن هناك بطاقات انتخابية تم تسويدها وتحديدًا البطاقات القادمة من المطابع الأميرية، ومنع أقباط من التصويت في بعض الدوائر الانتخابية، اعترضت ومعي المستشار أحمد خفاجي على اعتماد نتيجة الانتخابات بفوز مرسي، وطلبت إعادة الانتخابات في تلك الدوائر، إلا أن المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين في المحكمة الدستورية، عضو اللجنة العليا وقتها، رفض الأمر، وقال لي إن فارق الأصوات بين مرسي وشفيق "مليون صوت"، وفى حال إعادة التصويت في تلك الدوائر مرة أخرى فإنها لن تغطي هذا الفارق في الأصوات، وتم الإعلان عن فوز مرسي وصدر قرار عن اللجنة بذلك، ولم أوقع عليه ومعي زميلي أحمد خفاجي حتى تعاد الانتخابات في تلك الدوائر المطعون عليها بالتزوير، وصدر القرار بتوقيع باقي الأعضاء الثلاثة، مع العلم أن القرار يكون صحيحًا بتوقيع ثلاثة أعضاء، إلا أنني سجلت موقفي واعتراضي على عدم إعادة الانتخابات مرة أخرى في تلك الدوائر". هذه إجابة المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف السابق لأحد أسئلة جريدة "فيتو" في حوار معه حول حقيقة عدم توقيعه على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الخاص بإعلان فوز الرئيس المعزول محمد مرسي بالرئاسة. والجديد في كلام المستشار عبد المعز هو عدم توقيعه وزميله المستشار خفاجي على قرار فوز مرسي، وهو أعلن أنه يقول هذا الكلام لأول مرة، وهي أول مرة فعلا نقرأ مثل هذا التصريح. إذن، هى كانت انتخابات جدلية منذ بدايتها، ولم ينتهي الجدل بإعلان النتيجة رسميا وتسلم مرسي مهام منصبه ، فالجدل حول النتيجة مازال مستمرا لليوم بدليل تلك المعلومة الجديدة بعدم توقيع مستشارين عضوين في اللجنة على قرار إعلان فوز مرسي بالرئاسة، واتصور أن الجدل لن يتوقف طالما هذا الملف الذي وصل للقضاء وهناك تحقيقات تمت فيه لم يُحسم ولم يتم الكشف عن النتائج التي توصل إليها قاضي التحقيق، كما لن يتوقف الجدل طالما أن المرشح المنافس أحمد شفيق المقيم في دبي منذ إعلان النتيجة في يونيو 2012 يعتقد في قرارة نفسه بأنه الفائز، وليس شفيق وحده بل معه مناصريه الذين كانوا يقودون معركة الانتخابات ويجزمون بأن مرشحهم هو الفائز. انتخابات وحيدة جرت في أجواء نزاهة وشفافية وحيادية في تاريخ الاستفتاءات والانتخابات الرئاسة في مصر خلال أكثر من نصف قرن، لكنها لم تسلم من الشكوك وتبادل الاتهامات وهي نفسها الانتخابات التي أدخلت مصر إلى نفق الأزمة بعد عزل الرئيس الفائز بها الذي أكمل عاما واحدا فقط في القصر. متى يتم إنهاء هذا الملف وغلقه للأبد؟، أم أنه سيظل واحدا من الألغاز في مصر؟، لماذا لا يتم الإفراج عن نتائج التحقيق الذي أجراه المستشار عادل إدريس؟، هل هناك مخاوف قانونية ودستورية مثلا ستترتب على إعلان نتائج التحقيقات إذا جاءت لصالح شفيق؟. اتصور أن تلك المخاوف كانت ممكنة قبل إجراء انتخابات الرئاسة وفق خريطة الطريق التي فاز بها السيسي حيث ربما كان للفريق شفيق في ظل وجود رئيس مؤقت معين أن يطالب بحقه في كرسي الرئاسة مع العلم أن قرارات اللجنة الانتخابية الرئاسية محصنة، وبالتالي ما أعلنته من فوز مرسي كان قرارا صحيحا، وحتى بدون توقيع عضوين من أعضائها الخمسة، وهما المستشاران عبد المعز وخفاجي كما قال ذلك عبد المعز بنفسه. أيضا ما قاله رئيس محكمة الاستئناف السابق من أن المستشار حاتم بجاتو قال إن إعادة الانتخابات في الدوائر التي اعترض على نتائجها مع خفاجي لن يغير من النتيجة شيئا لأن الفارق مليون صوت لصالح مرسي - الفارق الدقيق 883 ألف صوت - هو كلام دقيق حيث قاله بجاتو بنفسه عدة مرات على إثر توضيحاته الكثيرة بعد إعلان النتيجة وتصاعد احتجاجات عليها في وسائل الإعلام، وبجاتو قال فعلا إنه لو أعيدت الانتخابات في كل الدوائر مجال الاعتراض وفاز بها كلها شفيق فلن تغير من النتيجة النهائية حيث سيظل هناك فارق أصوات لصالح مرسي. اتوقف عند نقطة الاحتجاج بتسويد بطاقات تصويت المطابع الأميرية لمرسي وهي واحدة من الاتهامات المتداولة، وببساطة إذا افترضنا صحة أن هناك تزويرا حصل في المطابع، أي تم وضع علامة صح أمام مرسي فكيف لم يستبعد كل قاضي وجد تلك البطاقات؟، وإذا كان القضاة قاموا باستبعادها، فهل وصلت بطاقات من هذا النوع في الصناديق، وكيف ؟. وهل لم يتنبه الناخب إلى أن البطاقة التي بين يديه مسودة لمرشح معين، وكيف سكت عنها، وإذا افترضنا أنه سكت لأنه مؤيد لمرسي، فكيف يسكت المؤيد لشفيق ويلقيها في الصندوق؟. خطورة مثل هذا الكلام أنه يدخل القضاة المشرفين على اللجان المشكوك فيها طرفا في أي حديث عن تسويد أو تزوير، وخطورة كلام المستشار عبد المعز إبراهيم اليوم أنه ليس ايجابيا للجنة الانتخابات رغم أن الأيام والأحداث الدراماتيكية طوت ما جرى، ولا أظن أن القضاة يمكن أن تطالهم شبهات من هذا النوع لأن أي انتخابات يشرف عليها القضاة يكون موثوقا في نتائجها سواء قبل ثورة يناير أو بعدها، والإشراف القضائي الكامل على الانتخابات هو مطلب حزبي وسياسي وشعبي في السابق واليوم. تمنيت لو كان قاضي التحقيق في قضية التزوير قد انتهى من عمله تماما، واستراح ضميره لما توصل إليه من نتائج بنزاهة ودقة ومهنية واحترافية، وتمنيت لو كان تم إعلان نتائج تحقيقاته، ولو كان مرسي فاز دون وجه حق فإن ذلك كان سيسحب من يديه ويدي الإخوان ومناصريهم ورقة الشرعية التي يتمسكون بها ويريدون استعادتها، بل ربما كان ذلك يسهل التوصل إلى حلول للأزمة في إطار أي مبادرة حيث لن يكون بند الشرعية مطروحا رغم أنه سيفقد الإخوان الورقة الأهم التي يرفعونها ويتحصنون وراءها، رغم أنها الورقة التي كان فيها خطأهم الكبير، وتسببت في مأساتهم الكبرى وخروجهم من المشهد إلى حين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.