غدا تنظم مليونية "استرداد الثورة".. العنوان بالغ الدلالة، ولست مع من يقول إن الثورة لم تُسرق حتى تسترد.. ربما يكون ذلك صحيحا لأية مقاربة تقرأ بدقة المزاج المصري العام بعد ثورة 25 يناير.. غير أن المشهد يتحرك نحو "هندسة" الوضع الجديد إما ل"الخدمة" لصالح الحكام الجدد.. أو لاستنساخ "مبارك جديد"، يأتي على مقاس تهدئة المخاوف الأمريكية والإسرائيلية من الحكومة المدنية المنتخبة، وغياب القوى السياسية التي اعتادت "تدليل" الكيان الصهيوني لصالح أجندة التوريث وأحلام البيت الرئاسي؟ بعض القوى عادت سيرتها الأولى، وشرعت في تسويق "فزاعة الفتنة" والتخويف من مليونية "استرداد الثورة".. وقبلت ب"الطوارئ" التي اكتوت هي ذاتها به.. بزعم أن الحل في الانتخابات.. فيما تم تطويح الأخيرة ومطها لخلق مسافات زمنية بعيدة يجري الرهان عليها.. لعل التطورات في المسافة الفاصلة بين اليوم وموعد استحقاقاتها، تفرز وضعا لصالح ما يحاك من سيناريوهات خلف الأبواب المغلقة. المشكلة التي تُقلق الآن .. أن البعض يغضب لنفسه أو لتنظيمه أو لجماعته، وعلى استعداد أن يقدم "شهداء" أو تحريك مليونيات "تنظيمية" حال تعرضت مصالحه الآنية والضيقة لأية مضايقات..فيما يبدو بردا وسلاما إزاء ما يتعرض له الوطن من مخاطر حقيقية، قد تعيد البلد للخدمة في بلاط مبارك مجددا من تحت الطاولة!. مطالب "مليونية غد" مشروعة ومقبولة، وتأتي في سياق هو الأخطر والأثقل من عمر الثورة.. فقانون الطوارئ أعيد مجددا، ولا ندري على وقه اليقين متى سيكون في مصر حكومة منتخبة أو رئيس منتخب.. ومتى سيترك المجلس العسكري السلطة والعودة إلى ثكناته! البلد في حالة سيولة غير مسبوقة، والوضع لم يرق أبدا إلى أحلام وأشواق المصريين الذين صنعوا ثورة 25 يناير.. ولم يشعر الناس حتى اللحظة بالأمان لا في لقمة العيش ولا في الشارع ولا في تفاصيل الحياة اليومية.. فيما انفصلت همومهم عن هموم النخبة وطفقت الأخيرة تبحث عن مصالحها مع المجلس العسكري بعيدا عن نبض الشارع وأشواقه. ثمة أحساس بأن القوى السياسية الشكلية، شرعت في تحويل دماء الشهداء إلى مناطق نفوذ وعلاقات مصالح مع السلطة.. وإلى بضع مقاعد في مجلس الشعب القادم.. وربما فيما بعد تتحول دماء الشهداء إلى شيكات وحسابات في البنوك ويُمسي المناضلون السياسيون باشاوات يرتعون في نعيم السلطة وثرواتها اقتداءا بسنة مبارك وعائلته وحاشيته ونظامه الفاسد. الثورة في خطر.. كل الدلائل تؤكد ذلك.. وفي لحظة غفلة يمكن أن "تُنشل".. ولا أمل في "أمراء السياسة" و"أثرياء المعارضة".. الأمل معقود فقط على نواصي الثوار في الميادين و الشوارع وفي هج الثورة والحفاظ على عنفوانها.. وفي وحدة الصف وإعادة اللحمة مجددا إلى القوى الوطنية المصرية، ففي وحدتها يولد النصر.. كما أشرق فجره على ربوع المحروسة يوم الحادي عشر من فبراير الماضي. [email protected]